المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط.. صرح صحي بمواصفات عالمية

الصحراء المغربية
الجمعة 07 نونبر 2025 - 17:30
تصوير: حسن سرادني

شُيد على أرض الرباط، صرحٌ يجمع بين قاعات العمليات الحديثة ومدرجات المحاضرات الأكاديمية، إنه المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس. هذا المشروع الطموح، الذي يعد أول منشأة بهذا الحجم يتم تجهيزها وتشغيلها في إفريقيا خلال أقل من عامين، ليس مجرد إضافة للعرض الصحي الوطني، بل هو نموذج متكامل يجمع تحت سقفه المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة.

ومن خلال تخصصات متقدمة كالجراحة الروبوتية وعلاج الأورام، إلى جانب توفير بيئة تعليمية تضمن لـ800 طالب الانغماس العملي في الواقع السريري، يهدف المركب إلى تعزيز الكفاءات الطبية الوطنية وتحسين جودة الرعاية الصحية.

 

بناية حديثة عصرية شُيدت بمواصفات عالمية

بالعاصمة الرباط، إنه المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس الذي يرمز إلى جيل جديد من البنى التحتية الحديثة والذكية، يندرج بالكامل في رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجعل مدينة الرباط مدينة طبية حقيقية.

بُني هذا الصرح على مساحة قدرها 280 ألف متر مربع، وهو يضم كيانين متكاملين المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط (136 ألف متر مربع)، مع برج مكون من 25 طابقًا (54 ألف متر مربع)، وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالرباط (90 ألف متر مربع)، يشغل 2500 شخص.

وقد تم إطلاق هذا المشروع الاستثنائي في نونبر 2023، وهو يُعدّ أول مشروع بهذا الحجم في إفريقيا يتم تجهيزه وتشغيله بالكامل في أقل من عامين. يتجه المركب بكل عزم نحو المستقبل، حيث يدمج أحدث التقنيات الطبية، ويوفر إطارًا للتعليم والتكوين عالي المستوى، ويعتمد على تنظيم فعال وموظفين ذوي كفاءات عالية. المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس

وفي زيارة لهذا الصرح الصحي قامت "الصحراء المغربية" بجولة بالمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط الذي كان مجهزا بأحدث التجهيزات الطبية والتقنية، إذ يضم أزيد من 30 قطبا للتميز في المجالات الطبية - الجراحية والطبية -التقنية، تغطي تخصصات من قبيل الجراحة الروبوتية، وجراحة الأعصاب، وأمراض القلب التدخلية، وعلاج الأورام، والعلاج الإشعاعي، والتصوير الطبي الدقيق.

ويحتوي المستشفى، أيضا، على 24 غرفة عمليات حديثة، 19 منها بالمركب الجراحي المندمج الذي يمتد على مساحة إجمالية قدرها 3400 متر مربع، منها غرف هجينة وروبوتية، إلى جانب 143 سريرا مخصصا للعلاجات الحرجة، من بينها 30 حاضنة لإنعاش الأطفال حديثي الولادة.

وتبلغ طاقته الاستيعابية الأولية 600 سرير قابلة للزيادة إلى 1000 سرير. ويتميز المركب، بإنشاء أول منصة مختبرية آلية بالكامل في إفريقيا، تغطي جميع مراحل التحاليل البيولوجية، وذلك في عدة مجالات من ضمنها الكيمياء، المناعة وأمراض الدم.

كما يحتضن أول مختبر رقمي للتشريح المرضي في المغرب، يضمن تتبعا دقيقا ونتائج تشخيصية عالية الجودة. ويلعب المستشفى الجامعي دورًا استراتيجيًا في تعزيز عرض الرعاية الصحية على المستوى الوطني والإقليمي، خاصة في التكفل وعلاج الأمراض المعقدة. ويركز المستشفى على المريض، ويقدم مسارات رعاية متكاملة وشخصية، تضمن الراحة والأمان والجودة.

