يفيد عدد من الخبراء المغاربة، الفاعلين في مجال التحسيس بزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، أن المغرب في حاجة ماسة إلى تنظيم حملات كبرى لنشر الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء والأنسجة لتعزيز ثقافة التبرع لإنقاذ حياة المرضى وإعادة أملهم في العيش عبر تحسين حياتهم وضمان مستقبل للمرضى الذين ينتظرون فرصة جديدة للحياة.
ويأتي هذا المطلب في سياق ضعف عدد المتبرعين، الذي يظل دون المستوى المطلوب، في حين أن الآلاف من المرضى ينتظرون فرصة لتلقي عضو يمكن أن ينقذ حياة عدد من المصابين بمرض الكلي، الكبد، القلب وأمراض العيون والجهاز التنفسي، وغيرها، إذ تعد الزراعة أحد الحلول الطبية الأكثر فعالية للعلاج، وفقا لتصريحات البروفيسور أمال بورقية، رئيسة جمعية كلي، في تصريح لـ"الصحراء المغربية".
ويأتي ذلك في سياق معطيات الواقع التي تفيد ضعف عدد الأشخاص المعبرين عن تبرعهم بأعضائهم، عند الموت الدماغي، في السجل الوطني، حيث لا يتعدى عددهم ألفا و300 متبرع، الشيء الذي لا يستجيب للحاجيات الصحية للمرضى.
ويعد مرضى القصور الكلوي، أحد المتضررين من ضعف التبرع بالكلي، بينما يأخذ المرض منحنى تصاعديا لأعداد المصابين الجدد، والذي يتجاوز 6500 حالة جديدة، سنويا، تنضاف إلى 39 ألف مريض يخضعون لغسيل الكلي على الصعيد الوطني، ما يرفع توقعات تجاوز عدد المرضى، الذين في حاجة إلى علاج بتصفية الدم لـ 4 آلاف حالة إصابة جديدة، سنويا، وبالتالي توقع تسجيل أزيد من 50 ألف مصاب بحلول سنة 2030، يتطلعون للتبرع بكلية لإنقاذ حياتهم وتحسين جودة حياتهم، تضيف البروفيسور أمال بورقية.
وبهذا الخصوص، دعت رئيسة جمعية كلي إلى ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لأجل صون المكتسبات المحققة، إذ تمكن المغرب من تحقيق خطوات مشجعة في مجال زراعة الأعضاء، غير أن الطريق ما زال طويلا لترسيخ ثقافة التبرع وبناء الثقة بين المواطن والمنظومة الصحية، مع توضيح الإجراءات القانونية والطبية التي تحكم عملية التبرع.
وبهذا الخصوص، أكدت اختصاصية أمراض الكلي والأخلاقيات الطبية وحقوق الإنسان، وجود عدد من التحديات التي يطرحها موضوع التبرع بالأعضاء على النظام الصحي المغربي، في ظل تواضع عدد المتبرعين بشكل مستمر واستعداد المجتمع لقبول هذه الممارسات، رغم انخراط المجتمع الطبي، سواء العلمي أو المجتمعي، في تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات وأيام التواصل حول الموضوع لزيادة التوعية بأهمية التبرع كخطوة إنسانية تنقذ حياة الآخرين.
وللنهوض بوضعية التبرع بالأعضاء في المغرب، ترى بورقية ضرورة إجراء تعديلات على القانون المنظم لزراعة الأعضاء في المغرب، تنص على اعتبار جميع المغاربة متبرعين بالأعضاء في حالة الموت الدماغي، على أساس منح غير الراغبين منهم في ذلك، إلى التعبير عن رفضهم لدى المحاكم المختصة، من خلال التسجيل بطريقة سهلة في السجل الوطني الخاص بذلك، بدلا من الوضعية القانونية الحالية التي تربط الموافقة على التبرع بالأعضاء بالتسجيل القبلي لدى المحاكم المختصة، اقتداء بعدد من التجارب العالمية، التي تمكنت من تحسين علاجاتها بالتبرع بالأعضاء.
كما ألحت اختصاصية طب الكلي على ضرورة تشجيع البحوث العلمية والتعاون مع الهيئات الطبية، مبرزة دور التقدم التكنولوجي في مجال زراعة الأعضاء، في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، الذي بات يفتح آفاقا جديدة لإنقاذ الأرواح، ما يجعل دعم هذه المسيرة مسؤولية جماعية تتقاسمها المؤسسات الصحية والمجتمع المدني والمواطنون على حد سواء.