"الفيلر" و"البوتكس".. بيـن البحـث عـن الـوجـه الـمثـالي والمخـاطـر الخـفـيـة

الصحراء المغربية
الثلاثاء 18 يناير 2022 - 15:47

«تورمت شفتي بالكامل ولم أعد قادرة على الخروج من المنزل أو الذهاب للجامعة».. بهذه الكلمات تحكي حياة، وهي طالبة جامعية، عن تجربتها مع تقنية «الفيلر»، مستحضرة كافة الظروف التي مرت بها خلال الأشهر الماضية.

 و»الفيلر» مادة طبيعية تحقن تحت الجلد لتعبئة الفراغات بهدف تكبير حجم منطقة معينة أو إخفاء التجاعيد الناتجة عن التقدم في العمر. وتصف حياة هذه التجربة بالسيئة والمريرة، فرغم مرور ثلاثة أشهر على حقن «الفيلر» إلا أنها مازالت تعاني من التورم، لتقول بنبرة حزينة «حياتي انقلبت رأسا على عقب، وكل ما أتمنى اليوم أن تعود شفتي كما كانت في السباق». وحكت لـ»الصحراء المغربية» أنها لم تكن راضية عن شكل شفتيها بسبب الانتقادات الواسعة، التي كانت تتلقاها من قبل أصدقائها وأفراد عائلتها، الأمر الذي جعلها تفقد الثقة في نفسها وتقرر اللجوء لتقنية تسمى «الفيلر»، لتوضح قائلة «لم أكن قادرة على تكاليف الذهاب إلى طبيب تجميل، وبالتالي اضطررت للبحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن مركز خاص للتجميل بتكلفة أقل». وبالفعل، وجدت حياة مركزا للتجميل بثمن مناسب بالدارالبيضاء، لكنها لم تتوقع أنها ستدفع الثمن غاليا. إذ أن الأمور صارت عكس ما كانت تتمنى، بل صارت تعاني مشاكل إضافية في شفتيها جعلها تندم على اللجوء لمحاولة تقويمها في مركز التجميل المذكور.. أنوثة صارخة

تقول لمياء، وهي أيضا طالبة تتابع دراستها بسلك الماستر، إنها ذهبت إلى أحد مراكز التجميل لإزالة نذبات حب الشباب عن طريق جهاز البلازما، للحصول على وجه صاف وأكثر نظارة، بحجة أننا في عصر أصبح فيه الجمال وفق معايير محددة. وأوضحت لمياء في حديث مع «الصحراء المغربية» أنها كانت متحمسة جدا للنتيجة ولمظهرها الجديد، لكن الرياح لا تجري دائما كما تشتهي السفن، «لأن الدكتور- تقول - تسبب لي بحروق في وجهي»، مؤكدة أنها لم تعد قادرة على رؤية وجهها في المرآة، فهي غير مصدقة لما حدث لها. وأضافت لمياء «المشكلة هي أن أفراد عائلتي لم يكن لديهم علم بذهابي إلى مركز التجميل، وبالتالي كان رد فعلهم قويا»، موضحة أنها لم تستطع تفسير مصدر تلك الحروق لهم. لكنها استطاعت في الأخير التخلص من تلك الحروق بعد زيارتها لطبيب مختص، إلا أن نفسيتها ماتزال متأثرة بالحادثة، لتختتم حديثها قائلة «لا يمكنني أن أنسى ما حدث، لكنني أنصح النساء بتقبل شكل أجسادهن كما هي، وعدم الانصياع وراء صور الأنوثة الصارخة على مواقع التواصل الاجتماعي».

آثار جانبية في المقابل، تقول حنان، وهي ممرضة، إنها بدأت إجراءات حقن مادة «الفیلر» منذ العشرينات من عمرها، وإنها لم تعان من أي مضاعفات أو آثار جانبية، مؤكدة أنها في البداية كانت ترفض الفكرة إيمانا منها بأنها ليست بحاجة الى عمليات تجميل أو شيء من هذا القبيل. وأوضحت أثناء حديثها مع «الصحراء المغربية» أن «هذه الفكرة بدأت تختفي شيئا فشيئا بعد رؤيتي لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ومدى إقبالهم على حقن «الفيلر» و»البوتكس»، واستعمال المستحضرات الطبية للحصول على وجه مثالي، لأقتنع بعدها، وأقرر حقن شفتي بـ»الفيلر»، لتعزيز ثقتي بنفسي أكثر». النتيجة التي حصلت عليها حنان كانت في مستوى تطلعاتها، حسب رأيها، لدرجة أنها أصبحت مواظبة على زيارة طبيب التجميل كل ستة أشهر تقريبا لتعبئة شفتيها، معتبرة أن التجميل أصبح من متطلبات العصر الأساسية في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه لا يشكل أي خطورة على البشرة بقدر ما يساهم في إبراز ملامحها وإخفاء عيوبها. إقبــال كـبيـر

في هذا الاتجاه، يقول الحسن التازي، أخصائي في الجراحة التجميلية، في تصريح لـ»الصحراء المغربية» إن «هذه الحقن التجميلية لا تشكل أي خطورة على البشرة في الغالب، إلا أنها قد تسبب أحيانا حدوث بعض المضاعفات في حالة لم يكن الطبيب الذي أجراها مختصا»، موضحا أن هناك إقبالا كبيرا على عمليات التجميل والطب التجميلي بشكل عام من قبل النساء والرجال. وبخصوص الأضرار الصحية الناتجة عن استعمال حقن «الفيلر»، أكد التازي، أنه لحدود هذه الساعة لا توجد معلومات أو دراسات تفيد أن لهذه الحقن مخاطر صحية، مشددا على ضرورة إجراء حقن التجميل من طرف طبيب مختص لتفادي المضاعفات التي قد تحدث، كحقن المادة في منطقة أخرى على الوجه، الأمر الذي قد يستدعي الخضوع لعملية جراحية.

 

سلـــوك طبـيعــي

من جهتها، قالت بشرى المرابطي، معالجة نفسية وباحثة في علم النفس الاجتماعي، إن الإقبال على الطب التجميلي لدى الفتيات والنساء يعتبر سلوكا طبيعيا، بحكم أنه نابع من الرغبة في تحسين صورة الجسد، مضيفة أن هناك بعض النساء اللواتي يركزن على أجسادهن فقط في ظل غياب الرضى الكلي عنها، رغم خضوعهن المتكرر لعميات التجميل. وأوضحت المرابطي أن هذا الصنف من النساء يعاني ضعف الرضى عن الذات وانخفاض شديد لتقدير الذات لأسباب مختلفة، منها الاضطرابات النفسية والتنمر، مشيرة الى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي بدورها تلعب دورا سلبيا في ارتفاع هوس التجميل لدى الفتيات. وأكدت الباحثة في علم النفس الاجتماعي أن استمرار هوس الفتيات بعمليات التجميل يرفع من احتمالية الإصابة بالاضطراب النفسي، معتبرة أن الثقة بالنفس لا تتعارض مع اهتمام الفتيات بجمالهن، لكن لا ينبغي حصرها في الجسد فقط وغض النظر عن جوانب الأخرى، والأدوار التي يجب أن يؤديها الفرد داخل المجتمع حتى يكون فاعلا ومنتجا وليس مستهلكا فقط.

 




تابعونا على فيسبوك