يزكي ربط توقعات آخر تقرير نشرته المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، إمكانية نمو الناتج الداخلي بنسبة تتراوح مابين 5,2 و5,7٪ سنة 2006 "إذا استمرت الظروف المناخية الجيدة في فصل الربيع المقبل"، الأهمية التي يمثلها القطاع الفلاحي باعتباره العمود الفقري
ومما لاشك فيه أن توالي سنوات الجفاف أدى، بالإضافة إلى عوامل أخرى، إلى ركود النشاط الاقتصادي بصفة عامة والقطاع الفلاحي على الخصوص بشكل أثار قلق الاقتصاديين والسياسيين.
ولم يستطع القطاع أن يستعيد حيويته سوى خلال النصف الثاني من سنة 2005، مما أتاح تحسن المعدل المتوقع للنمو السنوي ليصل إلى 1,6٪ .
ويؤشر ارتفاع حقينة السدود الموجهة للاستعمال الفلاحي، إلى حدود غاية 19 فبراير الجاري, لحجم 6,2 ملايير متر مكعب مقابل 6,9 ملايير متر مكعب خلال الفترة ذاتها من الموسم الفارط، أي بمعدل ملء بلغ حوالي 48٪ مقابل 41٪، قبل تساقطات يناير الماضي و53٪ مقارنة مع الفترة ذاتها من الموسم السابق، على ملامح تحقيق موسم فلاحي جيد .
وكانت المندوبية السامية للتخطيط قد توقعت أخيرا في تقرير نشرته حول "الميزانية الاقتصادية المتوقعة لـ 2006" أن القطاع الفلاحي، وعلى افتراض تحقق ظروف مناخية ملائمة كما تؤشر على ذلك التساقطات المطرية المسجلة مؤخرا، سيحقق حصيلة من الحبوب تقدر بـ 67 مليون قنطار ونموا في قيمته المضافة بحوالي 12,8٪ .
وأضافت أنه على أساس كون الناتج الداخلي الخام الحقيقي بما في ذلك القطاع الفلاحي سيشهد نموا بنسبة 5,2٪ في 2006 عوض 1,6٪ التي قدرت بالنسبة لسنة 2005وينتظر، حسب المندوبية، أن تعرف القيمة المضافة للقطاع ارتفاعا بقيمة 16٪ والناتج الداخلي الخام بأزيد من 5,7٪.
وتعزز هذه التوقعات المجهودات التي تبذلها الحكومة من أجل تطوير القطاع الفلاحي الذي يشغل نسبة 44٪ من مجموع السكان النشطين، المندرجة في إطار استراتيجية شاملة ترتكز على "سياسة التخطيط المندمج والشامل المتبعة بشأن الأحواض المائية الكبرى للبلاد، وتشييد ما يزيد على مائة سد ومنشأة مائية، مما يكفل إضفاء قيمة مضافة بنسبة 45٪ على النشاط الزراعي، ويساهم بما يعادل ثلاثة أرباع الصادرات الفلاحية المغربية" .
وأعلن وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري امحند العنصر مؤخرا أن الحكومة ستعمل، لمواجهة تحديات الانفتاح على الأسواق الدولية وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، على بلورة برنامج متكامل يهم التأهيل الشامل للقطاع الفلاحي، تصل كلفته الإجمالية بالنسبة للسنوات الثلاث المقبلة إلى 2,6 مليار درهم سنويا.
وحسب وزارة الفلاحة فإن أهم العمليات المزمع إنجازها بهدف توفير أفضل الشروط لانطلاق الموسم الفلاحي 2005 ـ 2006 تشمل التأهيل الشامل للقطاع الفلاحي من خلال تثمين الموارد الأساسية للقطاع ممثلة في العنصر البشري والأرض والماء من جهة، وإصلاح مسالك الإنتاج من جهة أخرى.
في ما يخص تدابير وتوقعات الموسم الفلاحي الحالي، فإن الأمر يهم بالنسبة للإنتاج النباتي توفير 750 ألف قنطار من البذور بدعم مالي من الدولة يتراوح حسب نوع البذور ما بين 80 و100 درهم، ومواصلة برنامج التأمين ضد الجفاف، وتعويض الفلاحين بكلفة مالية تصل إلى 120 مليون درهم، إضافة إلى مواصلة برنامج دعم التقنيات الحديثة والصيانة وإعادة تأهيل قنوات السقي.
في مجال الإنتاج الحيواني، أشار وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري الى أن التدابير التحضيرية تهم على الخصوص مواصلة برنامج الاعتناء بصحة القطيع وتخفيض رسوم استيراد مواد العلف الأساسية.
وبلغت المساحة الإجمالية المحروثة من الأراضي الفلاحية إلى حدود 12 دجنبر 2005 : 4,3 ملايين هكتار، أي نفس المستوى المسجل خلال الفترة ذاتها من الموسم الماضي, وبارتفاع نسبته 19٪ مقارنة مع معدل السنوات الخمس الأخيرة .
وحسب وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، فإن المساحة المحروثة آليا بلغت 3,7 ملايين هكتار 86٪ من المساحة المحروثة منها 1،7 مليون هكتار بالحرث المتوسط ومليوني هكتار بـ "الكوفر كروب".
وشملت عملية بذر الحبوب الخريفية، مساحة تقدر بــ 4,8٪ مليون هكتار، أي في نفس المستوى المسجل خلال الموسم الفارط ومعدل السنوات الخمس الأخيرة في الفترة ذاتها.
ورغم أن السياسة الفلاحية في المغرب تتميز بطابع الاستمرارية والسعي إلى تحقيق الأمن الغذائي والاندماج في السوق العالمية في آن واحد، فإن دخول اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة جعلت عددا من المراقبين يحذرون من أن تنعكس الاتفاقية سلبا على الاقتصاد المغربي، خاصة القطاع الفلاحي مقارنة مع الدعم الأميركي الضخم الموجه للقطاع الفلاحي الأميركي، مما يخلق أوضاع غير متكافئة.
ومع ذلك هناك جانب إيجابي يهم إمكانية ولوج الأسواق والعمل على تبادل ونشر المعارف والخبرات والإنجازات العلمية والتكنولوجية التي تهم بالخصوص ميادين الزراعة البيولوجية بهدف تحقيق التنمية الزراعية في البلاد.