سوق الشغل يواجه ارتفاعا في معدل البطالة

الإثنين 30 يناير 2006 - 13:42

يرى محللون أن الجهود المبذولة في مجال الاصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني سوف لن تكون لها آثار آنية على سوق التشغيل في الوقت الراهن، بالنظر للعديد من الإكراهات والصعوبات التي قد تحد من الطابع التضامني الذي تتميز به ميزانية 2006.

وبرأي هؤلاء المحللين، فإن القانون المالي الحالي كسابقيه سيواجه صعوبات بالنظر للإطار الماكرو اقتصادي الذي يأتي في سياقه، والمتسم باستمرار ثقل الفاتورة النفطية، وتراجع الصادرات المغربية جراء المنافسة القوية التي باتت تواجهها من طرف المنتوجات الآسيوية وخاصة الصينية منها.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة والإصلاحات التي أعلنت عنها في أكثر من قطاع ، فإن سوق الشغل لازال يعرف ارتفاعا في البطالة، حيث تفيد احصائيات للمندوبية السامية للتخطيط انها بلغت خلال الفصل الثالث من السنة الماضية 10.9 % ومعلوم أن مناصب الشغل التي توفرها الحكومة سنويا باتت تتناقص سنة بعد سنة، بل أصبح هاجس الحكومة اليوم هو التقليص من نفقات الأجور التي تثقل كاهل ميزانية الدولة.

ويرى البنك الدولي أن تحقيق استراتيجية تنموية ناجحة يمر بالضروررة عبر ضمان استقرار في الأسعار واصلاحات لدعم ديناميبة القطاع الخاص من أجل جلب الاستثمارات وقد اضحت المعضلة التشغيل إحدى اهم القضايا التي تواجه اقتصاديات الدول النامية مثل المغرب، بسبب التزايد الملحوظ في عدد الوافدين على سوق الشغل من خريجي الجامعات والمعاهد من جهة، وتدفق الهجرات من العالم القروي الى المدن من جهة ثانية
ولمواجهة هذه العضلة التي اصبحت تهدد الاستقرار الاجتماعي، أصبحت الدولة تراهن كثيرا على التقليص من حدة الظاهرة بإعطاء دور لقطاع الخاص من خلال تشجيعه ووضع التحفيزات المشجعة على الاستثمار، لكي يساهم في امتصاص جزء من العاطلين عن العمل.

وكانت أشغال المناظرة الأخيرة حول التشغيل قد وضعت العديد من الإجراءات والتحفيزات لحمل القطاع الخاص على الإسهام في التشغيل وعلى الرغم من اهمية الاقتراحات التي جاءت بها المناظرة، فإنها في نظر المعطلين تبقى عاجزة عن التعاطي مع إشكالية البطالة المعقدة، في غياب استراتيجية تنموية واضحة تعيد النظر في القطاعات الاستراتيجية وتأهيلها بما يمكن من مواجهة التحولات الجديدة وتطوير القطاعات المنتجة للثروة والقادرة على توفير مناصب الشغل.

وفي هذا الصدد، طالب البنك المغرب بدعم تنافسية محيط الأعمال، وتسزيع وتيرة الإصلاحات الماكرو والميكرو اقتصادية، موضحا أن التحكم في عجز الميزانية وتحقيق معدل صرف تنافسي ضروريان لمحيط ميكرواقتصادي مستقر.

وكانت تحقيقات أجراها البنك الدولي والحكومة المغربية كشفت أن المقاولات المغربية وخاصة الصغرى والمتوسطة منها، والتي توفر فرص الشغل، تحتاج اليوم إلى نظام مالي يضمن لها تمويلا مناسبا، ويدا عاملة مؤهلة ومكونة، بالاضافة الى تطبيق عملي لمدونة الشغل الجديدة، كما تحتاج الى سوق عقاري متوازن وفي حالة اشتغال جيدة ونظام قانوني يحرص على احترام حقوق الملكية والعقود، معتبرا هذه العناصر بمثابة مفاتيح ستحد من الحواجز التي تحول دون ولوج مقاولات جديدة لعالم الأعمال.


البنك الدولي، وكعادة مختلف التقارير التي ينجزها، توقف عند التحديات الرئيسية التي تواجه تحقيق النمو الاقتصادي، حيث أوضح أن بطء معدل النمو وضعف المؤشرات الاجتماعية وارتفاع البطالة والضغط المتنامي على الموارد الطبيعية وخاصة الماء، كلها تحديات مطروحة على اقتصاد المغرب.

وأوضح البنك أن بإمكان استغلال العوامل الطبيعية المتمثلة في وجود معدل نمو ديمغرافي في حدود 1.5 % ، وارتفاع في اليد العاملة الى 3 % ، وتنامي معدل مساهمة المرأة في الساكنة النشيطة، إذا ما جرى مواكبتها بإجراءات بيداغوجية وتكوين يستهدف الإدماج الافضل للشباب في الاقتصاد، لضمان عشرية تتميز بنمو مرتفع.

وحذر البنك في هذا الخصوص قائلا "إنه اذا لم تعرف العشرية القادمة النمو المطلوب وخلق مناصب الشغل ضرورية مقارنة مع العشرية الماضية ، فان الفقر والتهميش يمكن ان يصلا الى معدلات تصبح مصدر توترات اجتماعية من الصعب مواجهتها".

ولمواجهة هذه الوضعية، طالب البنك بالعمل على خلق شرط النمو الكفيلة بتحقيق مناصب الشغل , موضحا ان تتافسية افضل وتوفير مناخ سليم للاستثمار، يبقى احد السبل الضرورية لتمكين المغرب من تجاوز وضعية الفقر وتنامي البطالة في صفوف الشباب.

وحسب المؤسسة المالية الدولية , فإن المغرب بإمكانه تسريع وتيرة النمو وخلق فرص الشغل، إذا هو قام بتعزيزأسس الاستقرار الماكرو اقتصادي، وواصل برنامج الاصلاحات البنيوية الهادفة الى التحكم في اختلالات الميزانية واستمر في تحرير التجارة الخارجية وانفتاح الاقتصاد، كما أكد البنك على ضرورة تطوير دور القطاع الخاص وتحسين فعاليته ومعالجة نقط ضعف القطاع المالي وأنظمة التقاعد وتحرير سوق الشغل.




تابعونا على فيسبوك