أجبر الارتفاع الكبير لأسعار النفط في الأسواق العالمية، الذي أدى إلى زيادات متتالية للأثمنة بمحطات التزود بالوقود، مالكي السيارات المغاربة بشكل متزايد إلى اختيار اقتناء سيارات ذات محركات ديزل، بسبب استهلاكها المعتدل للوقود والتطور التكنولوجي الذي شهدته خلا
ونتيجة لذلك، فإن حظيرة السيارات المغربية، التي تشهد نموا كبيرا منذ نهاية العقد الأخير، تتكون في جزء كبير منها من السيارات ذات محركات الديزل ويجد هذا التوجه تفسيره أساسا في أسعار الغازوال، التي تظل منخفضة عن البنزين، وكذا النفقات المترتبة عن الرسوم الجبائية والتأمينات المنخفضة نسبيا مقارنة مع بلدان أخرى تتجه فيها السياسات البيئية إلى تقييد استعمال هذه المادة.
وأكد بدرالدين، بائع لدى وكيل إحدى ماركات السيارات الأروبية بالحي الصناعي بالرباط أن " الأمر عادي جدا أن يختار الزبناء سيارات بمحركات ديزل، وذلك اعتبارا للزيادات المتتالية لأسعار الوقود " .
وأوضح أنه بالإضافة إلى متعة القيادة التي توفرها الأنواع الجديدة من سيارات محركات ديزل، فإنها تضمن الاشتغال الجيد واقتصاد في الاستهلاك، الذي يظل " ذي أهمية كبيرة" لدى مستعمل السيارة المغربي.
وإذا كان الواقع يفيد أن السيارات ذات محركات البنزين، من جميع الأنواع، ذات كلفة أقل مقارنة مع نظيرتها للديزل، في مايخص أثمنة شراء السيارة والصيانة ومختلف النفقات الأخرى ضرائب وتأمين وغيرها، فإنه مع ذلك فإن السيارات التي تعمل بوقود الغازوال تتميز باستهلاك منخفض خصوصا في مجال السير داخل الوسط الحضري، والتي تبرز نتيجة لذلك " الوسيلة النموذجية" للاستعمالات المستمرة والتنقلات الدائمة خصوصا داخل المدينة" .
ومن جهته اعتبر الشاب عمر من الرباط أنه " بالنسبة للفرق بين البنزين أو الديزل، فإنه الأمر يظل نفسه في مايخص الأداء والاستعمال، بالإضافة إلى أنه يظهر أن سيارات ذات محركات ديزل تبدو اقتصادية إذا كان الإنسان يتنقل بكثرة" .
وقال إن " أول سيارة امتلكتها كانت ذات محرك بنزين، لكني اخترت التغيير لأقتني سيارة ذات محرك ديزل لأني أقوم بتنقلات دائمة خصوصا بالمدينة" نتيجة لذلك، سواء على مستوى الأداء والنظافة أو متعة القيادة فإن السيارات ذات محركات الديزل لاتفتأ في ربح النقاط أمام نظيرتها من البنزين من خلال فرض نفسها في مواقع ظلت محتكرة لمدة طويلة من طرف السيارات ذات محركات البنزين.
وتقدم السيارات ذات محركات الديزل اليوم بكونها مستقبل صناعة السيارات ومن جهته قال أمين، بائع لدى وكيل إحدى ماركات السيارات اليابانية بالرباط، أن " مبيعاتنا حققت قفزة شبه كاملة خلال السنوات الأخيرة بسبب إدخال سيارات ذات محركات ديزل جديدة حديثة إلى السوق" .
وقال إن مع ذلك فإن الارتفاع الأخير الذي شهدته أسعار الوقود خصوصا من فئة ديزل 350، المستعمل بشكل واسع من طرف سيارات ديزل حديثة قد يؤدي إلى إعطاء انطلاقة جديدة لمبيعات السيارات ذات محركات البنزين.
واعتبارا لما سبق هل سيظل اختيار المستهلك المغربي موجها نحو التشكيلة الجديدة من سيارات محركات ديزل خاصة نتيجة الثورة التكنولوجية التي عرفتها هذه الفئة من السيارات.
وشهدت المكونات الميكانيكية لمحركات ديزل تحولا كبيرا تميز بإحداث قطيعة مع التكنولوجيا المستخدمة من قبل المجموعات الكلاسيكية لهذه المحركات، والتي أصبحت اليوم متجاوزة. وتجاوز الزمن المحركات ذات سعة الأسطوانات الكبيرة والصلبة والتي تستهلك كمية كبيرة من الوقود وأداء خدمتها ضعيف، فالتوجه من الآن فصاعدا يميل إلى اعتماد التكنولوجيا المتقدمة التي تجمع بين المؤهلات العالية وقلة استهلاك الوقود ومتعة القيادة.
ومكن إدخال الأجيال الجديدة من التكنولوجيا الميكانيكية والإلكترونية في صناعة السيارات من الانتقال إلى مستوى آداء ومردودية غير مسبوقة.
ورغم تعدد الأسماء فإن السيارات الجديدة تعتمد على العموم على نفس التكنولوجيا المستعملة المتمثلة في المحركات ذات أنظمة الامتصاص المباشر ومكونات إلكترونية، وهو ما جعلها تحقق متعة في القيادة وتجاوز حدود في السرعة على الطريق ظلت لوقت طويل حكرا على سيارات محركات البنزين.
وتحت تأثير ضغط المهتمين والباحثين في مجال البيئة وكذا المستهلكين الذين أصبحوا يحترمون بشكل متزايد البيئة، فإن أرباب صناعة السيارات انخرطوا للاستثمار في سيارات ذات محركات ديزل أكثر نظافة وأقل تلويثا للبيئة، وهكذا أصبحت هذه السيارات تكسب زبناء أكثر بسبب استعمال وقود يحتوي على أقل قدر ممكن من الكبريت وتجهيز هذه السيارات بمصافي تمكن من التقليص الملموس من معدلات انبعاثات الغازات السامة.
وبدورها لم تستطع الانتقادات ان توقف زحف القفزة النوعية التي أصبحت تحققها السيارات ذات محركات ديزل، التي تمثل من الآن فصاعدا مستقبل قطاع السيارات ووعيا منهم بأهمية هذه التحولات شرع أرباب صناعة السيارات في جعل هذه الفئة قاطرة استراتجيتهم في الإبداع والتجديد.