في ظل تفاقم مشاكل الشيكات بدون رصيد وتزايد النزاعات القضائية المرتبطة بها، صادق مجلس الحكومة على مشروع القانون رقم 71.24 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في إطار إصلاح شامل يهدف إلى إعادة الثقة في استعمال الشيك كوسيلة أداء آمنة داخل المعاملات الاقتصادية.
وحسب المعطيات الرسمية، فقد تم تسجيل أكثر من 972 ألف حادثة عدم أداء خلال سنة 2024، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الدعاوى القضائية المتعلقة بالشيكات، الأمر الذي دفع الحكومة إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم لها.
وأوضح الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن عدد الشيكات المسجلة ما بين 2022 ومتم يونيو 2025 بلغ 180 ألفًا و223 شكاية، توبع على إثرها 76 ألفًا و936 شخصًا، بينهم 58 ألفًا و710 موجودون في حالة اعتقال.
وأضاف خلال لقاء صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي للمجلس، أن مشروع تغيير وتتميم القانون رقم 15.95 يندرج في إطار التوجهات الاستراتيجية للمملكة الرامية إلى تحديث البيئة القانونية والتشريعية المتعلقة بالمعاملات المالية والتجارية، انسجامًا مع التطورات السريعة في مجال الأوراق التجارية، وتماشياً مع متطلبات السياسة الجنائية في مجال المال والأعمال، وذلك لكون مشكلة إصدار الشيكات بدون رصيد ما فتئت تؤرق المجتمع وخاصة المستثمرين لما لها من أخطار ووقع اقتصادي واجتماعي على جميع الأطراف، لاسيما الساحب والمستفيد.
وأكد الوزير أن مشروع القانون الجديد يهدف إلى تغيير وتتميم الكتاب الثالث من مدونة التجارة، ليشمل أحكامًا جديدة تتماشى مع متطلبات المرونة في المعاملات التجارية والمالية، خاصة بين التجار، بهدف تعزيز الأمن القانوني وتحسين كفاءة النظام التجاري وتجاوز عدة إشكالات قانونية وتنظيمية ظهرت نتيجة التطورات الحديثة المرتبطة بالأوراق التجارية.
وأوضح أن المشروع يتضمن أحكامًا تهدف إلى إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للشيك، وتشجيع المواطنين على تسوية وضعياتهم المالية بأداء مساهمة إبرائية مرتبطة بالغرامات المالية، مما سينعكس إيجابًا على دينامية المعاملات الاقتصادية ويسهم في ترشيد الاعتقال وتخفيف العبء على المحاكم في ما يتعلق بقضايا الشيك.
وأضاف أن الإصلاح يهم مجموعة من المواد، ولاسيما المادة 316، حيث أنه في القانون السابق في حالة تعسر أداء أي طرف يبقى الملف في المحكمة على أساس أن تبت فيه وترتب الجزاءات مع غرامة بقيمة 25 في المائة من قيمة الشيك، مبرزا أنه بعد الإصلاح وبمجرد أداء قيمة الشيك وغرامة بنسبة 2 في المائة تتوقف المتابعة بشكل نهائي.
كما أصبح بإمكان الأطراف الاستفادة من مسطرة الصلح في جميع مراحل المسار القضائي، بما في ذلك مرحلة تنفيذ العقوبة، حيث يؤدي أداء المبلغ المستحق أو سحب الشكاية إلى توقيف المتابعة أو تعليق تنفيذ الحكم تلقائيًا.
ويتضمن المشروع أيضًا إمكانية إشعار الساحب من طرف النيابة العامة بضرورة توفير المؤونة خلال 30 يومًا، مع إمكانية تمديد الأجل إلى 30 يومًا أخرى بموافقة المستفيد، إضافة إلى إمكانية إخضاع الساحب لتدبير المراقبة القضائية كبديل للعقوبة السجنية.