معرض الفرس الجديدة.. خياطة الجلابيب: قصة حرفة مهددة بالاندثار

الصحراء المغربية
الجمعة 03 أكتوبر 2025 - 12:35

على رواق بسيط بين أروقة معرض الفرس بالجديدة، يجلس عبد الله صبحي، خياط تقليدي قادم من مدينة فاس، عاصمة الصناعة التقليدية. لا يملك صبحي ما يلفت الانتباه سوى إبرته، وخيوط الصوف التي تحولت بين يديه إلى جلابيب وسلهامات تنطق بذاكرة المغرب وعمقه الثقافي.

بملامح هادئة وصوت يغلب عليه الحنين، يقول صبحي: "هذه الصنعة لم تعد تلقى الإقبال كما في السابق، شباب اليوم لا يرغبون في تعلمها، بينما يظل الطلب محدودا، غالبا من الفرسان الذين يحتاجون السلهام في المناسبات".
السلهام الواحد، كما يشرح، يكلف حوالي 1500 درهم، أكثر من نصفها يذهب لشراء المواد الأولية مثل "العدة" و"الصابرة" و"العقاد". أما ما يتبقى، فهو بالكاد يكفي لتغطية جهد أسابيع من العمل المضني.
بالنسبة لعبد الله صبحي، لم تكن مشاركته الأولى بمعرض الفرس مجرد عرض لمنتجاته، بل نافذة للتعريف بموروث يراه في طريقه إلى الاندثار. يقول: "المعرض فرصة لنقول إن الحياكة ليست مجرد ملابس، بل ذاكرة وهوية، جزء من الفروسية المغربية وفن التبوريدة".
ويثمن صبحي جهود المنظمين في خلق فضاءات للترويج ومنح جوائز تشجيعية، لكنه لا يخفي قلقه من مستقبل هذه الحرفة، داعيا إلى مزيد من الدعم والتكوين حتى لا تنقرض.
الحياكة، كما يعرفها صبحي، ليست مهنة عادية. إنها فن ارتبط بحياة المغاربة عبر قرون، من الجلابة والقفطان إلى البرنس والسلهام، ومن الزرابي إلى الأقمشة المزخرفة. كل قطعة تحمل رمزا جماليا واجتماعيا، وتعكس ثراء المخيال الشعبي.
في عالم الفروسية، لا يكتمل حضور الفارس في ساحة التبوريدة إلا بسلهامه أو برنسه، وكأن الحياكة تكتب على جسد الفارس سطور الهوية المغربية.
ورغم الصعوبات وتراجع العوائد الاقتصادية، يرى صبحي بصيص أمل في الاهتمام الرسمي بهذه الحرفة، عبر برامج الدعم والتكوين والمشاركة في المعارض الوطنية والدولية. بالنسبة له، الحفاظ على الحياكة ليس مجرد مسألة اقتصادية، بل مسؤولية جماعية لحماية تراث مادي ومعنوي يروي حكاية المغرب للأجيال القادمة.
 




تابعونا على فيسبوك