برقم أعمال يفوق 60 مليار درهم، يعد قطاع الصناعة الغذائية أحد أهم أعمدة الاقتصاد المغربي، غير أن مساهمته في الناتج الداخلي الخام تبقى دون المطلوب، مقارنة مع الدول المنافسة، ولاتشكل سوى 4.4٪ مقابل 15٪ كمتوسط في القطاع الفلاحي الأولي.
وحسب غرفة التجارة والصناعة الفرنسية في العدد 860 لمجلة "الظرفية"، فإن المغرب يعتبر بلدا فلاحيا غير أن تحويل المنتوج الفلاحي يظل دون المستوى المطلوب.
وأبرز هذا المصدر أن العوامل الأساسية المؤثرة على هذا المستوى، تتلخص في كون العادات الغذائية، تميل نحو تغليب استهلاك المواد الطرية، نظرا لسعرها المنخفض، وحضورها طوال السنة، إلى جانب أن نسب النساء العاملات خارج البيت تبقى دون معدل النساء دون عمل، وهو ما يجعل من الأسواق المحلية عامل جذب لاقتناء المواد الغذائية بالتقسيط المناسب للقدرة الشرائية المتواضعة لشرائح كبيرة من المواطنين .
ومن هذه الزاوية ترى الفيدرالية الوطنية للصناعات الغذائية، أن صناعات المعلبات النباتية لاتتوفر على حظوظ الرواج التجاري في الأسواق المحلية، مما يجعلها موجهة للتصدير، أما بالنسبة للشعب الأخرى لهذه الصناعة فإن العكس هو الصحيح، حيث أنها توجد في وضعية مريحة في الأسواق المحلية من خلال الحماية الجمركية.
وتلاحظ "الظرفية" أن عددا من المقاولات المصدرة للمعلبات النباتية، لاتتوفر على مصلحة تجارية مهيكلة.
ومن جهة أخرى أوضحت غرفة التجارة والصناعة الفرنسية بالدارالبيضاء، أن الإشكالية المطروحة أمام الصناعات الغذائية تكمن في جانب التخزين، إذ تلاحظ أن العلاقة بين الفلاح والصناعي تبقى غائبة، مما يجعل من خلق شبكة متشكلة من فروع محددة.
وعقب استعراض أغلب النواقص، تطرقت إلى تشخيص وضعية بعض الصناعات الغذائية مستهلة إياها بتحول وتصبير سمك السردين، وأبرزت أن صادراها تضاعفت ما بين 1997 و2003، منتقلة بذلك من 43700 طن إلى 97700 طن.
وأشارت إلى أن هذا القطاع استطاع تكريس خلق مناصب الشغل، حيث تساهم بالاضافة إلى 3 آلاف منصب شغل قار في خلق ما يفوق 20 ألف منصب شغل موسمي و 50 ألف منصب غير مباشر، ومن قبل كانت هناك العديد من مقاولات تحويل هذا المنتوج البحري.
إلا أنه حاليا لم يتبق منها سوى 28 مقاولة مستجيبة للمعايير الدولية خاصة الصحية منها، ولمست »الظرفية« أن الإشكالية المطروحة آنيا أمام هذه المقاولات تظل هي التخزين، وهو ما يستدعي حسب الفاعلين في هذا المجال النهوض وتنمية الصيد الساحلي، وإعادة النظر في القوانين الجاري بها العمل على هذا الصعيد التي تعود إلى الثلاثينات.
ويؤكد الفاعلون القطاعيون أيضا أن الأسطول الحالي لايمكنه سوى توفير 280 ألف طن سنويا، في حين تناهز الطاقة الانتاجية للوحدات المغربية لتحويل هذا المنتوج 400 ألف طن.
ومن جانب آخر، أفادت الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة في دراسة تحليلية لقطاع الصناعات الغذائية بالمغرب أنجزت سنة 2004، بدعم من برنامج ميدا للإتحاد الأوروبي، على أن صياغة أسس تأهيله تنافسيا، يمكن إيجازها في محاور تهم التأطير التقني، وتكوين الفلاحين، وتنظيم تجمع المنتجين، وتحسين العقد، وخلق مرصد لإنتاج الخضر والفواكه، وإعادة هيكلة زراعة الزيتون، وتطوير نظم السقي.