الويب 2,0

طفرة الكترونية جديدة تلوح في الأفق القريب

الجمعة 02 يونيو 2006 - 13:38

عندما قامت "كاترينا فيك"الشريكة المؤسسة لموقع فليكر Flikr الالكتروني بالكتابة في موقع الكتروني للمدونات، لم تكن تتوقع أنها ستثير حفيظة غالبية الموجودين على الموقع .

دفقد كانت مشاركتها بعنوان "هذه الأوقات غير مناسبة لإنشاء شركة صريحة ومباشرة ومتعلقة بالجدل الدائر حالياً حول الفقاعة الجديدة التي بدأت في الانتفاخ هذه الأيام في عالم المواقع الالكترونية الجديدة التي تسعى إلى الربح0.

فالتوقعات طموحة للغاية وربما أكثر من اللزوم، والتقديرات آخذة في الارتفاع والتفاؤل وهناك ازدياد كبير في عدد الشركات الجديدة التي تقوم بتقليد نشاطات الشركات القوية الراسخة في عالم الانترنت، بالإضافة إلى توفر الممولين الباحثين عن المغامرة بكثرة والذين يقومون بإغداق الأموال في السوق الالكتروني من جديد.

وكانت "فيك"باعت شركتها في العام الماضي لشركة (ياهو) بعد أن كلفتها هذه الشركة 250 ألف دولار خلال الانهيار الذي اجتاح شركات المواقع الالكترونية في نهاية التسعينات.

وكتبت "فيك"أن هذه النزعات الجديدة تجعل إنشاء شركة جديدة بالنسبة إلى المبتدئين حديثي الخبرة أمراً صعباً للغاية إن لم يكن مستحيلاً، وردت بقوة على الادعاءات التي تقول إن هناك طفرة الكترونية جديدة تلوح في الأفق القريب وتعرف بـ "ويب 2،0"Web 2.0 وهذه الطفرة ستعود بالربح السريع على المغامرين الجدد و"أشباه الشركات"حسب تسمية "فيك".

وذكرت فيك أن هذه الموضة الجديدة قد ذكرتها بالفقاعة الشهيرة التي استمرت بين أعوام 1997 و2001 .

ولم تكد فيك تضغط على زر نشر المشاركة حتى انهالت التعليقات على المواقع، وكان رأي الأغلبية بأنها مخطئة تماماً، كتبت أولى السيدات اللواتي استجبن لمشاركتها "انني اختلف معك في الرأي تماماً، وهذا الوقت هو مناسب تماماً للدخول في أعمال الانترنت مرة أخرى وخصوصاً عندما يعمل المرء معتمداً على نفسه فقط فإنه سيستطيع البدء في جمع السيولة التي عادت للتدفق من جديد.

وأجابت "فيك"بأن هذا القول يثبت صحة نظريتها تماماً وتضيف : "انني أرى العديد من المتوثبين الذين يقولون إننا سنصبح أثرياء بعد إضافة المزيد من مواقع المشاركة والمواقع الاجتماعية".

والسؤال هنا، هل نعيش فعلاً زمن طفرة انترنت جديدة؟ ويمتد الجدل ليصل إلى أقطاب الصناعة، وقاعات المؤتمرات ومدونات شبكة الانترنت المختلفة ويجذب حتى الذين ملوا من الإجابة عن هذا السؤال.

وجون دوير الشريك في شركة "كلانير بيركنز"يقول إنه لن يستخدم حتى تعبير "فقاعة"ويفضل استخدام تعبير "ازدهار"لوصف الأحداث الاقتصادية في زمن الفقاعة الماضية في حين يرى البعض الآخر أن النقاش عقيم من أصله.

ويقول الشريك في شركة "في سي"ديفيد هورنيك : "هناك الكثيرون الذين يقولون بأنهم منشغلون في بناء أعمالهم بينما يقوم الآخرون بتضييع وقتهم في نقاشات حول "الفقاعة"
ولكن الواقع يبقى أن هناك الكثير من أوجه المقارنة بين ما يحدث حالياً والذي حدث في التسعينات، فمنطقة "سوما"في جنوب ولاية سان فرانسيسكو عادت إلى النشاط مجدداً بعد أن كانت قد تحولت إلى أرض خراب بعد انهيار السوق الرقمي في عام ،2001 وأصبحت اليوم مكتظة بالمقاهي والمطاعم من جديد.

