قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المغرب "بحاجة إلى طفرة تشريعية لتأصيل الحق في الحياة ضمن منظومة جنائية حقوقية من أجل مغرب حقوق بدون إعدام"، معتبرة أن إلغاء عقوبة الإعدام يمثل "الاستكمال الطبيعي لمسار المغرب الحقوقي والديمقراطي".
وأضافت بوعياش، في كلمتها خلال الندوة السنوية لإلغاء عقوبة الإعدام التي نظمت اليوم الجمعة بالرباط، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أن "الإبقاء على هذه العقوبة، حتى وإن لم تنفذ، يخلق إلتباسا بين النص القانوني الذي ينص على الإعدام وبين القيم المجتمعية المناهضة للعنف".
وشددت بوعياش قائلة إن "مشروع تعديل القانون الجنائي المرتقب ينبغي أن يترجم الإرادة السياسية إلى فعل تشريعي ملموس، لحماية الحقوق والحريات وتجفيف منابع ثقافة العنف بدلا من ممارستها باسم القانون".
وأكدت أن تخليد هذه الذكرى تحت شعار "عقوبة الإعدام لا تحمي أحدا"، يشكل مناسبة لتجديد التأكيد على أن "مناهضة الإعدام لا تعني التساهل مع الجريمة أو الإفلات من العقاب، أو التخلي عن الضحايا، وإنما الدعوة إلى منظومة متعددة الأبعاد تجمع بين التربية والمواكبة والتدابير الأمنية وتحسين آليات الوقاية وإعادة الإدماج، وترتكز على حماية الحق في الحياة ونبذ العنف".
وسجلت بوعياش أن المسار المغربي نحو الإلغاء "يتميز بكونه متدرجا وتصاعديا، يعكس دينامية مجتمع تتفاعل فيه الأفكار الحقوقية مع القرارات السياسية، ويتقاطع فيه الفعل المدني مع التحولات التشريعية، رغم ما قد يعتريه من تردد أو تفاوت في الإيقاع"، معتبرة أن هذا النقاش الوطني المستمر يجسد حيوية الفضاء الديمقراطي المغربي وتنوع مرجعياته.
وأبرزت رئيسة المجلس الوطني أن المرحلة الحالية تشهد تحولا نوعيا، بعد أن صوت المغرب، لأول مرة في دجنبر 2024، لصالح القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الصعيد العالمي، ثم تلاه قرار مجلس حقوق الإنسان بجنيف سنة 2025، الذي دعا إلى الحد من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
كما أعلنت بوعياش، خلال الندوة السنوية، عن توقيع إعلان نوايا للتعاون مع مجلس أوروبا، يهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب الإقليمية في مجال مناهضة عقوبة الإعدام، مع إشراك الفاعلين الوطنيين، من مؤسسات ومجتمع مدني وأكاديميين.
واستحضرت بوعياش، في كلمتها، المسار الطويل الذي قطعه المغرب في هذا المجال منذ أكثر من ثلاثة عقود، مشيرة إلى أن عدم تنفيذ الإعدام منذ سنة 1993، وتكريس الحق في الحياة في دستور المملكة، ساهما في تعزيز الإجماع الوطني على أن الإعدام عقوبة غير رادعة للجريمة، مضيفة أنه يعكس استمرارية الإرادة السياسية في التوجه نحو مرحلة جديدة أكثر انسجاما مع الالتزامات الدولية للمغرب ومع مشروعه الديمقراطي، وإيمانه بكون الحق في الحياة ركيزة أساسية لمنظومة حقوق الإنسان.