تجارة الملابس المستعملة تثير جدلا في بوليفيا

الإثنين 27 فبراير 2006 - 14:24
ازدهار مبيعات الملابس المستعملة في بوليفيا

ربما تصل سترة قيمة تبرعت بها لجمعية خيرية إلى سوق بدائية في " ال التو "، حيث تباع كميات كبيرة من الملابس المستعملة لتوفير الكساء لسكان هذه المدينة البوليفية الفقيرة .

ويفحص الرجال والنساء أكواما من قطع الملابس المختلفة وضعت فوق قطع من البلاستيك وسط برك المياه الصغيرة على أمل الحصول على ملابس عالية الجودة بأقل من دولار .
ويتكرر المشهد الذي تراه في سوق "ال التو" بالقرب من العاصمة لاباز في أسواق أخرى في أنحاء متفرقة في البلاد.
وتقول الأم الشابة فيكتوريا باتيستوتا وهي تنظر لابنتها النائمة "تلبس طفلتي ملابس مستعملة تساعدنا على ترشيد الإنفاق وأحيانا نعثر على ملابس أعلى جودة من تلك المصنعة في بوليفيا" .

ويغضب سيل الملابس المستخدمة المتدفق على بوليفيا ومعظمه عن طريق التهريب المنتجين المحليين ورغم أن بوليفيا من أفقر دول أميركا الجنوبية يقول منتقدون إن قبول الملابس القديمة التي تتخلص منها أوروبا والولايات المتحدة إهانة للكرامة الوطنية.

وقال ايميليو جوتيريز الذي يمثل شركات صغيرة في ال التو ويقود الحرب على هذه التجارة "لم يرتد أسلافنا ملابس مستعملة إنها إهانة لكرامتنا وارتداء ملابس شخص آخر ينذر بسوء حظ في حضارة ايامارا".

ويضيف "كم كبير منها غير صالح" وفي بداية هذا الشهر مدت حكومة الرئيس ايفو موراليس المرسوم الذي يسمح باستيراد الملابس المستعملة لمدة ستة أشهر إثر مظاهرات نظمها تجار تجزئة.
وكان القرار فوق طاقة المصنعين الذين اتهموا موراليس بالنكوص عن وعوده الانتخابية بحماية الشركات المحلية وتوفير فرص عمل، ولكنه لم يكن كافيا لتجار التجزئة الذين يبيعون ملابس مستعملة، والذين تعهدوا بالدفاع عن نشاطهم إلى النهاية.

وقال رينيه اريسب رئيس اللجنة الوطنية للملابس المستعملة خلال مظاهرة صاخبة في لاباز "نرحب بالتمديد ستة أشهر ولكن لا نريد حلولا مؤقتة نريد حلولا دائمة لحماية قوتنا" ،
وأضاف أريسب أن المستفيد الرئيسي من تجارة الملابس المستعملة هم الفقراء
وقال "يضم القطاع آلافا من الأسر يستفيد الفقراء الذين لا يمكنهم شراء ملابس جديدة من هذه التجارة" .

وارتدى مئات من الباعة المحتجين الملابس الهندية التقليدية بينما ظهر آخرون في ملابس رياضية تحمل علامات تجارية شهيرة من الصعب العثور عليها وباهظة الثمن حين تشترى جديدة في بوليفيا.
ويتراوح سعر القميص المصنوع في بوليفيا بين60 و70 بيزو بوليفي مابين 7 و 8.60 دولار أميركي، بينما سعر مثيله المستعمل قد يصل الى5 بيزو بوليفي 61 سنتا أميركيا .

ولكن جوتيريز يقول "لا وجه للمقارنة"، ومن الصعب عدم إدراك إغراء مثل هذه التجارة في بلد يبلغ متوسط الأجر الشهري فيه حوالي 115 دولارا ويكابد 60٪ من سكانه الفقر، غير أن منتقدين يسارعون في الإشارة إلى أن الطبقة الوسطى زبائن مهمون أيضا.

وقال جاري رودريجيز مدير معهد التجارة الخارجية في بوليفيا "يشتري الفقراء فقط ثلث الملابس المستعملة التي تأتي من العالم الأول.
يشتري أفراد من أصحاب الأجور المتوسطة والمرتفعة الباقي" وتابع "ما بدأ كتحرك حسن النية لمساعدة القطاعات الفقيرة من السكان أصبح تجارة مربحة للبعض وكابوسا لصناعة الملابس ولمن فقدوا وظائفهم في نفس الوقت" .
وتصل الملابس المستعملة إلى سوق "ال التو" بعد رحلة طويلة عبر سلسلة من الوسطاء، وعادة ما تبيع الجمعيات الخيرية في الدول الغنية التبرعات التي تزيد عن حاجتها لوكلاء التصدير الذين يشحنون أطنانا من الملابس للدول الفقيرة، حيث تباع لتجار التجزئة من خلال وكلاء الاستيراد .

وتقول منظمة المعونة أوكسفام التي تهتم بالقضايا التجارية إن حجم تجارة الملابس المستعملة عالميا مليار دولار سنويا.
وقالت المنظمة الخيرية التي تقبل تبرعات من الملابس المستخدمة أيضا إن التجارة شائعة في الدول الافريقية الفقيرة، حيث تنخفض القوة الشرائية وتمثل 50 بالمائة من إجمالي حجم تجارة الملابس في بعض الدول.

واعترف تقرير صادر في عام 2005 بأن التجارة يمكن أن تضغط اكثر على صناعة المنسوجات المحلية وهي وجهة النظر التي تتبناها الكثير من الدول المجاورة لبوليفيا التي تحظر مثل هذه الواردات.
ويفيد مسح لمؤسسة اي بي سي اي في بوليفيا، إلى أن سبعة بالمائة فقط من واردات الملابس المستعملة قانونية فعلا ويضيف أن حظر هذه الواردات كليا سيسهم في القضاء على عمليات التهريب.
وقال جوتيري "ما نطلبه من هذه الحكومة هو شن حرب شاملة على التهريب" كما يطالب تجار الملابس المستعملة بمنع التجارة في الملابس المهربة.

ورغم الجدل، فإن شراء ملابس عالية الجودة بسعر رخيص هو ما يهم المشتري حتى وإن كانت مصنعة في تايلاند وجرى التبرع بها في الولايات المتحدة وهربت إلى بوليفيا عن طريق ميناء في شيلي.
وتقول الطالبة مريانيلي ريبيرا "اهتم بحالة الاقتصاد، ولكنها وسيلة لمساعدة من لا يملكون مالا كثيرا.
لا أتردد عليه كثيرا ولكن هناك ما يسترعى اهتمامك من أن لآخر ويمكن أن تشتري بعض الأشياء الجميلة".




تابعونا على فيسبوك