عن مطبعة النجاح الجديدة ـ الدارالبيضاء أصدر عراقي محمد رشيد أولى أجزاء ثلاثيته تحت عنوان : "العدل"ضمن مجموعة : "Je suis - développé"والتي تتكون من خمسة أجزاء سمى كل جزء منها بأسماء أحد أبنائه وبناته، والأخرى بأسماء عائلته، فحمل الجزء الأول اسم "العدل"،
في ما يخص الجزء الأول من هذه المجموعة والتي هي عبارة عن تأملات في هذه المثل والقيم والمبادئ، فقد خصصه للعدل، الذي نحن بصدد تقديمه، وفكرة "العدل"، هذه يجردها المؤلف من محتوى ديني أو دنيوي وضعي ويقتصر على معالجتها كفكرة، وكعمل وسلوك لأي شخص خلال مسيرته اليومية في الحياة، ذلك أن الإنسان هو في حاجة إلى العدل ليبني عليه سعادته واستقلاله وتقدمه، عدل تجاه نفسه، وتجاه الآخر، وداخل الوسط الذي يعيش فيه ومن دون مبالغة ولاتعسف على الإنسان أن يعمل على حفظ والسهر على احترام نفسه واحترام الآخرين واحترام طبائعهم، ومن دون هذا الاحترام، فإنه سيعتبر في عداد المتخلفين، وما يأتي منهم كل الآثام والأوجاع، سيفقد هدفه، ويضيع مقصده ويتعامل بلا تسامح مع أشباهه، ويتصرف بلا تفكير وتصبح الطبيعة مثل طبيعة نفسه.
هذا الغياب للعدل تجاه المكونات الثلاثة التي ترافق العمر أي النفس والآخر والطبيعة، هذا ما ينتقده مؤلف هذه التأملات ويعتبر من يتصرف كهذا بمثابة متخلف وغير حضاري
ما جاء في الكتاب هو عبارة عن تأملات للكاتب بين نفسه ومع الشخص الذي يجسده بدأها منذ فجر طفولته، وقد جاءت محتويات الكتاب على شكل مقاطع وحكم تلقاها الكاتب على مدى طفولته وخلال مسيرته الوظيفية.
يتعلق الأمر اذا بتاريخ تأملات حول موضوع إنساني، لشخص عاش في مجتمع يعتبره المؤلف متخلفا عن إصرار الوقائع التي يحكي عنها والتي ينقلها على امتداد شبابه والتي بحكم الزمن شاخت، دون ان تتحسن، ولا أمل في إصلاحها وأن الطريق نحو هذا الأمل يبقى هشا، تدفع بالإنسان للتأمل داخل نفسه، بحثا عن توافق مع ضميره واخلاقه، حتى يصل إلى متبغاه في السعادة لنفسه ولأقربائه ولباقي أشباهه ـ هذا الموضوع الإنساني، الذي يصفه المؤلف وينتقده ويبرره أحيانا، الذي هو عدم التسامح تجاه النفس وتجاه الآخر وعدم احترام النفس واحترام الآخر واحترام الطبيعة، المكونات الثلاث للحياة المشتركة، فوق الأرض هو ما يجر المشاكل والويلات ويؤدى الى الاصطدام والتنافر وعدم القبول بالآخر، وهو ما يعبر عنه المؤلف في خاتمة الكتاب أن العالم الذي أراد ان يصلحه ويغيره نحو الأفضل والأحسن هذا العالم هو من غيره, وأن هذا العالم الذي حاول ان يؤثر فيه هو من طبع حياته حتى نهايتها، وان المعركة التي خاضها ضد العوامل السلبية، وضد عدم الاحترام بفعل الأنانية، فإن هذه المعركة انتهت بشل إرادته في تغيير العالم، وأن العالم هو الذي غيره، ويضيف أنه مع الحياة، يجب ان يكافح الإنسان ضد مشكل يحدث وإلا فإنه سيتعرض للسأم الذي يحاربه، وعليه أولا أن يتسلح ضد الإحباط لكي يتمكن من التقدم نحو أهدافه.
لكن من أين يجب البدء، يقول المؤلف إن كل واحد عليه أن يكنس أمام بيته وأن الحياة مثل السباحة داخل النهر على الإنسان أن يكون سباحا جيدا، وأن لا يسبح عكس التيار، لكن يتدرك، فيقول انه يمكن أن نكون خير معالجين وأطباء ومرضى في الوقت نفسه، كما يمكن ان نكون مهندسين معماريين ولايمكن ان نبني بيتنا الخاص.
ولد مؤلف الكتاب عراقي محمد رشيد بفاس عام 1952، حيث دراسته، وبها كانت أولى تجاربه في التعليم، تلقى بعدها تعليما عاليا بأوروبا، واشتغل كباحث، وفي ما بعد في الميدان الاجتماعي بالمكتب الشريف للفوسفاط .