فاجعة جديدة في المدينة القديمة تعيد جدل المباني الآيلة للسقوط بالدارالبيضاء

الصحراء المغربية
الأربعاء 22 أكتوبر 2025 - 12:02

في قلب المدينة القديمة للدار البيضاء، وتحديدا في درب الرماد، استفاق سكان الحي صباح الأربعاء على مشهد مأساوي بعد انهيار منزل مكون من أربعة طوابق، أودى بحياة شخصين وأصاب اثنين آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.

الحادث، الذي وقع في واحدة من أكثر المناطق هشاشة عمرانيا، أعاد إلى الواجهة السؤال القديم الجديد حول مصير المباني الآيلة للسقوط في العاصمة الاقتصادية، وحول بطء معالجة هذا الملف الذي يهدد حياة المئات من الأسر يوميا.

وفور إشعارها بالحادث، هرعت إلى عين المكان السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية، حيث باشرت عمليات الإنقاذ والبحث وتأمين محيط المبنى المنهار، وسط حالة من الذهول والخوف بين الساكنة التي عاشت دقائق من الرعب وهي تتابع انهيار جدران طالما نبهت إلى خطرها.

ووفق المعطيات الرسمية، فإن البناية المنهارة كانت مدرجة منذ سنة 2012 ضمن لائحة المباني الآيلة للسقوط، وصدر في حقها قرار بالإفراغ من طرف السلطات المختصة، تجاوب معه أغلب القاطنين، في حين رفضت بعض الأسر مغادرة المكان رغم التنبيهات المتكررة.

المصادر ذاتها أكدت أن المصابين جرى نقلهم إلى المركز الاستشفائي الجهوي مولاي يوسف لتلقي العلاجات الضرورية، فيما تم إشعار النيابة العامة المختصة التي أمرت بفتح بحث قضائي لتحديد ظروف وملابسات الحادث وترتيب المسؤوليات.

لكن خلف البيان الرسمي، يبرز واقع أكثر تعقيدا. فالمدينة القديمة بالدار البيضاء، التي تحمل ذاكرة العاصمة الاقتصادية، باتت اليوم تعاني من تقادم عمراني خطير، حيث تشير أرقام مجلس المدينة إلى أن أزيد من 2500 بناية مصنفة في خانة الخطر تتوزع على أحياء مثل المدينة القديمة، بن مسيك، ودرب السلطان.

وفي كل مرة تقع فيها فاجعة، يعود الجدل نفسه: إلى متى سيظل هذا الملف حبيس القرارات الإدارية؟ ولماذا لا يتم إيواء الأسر المتضررة بشكل مستدام بدل الاكتفاء بحلول ظرفية؟

يقول أحد سكان الحي المنكوب "كل عام نسمع عن مشاريع الترميم وإعادة التأهيل، لكن الواقع لم يتغير. المنازل تتهاوى أمام أعيننا، وكأننا نعيش على قنبلة موقوتة".

من جهتهم، يرى عدد من المهندسين والخبراء أن إشكالية المباني المهددة بالانهيار ليست تقنية فقط، بل اجتماعية أيضا، إذ ترتبط بضعف إمكانيات الساكنة، وتعقيد الوضعية القانونية للملكيات، وغياب تنسيق فعلي بين مختلف المتدخلين من سلطات وجماعات ومؤسسات تمويلية.

ويبدو أن هذه الفاجعة الجديدة ستعيد الضغط على السلطات المحلية لتسريع تنفيذ برنامج معالجة البنايات الآيلة للسقوط، خصوصا أن موسم الأمطار بات على الأبواب، ما قد يضاعف المخاطر في عدد من الأحياء الشعبية.

ومع كل سقوط جديد، يتأكد أن المدينة القديمة في الدار البيضاء لم تعد تتحمل مزيدا من الانتظار، وأن إنقاذ الأرواح لم يعد مسألة تقنية، بل أولوية حضرية واجتماعية يجب أن تترجم إلى أفعال ملموسة، قبل أن تتحول ذاكرة المكان إلى ركام آخر يضاف إلى قائمة طويلة من المآسي.




تابعونا على فيسبوك