في قاعة الاجتماعات الكبرى بمقر جماعة الدار البيضاء، ارتفعت الأيادي بالموافقة، وصوت المجلس بالأغلبية على ميزانية سنة 2026.
أرقام مطمئنة على الورق
5,2 مليار درهم كمداخيل، و782,9 مليون درهم لميزانية التجهيز، وفائض متوقع يبلغ 692,9 مليون درهم. لكن في الخارج، في أحياء مثل سباتة، وسيدي مومن، والحي المحمدي، وأناسي، وحي مولاي رشيد، السؤال مختلف تماما: هل ستصل هذه الأرقام إلى الشارع؟
الجلسة التي ترأستها نبيلة الرميلي، رئيسة مجلس الجماعة، خُصصت لمناقشة والتصويت على 41 نقطة مدرجة بجدول الأعمال، تمت المصادقة على 34 منها، فيما تم تأجيل الحسم في سبع نقاط لأجل مزيد من الدراسة والتدقيق.
ومن بين أهم النقاط المصادق عليها، برمجة اعتمادات مالية جديدة في ميزانية التجهيز لسنة 2025، وتحويلات داخل حسابات المقاطعات، بالإضافة إلى برمجة الدفعة الثالثة من القرض الإضافي الممنوح من البنك الدولي، الموجه لدعم مشاريع البنية التحتية وتحسين الخدمات.
وأكدت الرميلي، في كلمتها بالمناسبة، أن ميزانية 2026 وُضعت وفق رؤية متوازنة تراعي مبادئ النجاعة والحكامة المالية، وتستجيب للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إرساء نموذج حضري جديد يجعل من الدار البيضاء مدينة ذكية في خدماتها، ومندمجة في بنياتها، وإنسانية في تدبيرها اليومي.
وتُقدر مداخيل التسيير بـحوالي 5.2 مليارات درهم، بزيادة 4 بالمئة مقارنة مع السنة السابقة، فيما تبلغ ميزانية التجهيز نحو 782.9 مليون درهم، ويُنتظر أن يحقق الفائض المتوقع 692.9 مليون درهم، في حين يُقدّر إجمالي الدين للسنة المقبلة بـ 430.7 مليون درهم، وهي أرقام تعكس حرص المجلس على الحفاظ على توازن مالي مستدام دون المساس بقدرات المدينة الاستثمارية.
وترتكز البرمجة الجديدة على مواصلة تعبئة الموارد الذاتية للجماعة، عبر توسيع الوعاء الضريبي، وتحسين التحصيل، وتثمين الرصيد العقاري، إلى جانب تعزيز الشراكات مع القطاعين العام والخاص لتسريع إنجاز المشاريع الكبرى التي تعرفها العاصمة الاقتصادية.
فمن إعادة هيكلة الشبكات الطرقية، وتوسيع شبكة النقل العمومي، إلى تطوير المرافق الرياضية والثقافية، تسعى الدار البيضاء إلى ترسيخ مكانتها كقاطرة اقتصادية للمغرب، وواجهة حضرية تعكس طموحات البلاد في التحديث والتنافسية.
معمل معالجة للنفايات
كشفت الرميلي خلال الاجتماع عن أهمية مشروع معمل معالجة نفايات الدار البيضاء الذي خصص له اقتناء عقار تبلغ مساحته 260 هكتارا، بكلفة إجمالية تناهز 580 مليون درهم تُؤدى على ثلاث سنوات.
وسيُخصص جزء من هذا العقار (حوالي 50 هكتارا) لإنشاء منصة موحدة لتجميع أسواق الخردة والمواد المستعملة المنتشرة حاليا في مناطق سيدي مومن وعين السبع وسباتة، وذلك بغية إعادة تنظيم هذا القطاع الذي يشكل أحد الرهانات البيئية والاقتصادية الكبرى للعاصمة الاقتصادية.
كما أعلنت الرميلي عن حصول المدينة على قرض إضافي بقيمة 80 مليون درهم من البنك الدولي مخصص لاقتناء أرض مشروع "المنصة الغذائية"، الذي يدخل في إطار تصور أوسع لتجميع الأنشطة التجارية وتحسين تدبيرها داخل فضاءات منظمة ومجهزة.
لكن هذا الطموح الكبير، كما يؤكد بعض المتتبعين، يظل مشروطا بمدى قدرة الجماعة على ترجمة الأرقام إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية، خصوصا في مجالات السكن غير اللائق، والإنارة العمومية، والمساحات الخضراء، وهي الملفات التي ما زالت تشكل نقطة ضعف في المشهد الحضري للمدينة.
ورغم ذلك، فإن ميزانية 2026 تحمل في طياتها رؤية واقعية ومفتوحة على الأمل، تسعى إلى جعل الدار البيضاء مدينة متصالحة مع سكانها، تجمع بين ثقلها الاقتصادي وروحها الاجتماعية، وبين طابعها العصري وذاكرتها المغربية الأصيلة، بحسب نائب العمدة مولاي أحمد أفيلال.