شهد النظام البنكي والمالي المغربي خلال السنتين الأخيرتين تعديلات مستمرة ومبادرات لإصلاحه وعصرنته.
وإذا كانت هذه العصرنة بمثابة أهم المستجدات المالية التي شهدها المغرب، حيث تمت المصادقة من طرف البرلمان على المشروع المتعلق بالنظام الأساسي لبنك المغرب، وكذا متابعة النقاشات حول القانون البنكي، فإن مسلسل الإصلاح مازال مستمرا، وهناك عدة إجراءات مبرمجة تعزيزا لهذا المجال. وإذا كانت معظم الآليات الحالية تهم أساسا تمويل الاستثمار، فإن العديد من المقاولات تعاني من مديونية إجمالية جد مرتفعة ساهمت بشكل واضح في الرفع من حجم الديون المعلقة الأداء، وهو ما دفع بالأبناك إلى الامتناع عن منح قروض جديدة.
وفي هذا الإطار أوضحت وزارة المالية والخوصصة، أن آلية خاصة ستحدث بهدف إعادة تمويل ديون المقاولات بغية ضمان الديون التي جرت إعادة جدولتها من طرف الأبناك مقابل تفحيص مالي للمقاولات المعنية.
وسيتمتع الصندوق بعدة امتيازات تتمثل في اعتماد معدل فائدة مقاس على سندات الخزينة مضافة بـ 125 نقطة أساس، ويمكن أن يصل إلى حدود 12 سنة، وحجم تمويل يصل إلى 10 ملايين درهم وضمانة تصل إلى 50٪ من مبلغ التمويل.
وتشهد هذه الفترة دعم إصلاحات سوق الرساميل، عن طرق أوراش جديدة، ويتعلق الأمر حسب وزارة المالية خصوصا بتعديل نص القانون المتعلق بمؤسسات توظيف رأسمال المخاطرة.
وسيعمل المشروع الأول على توسيع تقنية التسنيد لتشمل جميع القطاعات الاقتصادية، لتصبح مصدرا مهما لتمويل الاستثمار، أما المشروع الثاني، فيهدف إلى وضع الاطار القانوني الخاص بنشاط مؤسسات توظيف رأسمال المخاطرة.
من جهة أخرى، أبرز المصدر ذاته أنه سيتواصل إصلاح سوق سندات الخزينة عن طريق وضع نظام تواصل آلي للقيام بعملية المزادات وتحسين الإطار التعاقدي المنظم لعلاقات الخزينة ووسطاء قيم الخزينة، وتدعيم التواصل مع مختلف الفاعلين في هذا المجال .
ويتضح من هذا المنطلق أن التغييرات التي ستطرأ على العلاقة التعاقدية بين الطرفين المشار إليهما، من شأنها السماح لوسطاء قيم الخزينة بالاستفادة من القروض غير التنافسية بنسبة 5٪ من كتلة المزادات، لكن مع إخضاعهم لنظام تنقيط يعكس نشاط كل وسيط داخل السوق.
وبالنسبة لتدعيم الإصلاحات البنكية، ذكرت وزارة المالية دائما أنه بالإضافة إلى تلك التي أدخلت خلال سنة 2003 و 2004، هناك عدة أوراش من طرف السلطات النقدية ترمي أساسا إلى إدخال تعديلات تنظيمية، تسمح بفتح آفاق نظام بنكي عصري ومتحرر
ومن ناحية أخرى، يبرز أن إنعاش القروض الصغرى يهدف بشكل أساسي إلى إنعاش التشغيل الذاتي ومن تم المساهمة في محاربة الفقر.
أما في إطار إصلاح القواعد الاحترازية، سيجري في أواخر سنة 2006 إدخال تغييرات جذرية على مستوى الأموال الذاتية للأبناك، تماشيا مع دخول معدل الملاءة الأدنى الجديد بال الثاني حيز التنقيط، الذي من شأنه أن يساهم بشكل فعال في الوقاية من الإفلاسات البنكية، وبموجب هذا الاجراء، يتعين على الأبناك مراعاة هذا المعدل وتطبيقه، وهكذا يقترح هذا الاصلاح طرقا جديدة لاحتساب الحد الأدنى للأموال الذاتية واعتماد أسلوب جديد للمراقبة الاحترازية وترسيخ قواعد حقيقية للسوق المالية.
ويستوجب تبني معدل الملاءة الأدنى الجديد إدخال إصلاحات جذرية على مستوى تدبير وتغطية المخاطر، وكذا العمل على الرفع من جودة المعلومات المالية والمحاسباتية
وفي خضم ذلك، يعتزم البنك المركزي بتعاون مع الشركة المالية الدولية وضع مركز للتحصيلات اعتمادا على معطيات المكتب المغربي للملكية الفكرية والتجارية.
يتضح أن قطاع القروض الصغرى أصبح محط اهتمام واسع، وفي هذا الإطار تطمح جمعيات القروض الصغرى إلى رفع عدد المستفيدين من 500 ألف سنة 2004، إلى 1.5 مليون في أفق 2010، مع زيادة المبلغ الجاري لهذا القرض إلى أكثر من 5 ملايير درهم، ولبلوغ هذه الأهداف أصبح من الضروري هيكلة هذا القطاع وتطوير ممارساته بغية تعزيز دوره كفاعل أساسي في التنمية الاجتماعية.
لذلك، ترمي الإصلاحات التي سيتم اعتمادها إلى توسيع مجال تدخلات جمعيات القروض الصغرى لتشمل تمويل قطاعات انتاجية أخرى، وتنويع مصادر التمويل وعصرنة المجال التنظيمي والهيكلي للقطاع.
وفي هذا الاتجاه، مكن تعديل القانون المتعلق بالقروض الصغرى من تمديد مجال هذه القروض لتشمل تمويل السكن والتزويد بالكهرباء والماء الصالح للشرب لفائدة الأشخاص المعوزين.
ومن أجل تمكين القطاع من مصادر تمويل دائمة وكافية بكلفة أقل، ويتم التفكير حاليا في إحداث أدوات تمويلية جديدة على غرار التأمينات الصغرى والإدخارات الصغرى، ولتقوية شفافية المصادقة على مشروع دليل محاسباتي لدى المجلس الوطني للمحاسبة، مما سيمكن من تقوية إدماج القطاع داخل النظام المالي.