وفي أبريل الماضي سجلت هذه المنطقة رقماً قياسياً في عدد الحاضرين لمؤتمر ad:tech السنوي بلغ 9000 شخص، وأقيمت الحفلات خلال اجتماعات هذا المؤتمر الذي استمر لمدة ثلاثة أيام تذكر بالحفلات التي أقيمت خلال أيام (الفقاعة الكبيرة) الصاخبة
وفي وسط هذا الانبعاث الجديد، تقيم الشركات الحديثة الحفلات لجلب الانتباه ولكن باعتدال هذه المرة ويصف رئيس ومؤسس شركة "غينيس"هذه الحفلات قائلاً : "انه ابتهاج عقلاني"وقد قامت "غينيس"باستئجار متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث لتقيم فيه حفلتها المرتقبة، التي سيرتدي فيها موظفو الشركة البالغ عددهم أربعمائة شخص قمصان الشركة البرتقالية وستقدم فيها عصائر البرتقال وكوكتيل "غينيس"الخاص بالإضافة إلى كاميرات التلفزيون التي ستنقل الحفلة على الهواء.

ولكن ستغيب هذه المرة تماثيل الجليد الثمينة "التي رافقت تلك الحفلات في الماضي والتي كانت تكلف أكثر من 10 آلاف دولار"وقد قامت شركة "ثومبسون"على سبيل المثال بتسليم تماثيل صغيرة مصنوعة من مادة "الاكرليك"لعملائها المفضلين لتوحي لهم بأن الظهور الأول للشركة سينتج عنه منتوج حقيقي هذه المرة على خلاف أيام "الفقاعة"الماضية ويبقى القلق بشأن "فقاعة"أخرى قائماً في الحسبان.

فمن جهة، ازدادت القيمة المالية لهذه الشركات بشكل واضح، ففي الربع الأخير من العام الماضي، ازدادت قيمة أكثر من 75 في المائة من الشركات الحديثة القائمة على تمويل المستثمرين، بينما كانت هذه النسبة 60 في المائة فقط قبل ذلك بعام وذلك حسب بيانات مكتب "غودوارد"للمحاماة.

ومن جهة أخرى، قامت الشركات المستحوذة بدفع مبالغ طائلة لبعض الشركات الحديثة، فقد دفعت شركة e-bay مثلاً أكثر من 2،6 ملايير دولار لشراء شركة "سكايب تيكنولوجيز"ودفعت شركة "نيوز كورب"أكثر من 650 مليون دولار لشركة "ماي سبيس دوت كوم".

وقامت شركات التمويل بضخ أكثر من 5،6 ملايير دولار في 761 شركة بزيادة بلغت 12 في المائة عن العام الماضي حسب تقرير صحيفة "موني تري" مع هذا الازدياد في عدد الشركات الحديثة، تزداد أيضاً التوقعات في وسائل الإعلام وبعض مدونات شبكة الانترنت المشهورة عن مستقبل هذا الازدهار الجديد.

ويتم الاعلان يومياً عن الشركات الجديدة قبل انشائها فعلياً في بعض الأحيان
ويقول "جاكوب لودويج"ذو الأربعة والعشرين ربيعاً والشريك في شركة "كولج هيومر دوت كوم": "ليس من المفيد جذب الانتباه في هذه المرحلة المبكرة"ولهذه الصحوة الالكترونية الجديدة اسم لافت للانتباه.

ومع ان أحداً لا يتفق على المعنى الدقيق المقصود من "ويب 2،0"إلا أن الفكرة وراء هذا الاسم أن الجيل الثاني من شركات الانترنت سيقوم بتحسين الأسس التي قامت عليها شركات الجيل الأول.

وعلى خطى نظريات (الاقتصاد الجديد) التي رافقت الفقاعات الماضية، فإن تعبير "ويب 2،0"يلمح بأننا قد دخلنا في عصر جديد تختلف فيه القواعد؛ فالشركات الإلكترونية الجديدة لا تحتاج لكم كبير من رأس المال هذه المرة، بل باستطاعتها البناء على قاعدة لم تكن موجودة منذ عشر سنوات، هذا بالاضافة إلى الأعداد الضخمة من المستهلكين الذين أصبحوا يقومون بالشراء إلكترونياً عن طريق شبكة الانترنت.