وتُعدّ المؤسسة أيضًا مجالًا تعليميًا مفضلاً لطلبة جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، وتتيح لهم الانغماس في بيئات سريرية وتقنية متقدمة. وقال البروفسور أحمد بنانة، المدير العام للمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط التابع لمؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة، إن تواجد هذا المستشفى الجامعي بجانب مستشفى بن سينا هو دلالة واضحة على التكامل داخل المنظومة الصحية الوطنية الموحدة والتي تستجيب وتتماشى مع التوجهات الملكية السامية في إطار إعادة هيكلة القطاع الصحي بما في ذلك مصلحة المواطن.

وأكد البروفسور بنانة، بالمناسبة،أن الرعاية السامية التي يخص بها جلالة الملك المواطنين هي تجلي واضح على أن الجميع يعملون في انسجام على إعادة تأهيل المنظومة الصحية.

 

اعتماد التعريفة الوطنية المرجعية و نهاية رحلات العلاج في الخارج

وأوضح البروفسور بنانة أن جميع المستشفيات التابعة لمؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة وضمنها المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط تعتمد التعريفة الوطنية المرجعية، مشيرا إلى أن المواطنين الذين يتوفرون على "أمو تضامن" توفر لهم الحماية الاجتماعية تغطية مصاريف العلاج بنسبة مهمة والباقي الذي يجب أن يتحمله المرتفق تؤديه عنه مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة .

وأضاف البروفسور بنانة أن مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة لا تعتمد الشيك كضمانة ولا يوجد ما يسمى "نوار"، مشيرا إلى أن المرتفق حين يتوجه إلى أي مستشفى لديه الحق في فوترة شفافة، وجميع العاملين والأطباء بالمستشفى واعون بهذه المسألة، ويجب على المرتفقين أن يعلموا بأن الفاتورة يجب أن تحمل ختم المؤسسة.

وجدد البروفسور بنانة التأكيد على أن هذا المستشفى تكملة للعرض الصحي الوطني وأن المواطن يجب أن يجد العلاج كيف ما كانت طبيعته وكيفما كان مستوى تطوره في المنظومة الصحية المغربية.

وأضاف المتحدث ذاته أنه بفضل التجهيزات الطبية المتطورة والخبرات والكفاءات العالية المتوفرة بهذا المستشفى، لم يعد من الضروري على المريض السفر إلى الخارج لطلب العلاج.

وحول مجال البحث، أفاد المدير العام للمستشفى الجامعي أنه داخل المنظومة الصحية يوجد مركز محمد السادس للعلوم والأبحاث مفتوح في وجه جميع الطلبة والباحثين المغاربة، ويوفر العديد من المعدات والتقنيات الحديثة، كما يوفر التأطير للدفع بالبحث العلمي ببلادنا نحو الأمام.

وزاد قائلا " نتحدث عن السيادة والاستقلالية الصحية التي أرادها جلالة الملك للمغرب ولفائدة إفريقيا، وبالتالي لا يمكن الحديث عن هذه السيادة الصحية إذا لم نكن ندعم ونسهل البحث العلمي".

 

استقبال المرضى من المغرب والخارج

صُمم المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط لاستقبال المرضى القادمين من المغرب والخارج، حيث يقدم لهم رعاية طبية عالية المستوى ومتوافقة مع المعايير الدولية. ويضع المستشفى في خدمتهم فرقًا متعددة التخصصات، تتقن خبراتها لخدمة المرضى من مختلف الجنسيات، ما يضمن بيئة آمنة ومريحة ومكيفة مع متطلبات الإقامات الطبية الدولية، بدءا من التشخيص وصولاً إلى المتابعة ما بعد العلاج.

 

جامعة محمد السادس للعلوم والصحة.. تكوين عالي يساهم في تعزيز القطاع

توجد جامعة محمد السادس للعلوم والصحة بمحاذاة المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس، بطاقة استيعابية تقدر بـ800 طالب، تضم 15 مدرجا للمحاضرات بطاقة استيعابية تصل إلى 4000 مقعد، و72 قاعة للدروس النظرية و217 قاعة للأعمال التطبيقية والتوجيهية.

وتندرج جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالرباط ضمن مقاربة شاملة تهدف إلى تلبية احتياجات النظام الصحي في المغرب وخارجه، وذلك عبر منظومة متكاملة تجمع بين الرعاية، التكوين، والبحث العلمي. وتتمثل مهمتها في تكوين مهنيين صحيين ذوي كفاءات عالية، قادرين على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية للقطاع. وبفضل اندماجها في المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط، تعزز جامعة محمد السادس لعلوم الصحة مكانتها كفاعل رئيسي في التعليم العالي الصحي، لخدمة الطلبة.

