بعد أيام من التوتر والعنف الذي أعقب احتجاجات حركة "جيل زاد"، عرفت شوارع عدد من المدن المغربية، من بينها الرباط والقنيطرة، أمس الخميس وقفات احتجاجية سلمية، عكست رغبة الشباب والمواطنين في التعبير عن مطالبهم بطريقة حضارية ومسؤولة، مع رفض واضح لكل أشكال التخريب والتأكيد على أن السلمية والحوار يشكلان الخيار الأمثل للمطالبة بالإصلاح.
في مدينة القنيطرة، كانت ساحة المحطة الكبرى للقطار مسرحا لوقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الشبان، الذين حرصوا على تقديم صورة مغايرة لما وقع قبل أيام، فقد رفعوا شعارات تطالب بإصلاح التعليم والصحة وتوفير فرص الشغل، مؤكدين سلمية احتجاجاتهم ورفضهم القاطع للفوضى، كما رددوا شعارات تنادي بمحاربة الفساد وتحسين ظروف العيش، مع التشديد على أن "المخربين لا يمثلونهم".
وفي تصريح لجريدة "الصحراء المغربية"، قال أحد المحتجين المنتمي إلى "جيل زاد" إن "أحداث العنف والتخريب التي شهدتها بعض المدن في الأيام الأخيرة لا تمت بصلة لحركتنا، ولا تعكس مطالب الشباب الباحث عن الإصلاح"، مضيفا أن "مطالبنا مشروعة، لكننا ضد العنف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وضد الاعتداء على رجال الأمن".
من جانبها، أوضحت أمينة، طالبة جامعية مشاركة في الوقفة، أن "هذه المحطة الاحتجاجية جاءت للتأكيد على أن الشباب قادر على ممارسة حقه في التظاهر بوعي ومسؤولية، دون منح الفرصة لبعض من وصفتهم بـ"الفوضويين والمخربين" في استغلال الاحتجاجات لممارسة أعمال الشغب والعنف ضد المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، مشددة على أن "المطالب الأساسية تتمثل في تحسين جودة التعليم والصحة وفتح آفاق تشغيلية للشباب".
في المقابل، أدان عدد من المواطنين بشدة أعمال التخريب التي رافقت احتجاجات سابقة في عدد من المدن المغربية، والتي شملت تكسير واجهات المحلات وإضرام النيران ونهب متاجر وأبناك وتخريب سيارات، واعتبر هؤلاء أن مثل هذه الأفعال لا تخدم الصالح العام وبعيدة كل البعد عن المطالب الاجتماعية التي رفعت خلال الاحتجاجات، وأكدوا أن هذه الممارسات المدانة تزيد الوضع توترا وتزرع الخوف وعدم الطمأنينة في نفوس السكان..
ووصف مواطنون استمعت إليهم "الصحراء المغربية" ما جرى بـ"الانحراف الخطير" عن الطابع السلمي للوقفات والمسيرات التي تشهدها البلاد بين الفينة والأخرى، مؤكدين أن "الاحتجاج الحضاري هو الوسيلة الأنجع للتعبير عن المطالب وإيصالها إلى الجهات المسؤولة، ودعوا، في المقابل، إلى التمسك بالسلمية والحوار، باعتبارهما الطريق الأمثل لتحقيق الإصلاح وضمان وصول صوت الشباب بشكل واضح ومسؤول.
وكانت جماعة سيدي الطيبي بإقليم القنيطرة قد شهدت، ليلة الأربعاء الخميس، اندلاع أعمال عنف وشغب، حيث قام محتجون، أغلبهم من المراهقين، بإحراق حافلات النقل العمومي وتخريب واجهات البنوك ونهب المحلات التجارية، مما أسفر عن أضرار مادية جسيمة وأثار حالة من الرعب بين سكان الجماعة الذين أعربوا عن إدانتهم الشديدة لهذه التصرفات، بينما في مدينة سلا، شهدت أحياء الأمل واشماعو أحداث شغب مماثلة، تضمنت إحراق وتخريب وكالتين بنكيتين، إلى جانب إحراق سيارات للشرطة والاعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، وقد أسفرت هذه الأحداث عن اعتقال أكثر من 90 شخصا، معظمهم من القاصرين، بتهم تتعلق بالتخريب والسرقة.