يعتبر النقل البحري من القطاعات النشيطة على المستوى الوطني، إلى جانب النقل الجوي والبري. ويتضح ذلك جليا من خلال انتشار الموانئ في المدن الرئيسية على طول الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، وكذا المحيط الأطلسي، ما يجعل هذا القطاع محركا اقتصاديا مهما تتعدد أنشطته وخدماته ولا تكاد تتوقف بالنظر لتنوع وتعدد وظائفه. كما يوفر آلاف فرص الشغل للمواطنين. وأمام هذه الحيوية التي تميز هذا القطاع وحركته الدؤوبة، فإنه ليس بمنأى عن إفراز وطرح النفايات المتنوعة كذلك.
في هذا الصدد، يوضح الخبير المغربي في الهندسة المدنية وتدبير النفايات الدكتور عبد الرحيم الخويط، أنواع النفايات، التي يخلفها النقل البحري والمعايير البيئية العالمية لإنشاء الموانئ. كما يقدم بعض النصائح للتخفيف من حدة التلوث الناجم عن الملاحة البحرية وكذا في الموانئ ومحطات الشحن.
يقول الدكتور الخويط إن إحداث الميناء يتطلب مراعاة مجموعة من الشروط الهندسية والبيئية في التصميم والمحددة، حسب المعايير العالمية لإحداث مثل هذه المشاريع، وأولها اختيار الموقع، إذ يتطلب ألا ينجز الميناء بالمناطق الغنية بالثروة السمكية. كما يجب أن يكون بعيدا عن المدينة أو التجمعات السكنية، مع مراعاة اتجاه الرياح، إذ يستوجب إحداث موانئ في مناطق ساحلية تسير رياحها في اتجاه الخلاء أو الأماكن التي لا يتواجد فيها السكان، لتفادي تنقل الملوثات الهوائية إلى المواطنين. كما يستجوب الابتعاد عن مناطق التيارات المائية لمنع انتشار التلوث في حال حصوله، لأن التيارات المائية قد تنقله إلى مناطق أخرى من البحر، كما يستوجب أيضا مراعاة التمدد العمراني والتزام سياسة معمارية بيئية واضحة المعالم بهذا الخصوص، لمنع زحف السكن للاقتراب من الميناء.
ويستوجب من ناحية أخرى، إحداث مستودعات مؤقتة، وفق معايير عالمية خاصة، إذا كان الميناء يستقبل نفايات خطير بالإضافة إلى ضرورة وضع أماكن لجمع المياه العادمة والملوثة بغرض نقلها إلى محطة المعالجة ولا يسمح كليا بإفراغها أو السماح بتسربها إلى مياه البحر.
ويضيف الخبير أن معالجة قضية التلوث الناجم عن النقل البحري تستوجب تقسيمه إلى شطرين، ويتعلق الشطر الأول بالنقل البري، الذي يرتبط بشكل وثيق بالنقل البحري، لأنه الحلقة المكملة لسير عمليات النقل من والى الموانئ، وبالتالي فالموانئ توجد بها وسائل النقل الثقيلة، بالخصوص الشاحنات الضخمة والجرافات والرافعات، بالإضافة إلى السيارات وباقي أنواع العربات، وكذلك الحاويات الحديدية. لهذا فإن مراعاة الجوانب البيئية تتطلب، أولا إخضاع هذه الآليات لمعايير البيئية العالمية للحد من انبعاث الغازات السامة، التي تطرحها وسائل النقل الطرقي والناجمة عن عمليات الاحتراق كثنائي أوكسيد الكربون وأحادي أوكسيد الكربون وأوكسيد النتروجين وثنائي أوكسيد الكبريت، بالإضافة إلى الجسيمات الدقيقة الناتجة عن الاحتكاكات، علاوة على عن الملوثات التي تطرحها الصباغة والطلاء جراء عوامل الرطوبة أو خلال التفاعل مع الماء، بالإضافة إلى بقايا زيوت المحركات والمواد البترولية، التي ممكن أن تتسرب من الآليات أو خلال الإفراغ أو الشحن.