في أجواء تخيم عليها معاني الفخر والانتماء الوطني، احتضنت كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، يوم الأربعاء 12 نونبر 2025، يوما علميا واحتفاليا موسعا، تخليدا للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة وعيد الاستقلال المجيد، واستحضاراً للانتصار الدبلوماسي التاريخي الذي جسده قرار مجلس الأمن رقم 2797.
وشكل هذا الحدث مناسبة لتجديد العهد مع القيم الوطنية الراسخة، وإبراز دور الجامعة المغربية كفضاء لإحياء الذاكرة وتكوين جيل واع بالتحديات الراهنة.
في كلمتها الافتتاحية التي لقيت تفاعل لافتا من الحضور، أكدت الأستاذة حسنة كجي، عميدة كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، أن تخليد المسيرة الخضراء ليس مجرد احتفال رمزي، بل “عودة إلى واحدة من أصفى صور التلاحم بين العرش والشعب، وأبرز تجليات الذكاء الجماعي المغربي في الدفاع عن الوحدة الترابية”.
وقالت العميدة، في كلمة مؤثرة :»القيم التي صنعت ملحمة المسيرة هي نفسها القيم التي نحتاجها اليوم: الإيمان الجماعي والمسؤولية والالتزام والانخراط في بناء مغرب موحد، قوي ومزدهر. والجامعة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، مطالبة بتجذير روح المواطنة الإيجابية في نفوس الطلبة، ليكونوا امتدادا لهذا الإرث الوطني الخالد».
وشددت كجي على أن الكلية، من خلال هذا اليوم الاحتفالي، تجدد عهدها بأن تبقى «فضاء مفتوحا للمعرفة والنقاش وحاضنة لقيم الوطنية والتسامح والانفتاح”. بدوره، أكد عبد اللطيف مكرم، رئيس جامعة الحسن الأول بسطات، في كلمته الرسمية، أن هذا الاحتفاء يتزامن مع مرحلة مفصلية تعيشها المملكة انتقلت فيها من “الدفاع عن وحدتها الترابية إلى تثبيت المكاسب وتحقيق نتائج إيجابية على المستوى الدبلوماسي”.
وقال رئيس الجامعة إن «قرار مجلس الأمن 2797 لم يكن محطة عابرة، بل محطة فاصلة تعترف بوضوح بمرجعيات الحل الواقعي وبالدور الريادي للمغرب في استتباب الأمن والاستقرار بالمنطقة. والجامعة المغربية مطالبة بمواكبة هذه التحولات، من خلال البحث العلمي والدبلوماسية الأكاديمية».
مكرم أكد أن اختيار كلية العلوم القانونية والسياسية لاحتضان هذا اليوم “لا يعكس فقط بعدها الأكاديمي، بل أيضا انخراطها الجاد في النقاش الوطني المرتبط بالقضية الأولى للمغاربة”.
وقدم الأستاذ محمد غربي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، مداخلة علمية معمقة بعنوان: «الخطاب الملكي والقرار الأممي 2797: من تثمين الخيار الاستراتيجي إلى ترسيخ النهج المغربي في حل النزاعات»، وفي عرض أكاديمي محكم، أوضح غربي أن القرار الأممي الأخير يعكس «تحولا نوعيا في مقاربة المجتمع الدولي لقضية الصحراء المغربية”، مبرزا أن القراءة المتأنية للقرار تظهر: ترجيحا واضحا للحل السياسي الواقعي والبناء على مبادرة الحكم الذاتي ونهاية منطق الطروحات الانفصالية خارج السياق الدولي؛ واعترافا دوليا بدور المغرب في استقرار المنطقة ودعما متزايدا لمبادرات التنمية والجهوية المتقدمة بالمناطق الجنوبية.
وقال غربي إن «الخطاب الملكي الأخير وضع خارطة طريق جديدة للدبلوماسية المغربية تقوم على الصلابة في المواقف والوضوح في التوجهات والفعالية في تنزيل مشاريع التنمية بالأقاليم الجنوبية، وهو خطاب ينسجم تماما مع روح القرار 2797.»
وأضاف الأستاذ غربي: »المسيرة الخضراء كانت تعبيرا عن وحدة وطنية فريدة، واليوم نرى امتدادها في الدبلوماسية المغربية، التي نجحت في تحويل ملف الصحراء إلى ورقة قوة للدولة المغربية، وليس فقط قضية دفاع عن حدود».
ولم يكتفِ الأستاذ غربي بالتحليل السياسي، بل قدم أيضا قراءة سوسيولوجية لتمثلات المسيرة لدى الأجيال الصاعدة، مؤكداً أن “ترسيخ الوطنية اليوم لا يقوم فقط على الذاكرة الجماعية، بل على جعل الشباب جزءا من مشروع تنموي واقعي يعي رهانات الحاضر ويتملك أدوات الغد”.
