يشهد قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة تحولات عمرانية كبرى مع انطلاق أشغال هدم مباني المحج الملكي بالدار البيضاء، إيذانا بالشروع في إنجاز مشروع حضري ضخم بكلفة تناهز 3,7 مليار درهم. ويُرتقب أن يمتد هذا الورش لـ 5 سنوات، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى إعادة تأهيل المحور الرابط بين مسجد الحسن الثاني وشارع محمد الخامس، بما يجعله أحد أبرز الفضاءات العصرية التي ستعزز صورة المدينة قبيل احتضان المغرب لكأس العالم 2030.
وبالتزامن مع انعقاد الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة الدار البيضاء اليوم الثلاثاء 2 شتنبر 2025، شرعت السلطات في تسريع هدم المباني الآيلة للسقوط داخل نطاق المشروع. وقد رُصدت ميزانية تناهز 12.79 مليون درهم لكل من الشطرين الثامن والتاسع، في خطوة عملية تعكس بداية تنزيل المشروع على الأرض بعد سنوات من التوقف.
الاتفاقية الجديدة تقضي بنقل ملكية العقارات من شركة سوناداك إلى الجماعة مجانا مع إسقاط الديون، فيما يتكفل صندوق الإيداع والتدبير (CDG) بتمويل عمليات إعادة إيواء نحو 16 ألف أسرة و2500 محل مهني، دون تحميل ميزانية الجماعة أي أعباء مالية إضافية. أما مهمة المواكبة الاجتماعية فقد أوكلت إلى شركة "كازا إسكان والتجهيزات".
تفاصيل الاتفاقية الجديدة
أسندت مهمة الإشراف المحلي على التنفيذ لجماعة الدار البيضاء، بينما تتولى ولاية جهة الدار البيضاء-سطات متابعة سير الأشغال وضمان احترام الإطار القانوني.
ومن جانبها، توفر الوكالة الحضرية الدعم التقني وإعداد المخططات العمرانية اللازمة، في حين يضطلع صندوق الإيداع والتدبير بدور محوري في التمويل والإشراف المالي. أما شركة "سوناداك" فهي المطور الأولي للمشروع وصاحبة الأصول العقارية المرتبطة به، في الوقت الذي تكلفت فيه شركة "Casablanca Iskane & Équipements" بتنفيذ العمليات العملية على الأرض، بما يشمل إعادة الإيواء، والهدم، وأشغال التهيئة.
وتتضمن الاتفاقية، حسب مصدر موثوق من جماعة الداراليبيضاء، هدم وإعادة تأهيل المباني الآيلة للسقوط ضمن نطاق المشروع، إعادة الإيواء والتعويض للأشخاص المعنيين ضمن إطار المشروع، مع تقديم مساهمات مالية محددة لتغطية تكاليف إعادة الإيواء والهدم، وكذا تمويل مستدام عبر مساهمة مالية دورية من "سوناداك" تصل إلى 250 مليون درهم كل ستة أشهر إلى غاية 2029.
ويندرج المشروع في رؤية حضرية ترمي لتحويل المحج الملكي إلى واجهة عصرية تمتد من مسجد الحسن الثاني إلى قلب المدينة، تجمع بين مساحات خضراء، وفضاءات عمومية، ومحاور منظمة لحركة السير.
للإشارة، فمنذ الإعلان عنه قبل 36 سنة، ظل مشروع المحج الملكي عالقاً بين التمويل والتنسيق، ليتحول إلى رمز للتأجيل. لكن اليوم، ومع الحسم في الشراكات المالية والمؤسساتية، ودخول الجرافات إلى الميدان، ينتظر البيضاويون أن يشكل المشروع منعطفا جديدا في تاريخ مدينتهم، وأن يكون محطة فارقة تعيد الاعتبار لصورتها كـ"مدينة المستقبل".