وتبقى الفورة الحالية أقل بكثير من الاهتياج الذي سبق نهاية (الفقاعة) في عام 2001، حيث تطرح نشرات الاكتتاب بصورة عقلانية أكثر هذه المرة ففي العام الماضي مثلاً، قامت 56 من الشركات الحديثة الممولة بجمع 4،5 ملايير دولار عن طريق طرح أسهمها للبيع، وهذا الرقم أقل من مبلغ 17،8 ملايير دولار الذي جمعته 223 شركة في عام 1999
وكان مؤشر "ناسداك"في الخامس من مايو الماضي أقل بنسبة 54 في المائة مما كان عليه في الفترة نفسها في مارس من عام 2000، ويظل التساؤل قائماً عما إذا كانت هناك فقاعة أخرى في طور التشكل.

ويبقى الجدل القائم ضرورياً أيضا ونتج عن "فقاعة"أواخر التسعينات جيل من مقاولي الانترنت مثلما نتج عن الكساد الاقتصادي في العشرينات جيل من الاقتصاديين، ويقول الشريك السابق في شركة "موبيس"للتمويل "بيل برنهام": "هنالك وعي أكبر لدى جيل "فقاعة"اليوم وحذر بأن الأمور قد تخرج عن السيطرة".

وهذا الوعي هو ما دفع المقاولين الجدد لتطوير خطط وأهداف عملية أكثر عندما شرعوا بإنشاء شركاتهم فعلى خلاف مقاولي التسعينات الذين جمعوا عشرات الملايين من الدولارات من شركات التمويل بهدف التوسع منتظرين أن يرتفع ثمن شركاتهم إلى رقم خيالي، فإنه يمكن اليوم إنشاء شركة بتكلفة أقل من مليون دولار، وذلك بفضل توفر برامج الكمبيوتر وانخفاض سعر الأجهزة وإسناد بعض المهام إلى شركات أخرى.

كما يمكن أيضاً بيع هذه الشركات بسرعة أكبر بكثير من "فقاعة"التسعينات فعلى سبيل المثال قامت شركة "نيوز كورب"في الأول من مايو الماضي بشراء شركة "نيو روو إنك"ذات العام الواحد من العمر، حتى قبل أن تبدأ هذه الشركة بالتورط في جمع الأموال، وقبل حتى أن تطلق خدمتها على الانترنت.

ويبقى هناك أن هذا الارتفاع في أسعار الشركات الجديدة، يغري الكثيرين بتقليد هذه الخدمات الالكترونية وخصوصاً في مجالات مرغوب العمل فيها مثل المواقع الاجتماعية حيث تنخفض الكلفة.

ويقول المؤسس الشريك لشركة "جوت سبوت""جوكراوس": هناك فقاعة الشركات الجديدة التي سرعان ما ستزول، وقد كوّن المقاولون والمستثمرون خلال العقد الماضي رؤية ضيقة عما يصلح وما لا يصلح من المواقع الجديدة وهذا من شأنه أن يعيق الإبداع
وربما يدعي المقاولون والمؤسسون الجدد بأنهم يبحثون عن أفكار شبكية جديدة بينما الواقع يقول غير ذلك.

ويعلق الخبير في التفكير الإبداعي (ادوارد دي بونو) قائلا : "انهم يريدون أفكاراً قد ثبت نجاحها في الماضي، مع بعض التعديل الخفيف حتى تبدو وكأنها أفكار جديدة".

فإذا كان هناك فعلاً ازدياد في عدد الشركات المقلدة فهل سيعني هذا بالضرورة، ان صناعة المواقع الالكترونية تسير في اتجاه انهيار آخر ضخم؟ هو كلا، فربما دمرت الفقاعة الكبيرة الثروات والوظائف عندما انفجرت في السابق، لكن تاريخ (وادي السيليكون)مليء بالفقاعات الصغيرة التي شجعت المقاولين والمستثمرين على الشروع في إنشاء شركات من دون أن تسبب هذه الفقاعات ضرراً واسعاً.

فقد دفع بريق الثروة بالصناعة الإلكترونية من صناعة الأقراص الصلبة إلى صناعات مواقع الكترونية عديدة المجالات.

ويقول المحامي في شركة "غود وارد"جيمس فولتون" : "ان وادي السيليكون في حاجة مستمرة إلى انتشار هذه الفقاعات الصغيرة حتى يبقى النظام قائما".

ولكن المزيد من العقود التي تزيد على المليار دولار ربما تؤدي في النتيجة الى انفجار هذه "الفقاعة"الجديدة.




تابعونا على فيسبوك