شخوص رواياته تتماهى مع سيرته الذاتية

عبد الرحمن منيف في ذكرى وفاته الرابعة

الخميس 31 يناير 2008 - 10:26

حلت خلال الشهر الحالي الذكرى الرابعة لرحيل الأديب العربي الكبيرعبد الرحمن منيف، وهو ليس مجرد أديب ومفكر ترك لنا مجموعة من الروايات والكتابات النقدية والسياسية وفقط.

ولكن يمكنك أن تراه كأحد أبرز المفكرين والأدباء العرب الذين أثروا حياتنا على الإطلاق.
ولد عبد الرحمن منيف عام 1933 في عمّان، لأبٍ من نجد وأم عراقية. أنهى دراسته الثانوية في العاصمة الأردنية، ثم التحق بكلية الحقوق في بغداد عام 1952. وبعد عامين من انتقاله إلى العراق، بينما حركات التحرر العربي على أشدها، والدول الأوروبية تسعى بدأب لإجهاض هذه الحركات العربية، انخرط منيف في المظاهرات الطلابية المعارضة لـ"حلف بغداد" باعتباره مؤامرة تستهدف النيل من الوطنيين العرب، وكانت النتيجة طرده من العراق عام 1955 فواصلَ دراسته في جامعة القاهرة.

تابع منيف دراسته العليا منذ عام 1958 في جامعة بلجراد، وحصل منها في عام 1961 على درجة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، وفي اختصاص اقتصاديات النفط، وعمل بعدها في مجال النفط بسورية في عام 1973، ثم انتقل ليقيم في بيروت حيث عمل في الصحافة اللبنانية، وبدأ الكتابة الروائية بعمله الأول (الأشجار واغتيال مرزوق).

في عام 1975، أقام في العراق، وتولى تحرير مجلة (النفط والتنمية) حتى عام 1981، الذي غادر فيه العراق إلى فرنسا حيث تفرغ للكتابة الروائية.

وفي عام 1986، عاد منيف مرة أخرى إلى دمشق وعاش بها حتى رحل في 24 يناير2004.
حاز على جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية للرواية عام 1989 وعلى جائزة القاهرة للإبداع الروائي التي منحت للمرّة الأولى عام 1998.

بدأ إذن منيف نشر أولى رواياته (الأشجار واغتيال مرزوق) (1973) وهو في سن الأربعين وعلى مدار واحد وثلاثين عامًا صدر له: (قصة حب مجوسية) (1974)، (شرق المتوسط) (1975)، (حين تركنا الجسر) (1979)، (النهايات) (1977)، (سباق المسافات الطويلة) (1979)، (عالم بلا خرائط) (كتبت بالاشتراك مع جبرا إبراهيم جبرا، 1982)، خماسية (مدن الملح): (التيه) (1984)، (الأخدود) (1985)، (تقاسيم الليل والنهار) (1989)، (المنبت) (1989)، (بادية الظلمات) (1989)، و(الآن هنا) أو (شرق المتوسط مرة أخرى) (1991)، (لوعة الغياب) (1989)، (أرض السواد) ثلاثة أجزاء (1999). جبر.. موسيقا الألوان (2000)، ذاكرة للمستقبل (2001)، رحلة ضوء - مقالات (2001)، أم النذور - رواية (2003)، العراق هوامش من التاريخ والمقاومة (2003)، أسماء مستعارة - مجموعة قصصية نشرت بعد وفاته في (2006)، كما صدرت له مؤلفات في فن الرواية، ومؤلفات أخرى في الاقتصاد والسياسة.

استطاع منيف أن يعكس في رواياته الواقع الاجتماعي والسياسي العربي، والنقلات الثقافية العنيفة التي شهدتها المجتمعات العربية خاصة في دول الخليج العربية أو ما يدعى بالدول النفطية. ربما ساعده في هذا أنه أساسا خبير بترول عمل في العديد من شركات النفط ما يجعله مدركا لاقتصاديات النفط، لكن الجانب الأهم كان معايشته وإحساسه العميق بحجم التغيرات التي أحدثتها الثورة النفطية في صميم وبنية المجتمعات الخليجية العربية.

وجاءت أشهر رواياته "مدن الملح" وهي مؤلف من 5 أجزاء لتحكي عن هذه التغيرات الهامة، فصنفته سريعًا كمعارض لنظام الحكم السعودي الذي أسقط بعدها عنه الجنسية.
الرواية الأخرى التي أحدثت ضجة في العالم العربي كانت (شرق المتوسط)، التي تعتبر أول رواية عربية تصف بجرأة موضوع التعذيب في السجون خاصة التعذيب التي تمارسه الأنظمة الشمولية العربية التي تقع شرق المتوسط.

بقى منيف إلى آخر أيامه معارضا للإمبريالية العالمية، كما اعترض دوما على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 .

ستظل هذه الرحلة الإنسانية والروائية خالدة، وربما كانت كلماته الأخيرة على لسان بطل روايته "الآن هنا.. شرق المتوسط مرة أخرى" تعبر بوضوح عن مواقفه ورؤيته للعالم ومصدر شروره: "الجلاد لم يولد من الجدار. ولم يهبط من الفضاء. نحن الذين خلقناه، كما خلق الإنسان القديم آلهته، ثم بدأنا نخاف منه إلى أن وصلنا إلى الامتثال والطاعة والرضا، وأخيرا إلى التسليم" .




تابعونا على فيسبوك