قدمت رئاسة النيابة العامة، الخميس، بالرباط، دليلا للمعايير الإجرائية النموذجية المتعلقة بالأطفال في وضعية هجرة بالمغرب، خلال لقاء رسمي ترأسه هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة.
ويأتي إعداد هذا الدليل ثمرة شراكة بين رئاسة النيابة العامة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز حماية حقوق الطفل، وخاصة الأطفال المهاجرين غير المرفقين، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية في مجال الهجرة، والالتزامات الدولية للمملكة المغربية
في هذا الصدد. وأكد رئيس النيابة العامة، في كلمته، أن الدليل يشكل مرجعا عمليا لتوحيد تدخلات الفاعلين في مجال حماية الأطفال في وضعية هجرة، من خلال إجراءات دقيقة ومعايير قابلة للقياس تكرس المصلحة الفضلى للطفل المهاجر، وتضمن له الولوج إلى التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والعدالة، مع توفير ظروف إيواء لائقة وآمنة. ويقوم الدليل على مقاربة شمولية تتضمن ست مراحل أساسية للتكفل بالأطفال المهاجرين.
وتبدأ بمرحلة التحديد والتسجيل الأولي من طرف السلطات المعنية، تليها الإحالة الفورية إلى النيابة العامة والجهات المختصة بالحماية، ثم التقييم الاجتماعي والنفسي الشامل لتحديد احتياجات الطفل وأوضاعه الأسرية، يلي ذلك تعيين المساعد الاجتماعي أو المندوب القانوني لمواكبة الطفل خلال مختلف الإجراءات، ثم ضمان ولوج فعلي للخدمات الأساسية من تعليم وصحة ودعم نفسي، وتنتهي العملية بـتحديد الحلول المستدامة، سواء داخل المغرب أو في إطار العودة الطوعية إلى بلد الأصل وفق مبدأ المصلحة الفضلى.
كما يحدد الدليل الأدوار المؤسساتية لكل المتدخلين، حيث تضطلع النيابة العامة بدور محوري في الإشراف والتنسيق بين مختلف الفاعلين، في حين تلتزم المؤسسات الاجتماعية والصحية والتعليمية بتطبيق إجراءات موحدة تضمن سرعة وفعالية التدخل، إلى جانب دعم ومواكبة تقنية من طرف المنظمات الدولية، وفي مقدمتها اليونيسيف والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية.
ويعتمد الدليل، أيضا، آليات دقيقة للتتبع والتقييم، ترتكز على مؤشرات كمية ونوعية لقياس مدى فعالية التدخلات، كسرعة الإحالة ونوعية الخدمات واحترام مبدأ المصلحة الفضلى للطفل في مختلف المراحل، بما يعزز الشفافية والمساءلة المؤسساتية في مجال حماية الطفولة المهاجرة.
وفي ختام اللقاء، أعرب هشام البلاوي عن شكره لمنظمة اليونيسيف على دعمها المتواصل، مؤكدا أن هذا الإنجاز يشكل خطوة نوعية في تطوير السياسة الجنائية لحماية الطفولة بالمغرب، ويجسد إرادة وطنية صادقة لجعل كرامة الطفل المهاجر في صلب العمل القضائي والمؤسساتي، في انسجام تام مع الدستور المغربي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.