مراكش .. محمد مومن يدعو إلى توحيد التنظيم القانوني لمهن التوثيق بالمغرب

الصحراء المغربية
الجمعة 07 نونبر 2025 - 13:57

دعا محمد مومن أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى توحيد التنظيم القانوني لمهن التوثيق بالمغرب، إسوة بما تم تحقيقه بالنسبة للعقارات المحفظة وغير المحفظة بتنظيم أحكامهما في مدونة الحقوق العينية، باعتبارها فكرة ايجابية تحقق شفافية نظام التوثيق، وتوحيد إجراءاته ووثائقه، وتشكل ضمانا لمبدأ المساواة وعدم التمييز بين المهن.

وأكد مومن، خلال إلقائه درسا افتتاحيا بكلية الحقوق بقلعة السراغنة، برسم الموسم الجامعي 2025-2026، تحت عنوان" نظام التوتيق في المغرب بين الازدواجية والتوحيد"، أنه بالرغم من اختلاف الإطار المرجعي لكل من التوثيق العدلي والتوثيق "العصري"، ووجود اختلافات بينهما، إلا أن التشابه بينهما في الخصائص العامة، وتشاركهما في الهدف الأساسي وهو تثبيت العقود وحماية الحقوق، ومنحها نفس الحجية والقوة الثبوتية في ضمان حقوق المتعاقدين، يسمح بإمكانية الاندماج بين النظامين لتعزيز منظومة التوثيق في المغرب من خلال بناء نظام توثيقي موحد يلبي تطلعات المجتمع المغربي ويعزز الأمن التعاقدي والتنمية الاقتصادية، ويسمح بالجمع بين عمق التوثيق العدلي ودقة التوثيق "العصري".

وفي هذا الاطار، أوضح مومن أن توحيد النظامين العدلي و"العصري" يتطلب مقاربة شاملة تجمع بين الإطار القانوني، والتكوين المهني، واعتماد التكنولوجيات الحديثة، واحترام الخصوصيات الثقافية والدينية، من خلال صياغة نصوص تشريعية في مجالات مشتركة، والإبقاء على بعض الاستثناءات في أفق تحيينها وتوحيدها، لأن الغاية والمقصد العام يقتضي أن تكون هناك مؤسسة توثيقية واحدة يقصدها مواطن مغربي أو أجنبي واحد في بلد واحد وفق دستور واحد.

ويرى مومن أن مشروع توحيد التوثيقين العدلي و"العصري"، يتطلب معالجة الفروقات بينهما بشكل شمولي ومتوازن، مع احترام خصوصيات كل نظام والاستفادة من نقاط قوتهما، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الهدف، يستدعي، أولا، إعداد إطار قانوني موحد يحدد نطاق عمل موحد ويضع قواعد واضحة لكل الجوانب المهنية، ويدمج بين الخصائص الإيجابية للنظامين، ويكرس أوجه التشابه بين المهنتين، ويعطي الحلول للنقاط الخلافية، مع اعتماد مرجعية مزدوجة تجمع بين القوانين الوطنية والمعايير الدولية، واحترام المرجعيات القانونية والدينية، والخصوصية المغربية، وثانيا توحيد كيفية التلقي وإعادة النظر في خطاب قاضي التوثيق.

وأشار الى أن التلقي بالمفهوم الوارد في التوثيق "العصري"، يعني اعتبار الوثيقة كتابة وإخضاعها للمراحل الأربعة التي تمر بها، أما التلقي بالمفهوم الوارد في التوثيق العدلي، فمعنى ذلك اعتبار الوثيقة شهادة وإخضاعها للإجراءات الخاصة بها، مؤكدا أنه من الأحسن اعتماد التفسير الأول، واستبعاد المفهوم الحالي، لأنه لا يتلاءم مع القرآن الكريم والسنة النبوية من جهة، ولا مع القانون من جهة أخرى.

ووفقا لمحمد مومن الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بمراكش، فإن التلقي المقترح هو الذي يوافق الوثيقة باعتبارها كتابة رسمية لا شهادة، ويشمل بالتالي المناقشة والتحرير والقراءة والتوقيع، ويستثنى من هذه القاعدة تلقي عقود الزواج والطلاق وما يرتبط بهما لطبيعتهما الخاصة، ولتعلقهما بالنظام العام، ولاشتراط الشاهدين في مباشرتهما، وما تستوجبه مادة الأحوال الشخصية من إجراءات خاصة بها.

وأوضح الأستاذ الجامعي، أن نظام التوثيق بالمغرب يعرف في الممارسة العملية والقانونية ازدواجية تنطلق من مؤيدات شرعية وأخرى قانونية وتنظيمية بين التوثيق العدلي الذي ينظمه القانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة، والتوثيق الذي كان يسمى"العصري"، ويؤطره القانون رقم 32.09 المتعلق بنظام التوثيق، مشيرا إلى تباين المواقف حول هذه الوضعية بين المتشبثين بالتوثيق العدلي باعتباره إرثا حضاريا كبيرا وتراثا إسلاميا عريقا مستمدا من الشريعة الإسلامية السمحة التي تميزه عن غيره من أنواع التوثيق الوضعية بميزات عامة وأخرى خاصة، وبين المدافعين عن ما سمي بالتوثيق "العصري" المنبثق من القانون الوضعي الغربي باعتباره القانون الأنسب، خاصة في ضوء التوجه التشريعي المغربي الحالي.

وخلص إلى أن هذه الازدواجية في القوانين المنظمة للتوثيق تعكس حالة من الاضطراب في مجال المعاملات العقارية والتجارية، وتفاوتا في التنظيم، وتباينا في المساطر، وتضاربا في الصلاحيات، واختلافا في الاختصاصات في ظل مهنة واحدة، تعتبر الحجر الأساس لضمان الاستقرار وخلق جو من الثقة والائتمان في المعاملات والتصرفات القانونية المختلفة، مؤكدا أن هذه الوضعية خلقت جوا من التوتر بين الفاعلين في ميدان التوثيق، وأقامت التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.




تابعونا على فيسبوك