ومن خلال استقبالها لطلبة من تخصصات متعددة، تساهم الجامعة في تطوير قطاع الصحة في المغرب وخارجه. وأكد المتدخلون، خلال هذه الزيارة، أن هذه الجامعة تقدم مجموعة واسعة من التكوينات (البرامج التدريبية) في الطب، طب الأسنان، الصيدلة، الطب البيطري، هندسة علوم الصحة، بالإضافة إلى علوم التمريض ومهن الصحة الأخرى. هذه الشهادات، المعترف بها من طرف الدولة، تستجيب للمعايير الأكاديمية واحتياجات القطاع الصحي الحالية.

وأوضح المتدخلون أن المنهجية التعليمية لجامعة محمد السادس لعلوم الصحة تعتمد على توازن عادل بين اكتساب المعارف النظرية والانغماس العملي في الواقع السريري، وهي تروم اكتساب المهارات المهنية وتنمية التفكير السريري، حيث تسمح هذه الطريقة بإعداد الطلبة لممارسة مهنية صارمة وفعالة ومكيفة.

ويُنشئ اندماج الجامعة ضمن المركب الاستشفائي الجامعي الدولي محمد السادس علاقة وثيقة بين التدريس النظري والممارسة على أرض الواقع، حيث إنه بفضل هذا القرب، تتاح للطلبة فرصة الوصول إلى عالم استشفائي (مستشفيات) حديث ومتعدد التخصصات.

كما يتيح لهم ذلك تطبيق ما يتعلمونه في الفصول الدراسية بسرعة، وفهم حقائق العمل الطبي بشكل أفضل، والاستعداد بفعالية لمسيرتهم المهنية المستقبلية، وبالتالي تعمل هذه التجربة العملية على تعزيز كفاءاتهم وثقتهم في مجال الرعاية الصحية.

 

أهمية البحث العلمي في التكوين

أبرز جعفر هيكل، مكلف بمهمة بمؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة أهمية قطب التكوين داخل هذا الصرح الصحي، من أجل توفير الموارد البشرية من أطباء وممرضين وصيادلة ومهندسين وغيرهم من المهنيين.

كما أبرز أهمية البحث العلمي في إطار تحسين الخدمات الصحية وجودتها، مؤكدا أن هذا الورش الملكي يأتي في إطار إعادة النظر في المنظومة الصحية من خلال توفير التغطية الصحية لجميع المواطنات والمواطنين من طنجة إلى الكويرة، وتوفير الخدمات الصحية بالمراكز الصحية والمستشفيات في إطار يضمن الجودة وتوفير جميع الإمكانيات في سياق جامعي وحتى في إطار مستشفيات القرب والمراكز الصحية في القرى.

وأضاف هيكل أن هذه المؤسسة تشتغل في إطار خدمات الدولة في سياق التعاون لتحسين الخدمات الصحية لجميع المغاربة على اعتبار أن الصحة مسألة أساسية ومجتمعية.

 

مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة.. تحسين عرض الرعاية الصحية والتعليم الصحي

أُنشئت مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة لتجسيد إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإصلاح النظام الصحي الوطني بعمق. وهي تجمع مؤسسات ملتزمة بتقديم الرعاية والخدمة للسكان.

تتمتع المؤسسة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتعمل في إطار المصلحة العامة. وتهدف إلى تحسين الرعاية الطبية مع تطوير التعليم والتكوين والبحث والابتكار، وذلك بالتنسيق مع الجهات الفاعلة المعنية.

وتهدف مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة إلى لعب دور رئيسي في تحسين عرض الرعاية الصحية والتعليم الصحي. بالتنسيق مع السلطات والجهات الفاعلة في القطاع، تلتزم المؤسسة بالتكفل برعاية الأشخاص المعوزين المستفيدين من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالفقراء "أمو تضامن "، وبقيادة أعمال ذات طابع اجتماعي أو إنساني، وتنظيم برامج للوقاية الصحية.

 

تصوير: حسن سرادني
 




تابعونا على فيسبوك