تعزيزا للجهود المتواصلة، التي يبذلها المغرب من أجل تعزيز المسار الديمقراطي وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة في الاستحقاقات الانتخابية، أحالت الحكومة على المؤسسة التشريعية مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم بعض أحكام القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء، واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية، خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية.
يهدف هذا المشروع إلى تحيين الترسانة القانونية المؤطرة للانتخابات بما يتماشى مع التحولات الرقمية والاجتماعية والسياسية التي تعرفها المملكة، وكذا إضفاء المزيد من المصداقية على القوائم الانتخابية، وضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين والأحزاب السياسية.
ففي الشق المتعلق بتبسيط مساطر القيد والاعتماد على الوسائط الإلكترونية، من أبرز المستجدات التي جاء بها مشروع القانون، تمكين المواطنين والمواطنات البالغين من العمر ثماني عشرة سنة (18 سنة) شمسية كاملة على الأقل من التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة، شريطة تمتعهم بحقوقهم المدنية والسياسية طبقا لأحكام التشريعات الجاري بها العمل.
وحسب مشروع القانون، فتح النص الباب أمام تقديم طلبات القيد لأول مرة عبر منصة إلكترونية رسمية، تحدد شروطها التقنية والإجرائية بقرار من وزير الداخلية، وذلك في خطوة تعكس توجه الإدارة نحو الرقمنة وتسهيل الولوج إلى الخدمات الانتخابية، سواء بالنسبة للمواطنين المقيمين داخل التراب الوطني أو أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
كما نص المشروع على تيسير عملية القيد أو نقل التسجيل بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج عبر القنصليات والسفارات المغربية، مع إلزامهم بالإدلاء بعنوان بريد إلكتروني صحيح قصد التواصل الإداري.
وفي الشق المرتبط بضمان نزاهة القيد وتشديد المراقبة والعقوبات، كرس مشروع القانون مبدأ الصرامة في شروط القيد والترشح، إذ حظر تسجيل أو ترشح كل من صدر في حقه حكم نهائي في قضايا الجنايات أو الجنح المخلة بالشرف أو الأمانة، أو من حكم عليه بالعزل من مسؤولية انتدابية.
كما نص المشروع على عقوبات جنحية وغرامات مالية في حق كل من تعمد التلاعب في القوائم أو مارس تأثيرا غير مشروع على الناخبين، أو استغل وسائل غير قانونية للترويج الانتخابي، وذلك بهدف صون نزاهة العملية الانتخابية وضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين.
وفي سياق التطور التكنولوجي الذي يشهده المجال الإعلامي والرقمي، تضمن مشروع القانون مقتضيات واضحة تمنع استعمال شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو أي منصة إلكترونية أو تطبيق يعتمد على الأنترنيت أو الأنظمة المعلوماتية خلال فترة الحملة الانتخابية من أجل نشر استطلاعات للرأي أو بث مضامين دعائية يمكن أن تؤثر على إرادة الناخبين.
ويعاقب من يخالف هذه المقتضيات بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية تتراوح بين 100.000 و250.000 درهم، مع إمكانية الحكم بسقوط الأهلية التجارية لمدة خمس سنوات.
ويعد هذا التوجه تأكيدا على حرص المشرع المغربي على تحصين العملية الانتخابية من كل أشكال التأثير الرقمي أو التضليل الإعلامي.
وبخصوص تفعيل دور اللجان الإدارية في ضبط اللوائح والطعون، أعطى المشروع أهمية خاصة لدور اللجان الإدارية المحلية، التي تتكون من قضاة وممثلين عن السلطات المحلية والأحزاب السياسية، في الإشراف على مراجعة اللوائح الانتخابية وتدقيقها وحصرها في آجال محددة.
وتناط بهذه اللجان مهمة البت في طلبات القيد والنقل والشطب، وتبليغ القرارات عبر البريد الإلكتروني أو المنصة الرسمية، مع ضمان حق الطعن أمام القضاء الإداري.
كما شدد النص على ضرورة إيداع نظير إلكتروني من اللوائح الانتخابية لدى المحكمة الابتدائية الإدارية ضمانا لحفظها وتيسير الرجوع إليها عند الاقتضاء.