وعرفت مداخلة غربي تفاعلا كبيرا من الأساتذة والطلبة، الذين اعتبروا عرضه «محاضرة شاملة جمعت بين التاريخ والقانون الدولي والدبلوماسية والمستقبل».
وتميز هذا الحفل الوطني داخل الحرم الجامعي بفقرات غنية ومتنوعة، جسدت تنوع مقاربات الاحتفاء منها افتتاح معرض تاريخي لصور الملوك العلويين ووثائق المسيرة الخضراء بتنسيق مع المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتلاوة آيات بينات والنشيد الوطني وسط أجواء مؤثرة وعرض مسرحي بعنوان «حين عادت الريح» من إبداع محترف المسرح الجامعي وعرض الفيلم الوثائقي «المسيرة» للمخرج يوسف بريطل، الذي أعاد سرد الملاحم الوطنية بأسلوب سينمائي مشوقوتقديم عروض فنية وطنية قدمها طلبة الكلية تعبيراً عن ارتباطهم العميق بروح المسيرة.
وفي ختام اليوم، تم غرس «شجرة الوحدة» داخل فضاء الكلية، في مبادرة رمزية تجمع بين البعد الوطني والالتزام البيئي، وتؤكد أن “الوحدة مسؤولية تتجدد عبر الأجيال” حيث، أشرفت الأستاذة حسنة كجي، عميدة كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، على غرس “شجرة الوحدة” في بهو الكلية، في لحظة احتفالية حملت من الرمزية أكثر مما حملته من الطقس البروتوكولي. فقد التفّ حول العميدة عدد من الأساتذة والطلبة والضيوف، بينما جرى اختيار مكان الغرس بعناية ليكون مرئياً لكل مرتادي المؤسسة، وكأن الشجرة خُلقت لتكون “شاهد ذاكرة” وامتداداً حيّاً للروح الوطنية التي طبعت هذا الحدث.
وقدمت كجي كلمة قصيرة قبل الغرس، أكدت فيها أن هذه الشجرة تمثل استمرارية المسيرة الوطنية، وتجسد الجذور الراسخة لوحدة المغرب وترابه وثوابته. وأضافت أن الجامعة، باعتبارها فضاء للفكر والمعرفة، ليست فقط صرحاً علمياً، بل أيضاً مؤسسة تُعنى ببناء المواطن الواعي والمنتمي، القادر على حمل رسالة الأجداد ومواصلة مسيرة البناء. ورفعت الأعلام الوطنية خلال لحظة الغرس، وترددت الهتافات الطلابية احتفاءً بهذه المبادرة، فيما تولى الطلبة إضافة اللمسات الأخيرة على محيط الشجرة في مشهد يجمع بين الوطنية والعمل البيئي، ويرسخ لدى الجيل الجديد فكرة أن الوحدة الترابية ليست فقط قضية سياسية، بل قيمة تُغرس كما تُغرس الشجرة، وتحتاج إلى رعاية مستمرة لتنمو وتثمر. وهكذا أصبحت «شجرة الوحدة» جزءا من هوية الكلية تحمل على أغصانها رسالة مفادها أن الوطن يُبنى بالأيدي التي تزرع وبالقلوب التي تخلص وبالعقول التي تؤمن بأن الوحدة مسؤولية تتجدد عبر الأجيال. بهذا اليوم الحافل بالمعرفة والوجدان، جسدت كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، تحت إشراف عميدتها كجي، الدور المركزي للجامعة في صون الذاكرة الجماعية ومواكبة القضايا الوطنية، وتكوين جيل متمكن من أدوات التحليل السياسي ومتشبع بقيم الوطنية الصادقة.
وأكد جميع المتدخلين أن المسيرة الخضراء ليست حدثا تاريخيا فقط، بل مسارا مستمرا نحو التنمية والوحدة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
بهذا اليوم الحافل بالمعرفة والوجدان، جسدت كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، تحت إشراف عميدتها السيدة حسنة كجي، الدور المركزي للجامعة في صون الذاكرة الجماعية، ومواكبة القضايا الوطنية، وتكوين جيل متمكن من أدوات التحليل السياسي ومتشبع بقيم الوطنية الصادقة.
وقد أكد جميع المتدخلين أن المسيرة الخضراء ليست حدثاً تاريخياً فقط، بل مساراً مستمراً نحو التنمية والوحدة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
الجامعـــــة المغربيـــــــة…
ذاكرة وطنية ورهان مستقبلي