في حوار خصّت به صحيفة «لاتيرسيرا» الشيلية، اختارت السفيرة المغربية كنزة الغالي أن تتحدث بلغة تجمع بين الود والدبلوماسية، فقالت: "المغرب في دَين للشيلي، وسنفي بوعدنا كما فعلتم معنا يوم كنّا نحتاجكم". بهذه العبارة التي تجاوزت حدود المجاملة، وضعت السفيرة ملامح دبلوماسية رياضية جديدة، ترى في كرة القدم أداة لتقريب الشعوب وبناء الجسور بين الضفتين، استعدادا لمونديال 2030 الذي يراهن عليه المغرب لتكريس صورته كقوة ناعمة تُحاور العالم بالمستديرة، لا بالشعارات.
السفيرة أكدت أن التتويج التاريخي للمنتخب المغربي بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة، بعد الفوز على الأرجنتين بهدفين دون رد، لم يكن مجرد انتصار رياضي، بل محطة إنسانية ودبلوماسية عمّقت أواصر الصداقة بين المغرب وتشيلي.
وقالت الغالي، التي تمثل المملكة منذ تسع سنوات في سانتياغو: "نحن في دَين لتشيلي وسنفي بوعدنا. حين تستضيف بلادنا بطولة عالمية، سيكون الشيلون في قلوب المغاربة وبينهم".
مونديال صنع جسرا بين شعبين
السفيرة الغالي أوضحت أن الأيام التي تلت التتويج كانت "مفعمة بالعواطف والفخر"، مضيفة أنها رافقت المنتخب المغربي منذ وصوله إلى تشيلي وحتى رفع الكأس الذهبية.
وقالت: "استقبلنا أكثر من 600 مشجع مغربي، دخلوا البلاد دون تأشيرة بفضل التنسيق مع السلطات الشيلية. كنا حريصين على أن يعود الجميع إلى المغرب سالمين بعد تجربة لن تُنسى".
وتضيف الدبلوماسية المغربية بابتسامة: "محبة الشيلين للمغرب لم تفاجئني، فهي متبادلة. بعد تسع سنوات من العمل هنا، أشعر أنني مغربية تشيلية في الوقت نفسه".
ومن أبرز لحظات هذا الحدث أن السفيرة قررت فتح أبواب الإقامة الرسمية للمغرب في سانتياغو لاستقبال الجماهير المغربية القادمة من مدن بعيدة، قائلة: "استقبلناهم في بيت المغرب ليتناولوا الغداء ويستريحوا قبل الذهاب إلى الملعب. أردنا أن يشعروا بأنهم في وطنهم، وأن تكون مشاركتهم منظمة بالتعاون مع الفيفا ووزارة الرياضة الشيلية".
هذا التنظيم اللافت، كما تقول الغالي، جسّد صورة المغرب كبلد مضياف ومنظم، يعرف كيف يدير الفرح بحكمة ودبلوماسية.
الرياضة في صلب الرؤية الملكية
وتحدثت السفيرة عن الرؤية البعيدة لجلالة الملك محمد السادس في جعل الرياضة أداة دبلوماسية ناعمة تعزز مكانة المغرب في العالم، قائلة: "منذ أكثر من 17 سنة، وضع جلالته تصورا متكاملا للنهوض بالرياضة والشباب. ما تحقق اليوم هو ثمرة استثمار طويل الأمد في البنيات التحتية والتكوين والاحتراف".
وأضافت: "ليس صدفة أن يكون المغرب أول بلد عربي وإفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم بقطر، وأول من يرفع الكأس في تشيلي. هذا النجاح هو نتيجة عمل يومي وإرادة سياسية واضحة".
من سانتياغو إلى الرباط.. خط جوي قيد الدراسة
وكشفت السفيرة عن مفاوضات متقدمة لفتح خط جوي مباشر بين الرباط وسانتياغو، مضيفة أن الحلم قريب من التحقق بعد ثلاث سنوات من النقاشات.
"الكثير من الشيليين يريدون زيارة المغرب بعد المونديال. الرحلات المباشرة ستكون جسرا آخر بين شعبين تربطهما المحبة والتقدير".
وختمت السفيرة كنزة الغالي حديثها برسالة دافئة: "حين يستضيف المغرب بطولة عالمية، سنكون أول من يشجع منتخب تشيلي. نحن في دَين لهذا الشعب الكريم، وسنرد الجميل بالحب والدعم كما فعلوا معنا".
بهذا التصريح الإنساني، تُلخص الغالي روح الدبلوماسية المغربية الجديدة التي تمزج بين الإنجاز الرياضي والتقارب الإنساني، وتجعل من كرة القدم لغة سلام وصداقة بين الأمم.