استعمال مروحيات وإطلاق نداءات عبر الإنترنيت للبحث عنهم

تنغير.. تفاصيل العثور على رُحّل ظلوا مفقودين لأسابيع وسط الثلوج

الصحراء المغربية
السبت 24 فبراير 2018 - 14:35

تنغير: إسماعيل أيت احماد

على الحدود الترابية بين إقليمي تنغير وميدلت، في جبال الأطلس الكبير، توجد عدة أسر من الرحل تقطن الخيام والكهوف، وتمارس نشاط الرعي.

كانوا يعيشون في هدوء واطمئنان قبل أن تفاجئهم التساقطات الثلجية الكثيفة التي عرفتها جبال الأطلسين الكبير والمتوسط، خلال الأسابيع المنصرمة، إلى درجة أن سمك الثلوج في بعض المناطق بلغ أزيد من مترين، ما أدى إلى انقطاع جميع المسالك الطرقية. لم يستطع العديد من الرحل خلال هذه الظروف التنقل أو الاتصال بعائلاتهم وسكان الدواوير المجاورة. واستمر الوضع على هذه الشاكلة لعدة أيام.

كان آخر اتصال لهؤلاء الرحل، حينما استغل أحدهم استقرار الأحوال الجوية وهدوء العواصف الثلجية لقطع مسافة طويلة والسير لساعات للصعود إلى قمة الجبال بحثا عن تغطية شبكة الهاتف، ومن هناك تواصل مع الفاعل الجمعوي محمد احبابوا، فـأبلغه أن الرحل يعيشون معاناة شديدة بسبب الثلوج الكثيفة، التي فرضت عليهم البقاء في كهوفهم وخيامهم، وأن المؤونة نفذت ويحتاجون إلى ما يقتاتون به. كشف له أيضا خلال هذه المكالمة الهاتفية نفوق العشرات من رؤوس الأغنام، وطلب منه إطلاق نداء استغاثة لفتح الطريق بواسطة كاسحات الثلوج والجرافات. كما طالب بإبلاغ السلطات أن أفراد أسر الرحل في خطر شديد.

وظل حوالي 30 شخصا من الرحل، بينهم رضع، وأطفال، موزعين على 6 خيام متباعدة محاصرين وسط الثلوج، ينتظرون الفرج بعد هذه المكالمة القصيرة.

 

  محاولات للإنقاذ

 أطلق رئيس جمعية أمكسا للرحل بأمسمرير، موحى الغاشي، نداء استغاثة للتدخل لإنقاذ أسر الرحل، خصوصا الذين علقوا وسط الثلوج بمنطقة “أقا نوارك” بجماعة أمسمرير، حيث استجاب مواطنون بالمنطقة لنداء رئيس الجمعية المذكورة، وباشروا عملية البحث عن الرحل المفقودين بمعية عون سلطة، واستغرقت العملية ساعتين من المشي وسط الثلوج، وفي مسالك وعرة، للوصول إلى الكهف الذي كان يحتضنهم.

كما قرر سبعة متطوعون، في منطقة جبلية أخرى، تابعة لنفوذ جماعة تلمي، القيام بعملية البحث،  إذ قطعوا أزيد من 30 كيلومتر مشيا على الأقدام، تسلقوا خلالها الجبال المكسوة بالثلوج، وواجهوا خلالها مخاطر وصعوبات كادت تودي بحياتهم، قبل أن يتمكنوا من العثور على الرحل المفقودين، وهم أسرة مكونة من الأب والأم وابنتهما ذات الـ 14 سنة ربيعا، وكانت حالتهم، حسب وصف المنقذين، "كارثية"، كما سجلوا نفوق أزيد من 220 رأسا من الماشية.
من جهتها، كثفت السلطات ومختلف الجهات المسؤولة من مجهوداتها لتحديد مكان  وجود باقي أسر الرحل والتواصل معهم، وبحث سبل إغاثتهم، غير أن سوء الأحوال الجوية واستمرار تساقط الثلوج كان يعيقان أية عملية تدخل. وفور استقرار الأحوال الجوية وتوقف تساقط الثلوج، قررت عمالة إقليم تنغير إرسال مروحية للجيش من أجل إنقاذهم، إلا أن العملية أخفقت في تحديد مكانهم في مناسبتين، بسبب علو سمك الثلوج، وعودة الأحوال الجوية للاضطراب من حين لآخر.

 

 نفاذ المؤونة

“وجدناهم في حالة يرثى لها، ووضع كارثي”، بهذه الكلمات وصف حمي علي عبد الرحمان، وهو أحد المتطوعين السبعة، الذين انخرطوا في عملية البحث عن أسرة من الرحل مكونة من الأب والأم الحامل وابنتهما، والذين انقطعت أخبارهم لأسبوعين، بعد أن علقوا وسط الثلوج بين جماعتي “أيت هاني” و”تلمي”، بإقليم تنغير.

وقال حمي علي لـ"الصحراء المغربية" إنه انطلق رفقة ستة من زملائه فجرا للبحث عن أسرة عثمان بوعى، التي علقت بمنطقة تسمى “أكلزي نتكجديت”، بين “أيت هاني” و”تلمي”، حيث قطعوا مسافة 30 كيلومترا مشيا على الأقدام في مسالك جد وعرة، تسلقوا خلالها الجبال المكسوة بالثلوج، في مغامرة خطيرة، إلى أن وصولوا حوالي الثانية والنصف بعد بعد الظهر.

 وجدناهم في حالة كارثية، يذرفون الدموع، بعدما عاشوا لأيام عديدة لحظات عصيبة لا يرون على امتداد الجبال إلا بياض الثلوج وعدم قدرتهم على الحركة أو التنقل، وكانوا يتناولون وجبة واحدة خفيفة في اليوم للاقتصاد والحفاظ على ما تبقى من مؤونتهم، التي أوشكت على النفاذ، مشيرا في السياق ذاته، أن المساعدات التي وزعتها السلطات على رحل “تمتتوشت” لم يتوصلوا بها بسبب انقطاع الاتصال بهم. وأوضح حمي علي عبد الرحمان، أنهم قدموا للرحل ما تبقى من الخبز الذي كان بحوزتهم وقدموا لهم كيسا من الدقيق، لافتا إلى أن الانخفاض الحاد في درجات الحرارة أدى إلى نفوق ما يزيد على 220 رأس من الماشية.

 

العثور على باقي مفقودين

تمكنت مروحية للدرك الملكي من الوصول إلى رحل تنغير المفقودين لحوالي 20 يوم.

وأوضح شهود عيان أن مروحية تابعة للدرك الملكي، تمكنت لاحقا من تحديد مكان وجود الرحل بمنطقة “أغنبو نورز”، بين جماعة “تلمي” و”إملشيل”، حيث تم العثور عليهم في وضعية صعبة، فعمت الفرحة أقاربهم وسائر سكان جماعة تلمي والرأي العام المحلي والوطني الذي كان يتابع عملية البحث عنهم عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

 




تابعونا على فيسبوك