محسن ابن زاكور: الفضاء الرقمي يشكل مرجعية "جيل Z" في ظل غياب التأطير السياسي

الصحراء المغربية
الثلاثاء 30 شتنبر 2025 - 16:48

يرى الدكتور محسن ابن زاكور، اختصاصي علم النفس الاجتماعي، أن الشباب الذين أطلقت عليهم تسمية "جيل Z"، هم من فئة الشباب المغربي الذين ولدوا خلال سنوات 2000 وترعرعوا في زمن توسع استعمال الشبكة العنبكوتية "الأنترنيت"، حيث التواصل الاجتماعي بين عدد من الأشخاص يجري عبر وسائط رقمية تحمل اسم "وسائل التواصل الاجتماعي".

وبناء على ذلك، فإن هذه الفئة من الشباب المغربي، تشكل جيلا يتواصل مع العالم الآخر عبر شاشات وحسابات رقمية أكثر مما يتعامل عبر مؤسسات رسمية، منها الأحزاب أو المؤسسات المنتظمة.

وفي إطار التسمية، عبر ابن زاكور عن رفضه لهذه التسمية المبنية على إطلاق الحروف على جيل كامل، معتبرا ذلك بالأمر الذي لا يستقيم علميا ولا اجتماعيا.
وفي هذا المناخ التواصلي الرقمي الواسع، بات فضاء الأنترنيت بمثابة المرجعية الأساسية لهؤلاء الشباب، حيث تتشكل تصوراتهم الاجتماعية وقناعاتهم الفكرية، بل أصبحت، أيضا، مصدر معلوماتهم وبلورة أفكارهم. في مقابل ذلك، لم يخضع هؤلاء الشباب لأي تأطير سياسي أو حزبي أو نقابي، كما كان الأمر عليه لدى شباب جيل سنوات السبعينات والثمانينات، الذين كانت لديهم خلفية سياسية، تشمل منطلقهم في مناقشة قضايا المجتمع والترافع عنها عند بلورة السياسات العمومية، يقول الأستاذ الجامعي في علم النفس الاجتماعي.
وفي ظل غياب التأطير السياسي والحزبي، تحول الفضاء الرقمي المرجعية الأولى للتمثلات الاجتماعية التي يشكلها هؤلاء الأشخاص حول واقع مجتمعهم فيبنون عليه قناعاتهم، وهو ما يسمح ببروز تعامل عاطفي وانفعالي مع القضايا الاجتماعية عندما يشتعل الحديث حولها عبر منصات التواصل، حيث تتحقق سرعة التأثير في تكوين المواقف.
وفي هذا السياق، يكشف الباحث في علم النفس الاجتماعي، أن أبرز ما يواجه هؤلاء الشباب هو غياب التوجيه حول معطيات الواقع، بالاستناد على نتائج دراسات وتقارير موضوعية أو أبحاث أكاديمية تساهم في تشكيل رؤية حول الواقع وسبل التعامل معه، ضمن رؤية إصلاحية مبنية على أسس علمية وأبحاث ميدانية لتجنب ردود الفعل الوجدانية على وضعيات واقعية ضاغط،. يقول الدكتور ابن زاكور.
وذكر ابن زاكور أنه لا يستقيم الحديث عن "جيل زاد" وفهم تصوراته دون ربط الحديث عن خصوصيات تكوينه وشخصية في السياق الحالي، الذي يشهد خروج مجموعة من الشباب للاحتجاج في الشارع العمومي للمطالبة بإصلاحات في قطاعي التعليم والصحة، تحت ضغط التفاعل مع الأخبار والتحليلات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي حول ملفات اجتماعية شهدت تراكمات كبيرة على مدى السنوات الماضية، أبرزتها حوادث أخيرة ترتبط بالقطاع الصحي في عدد من المدن الصغيرة، مثل: صفرو وأزرو وأكادير.
إضافة إلى ذلك، تأثر شباب الجيل الحالي بالوضعية التي يؤول إليها قطاع التعليم، والذي يبرز في الميدان وجود تكريس للفوارق الاجتماعية التي تعمق الإحساس بالتهميش، خصوصا في نفوس أبناء العالم القروي، وهو ما تأثر به هؤلاء الشباب انطلاقا من منصات التواصل الاجتماعي التي تقدم صورة عن الواقع الاجتماعي لعدد من الطبقات الاجتماعية التي جعلت من منصات التواصل الاجتماعي فضاء لتقديم سلسلة من الشكايات عن تردي الخدمات الصحية، ما دفع وزير الصحة إلى القيام بزيارات ميدانية متكررة تحت ضغط الشارع، وهو ما يقدم دليلا على أن المطلب الاجتماعي لا يمكن تجاوزه.
ولوقف الاحتقان الحالي، يلح أستاذ علم النفس الاجتماعي على ضرورة استبعاد المقاربة الأمنية واعتماد المقاربة التواصلية الحكومية مع هؤلاء الشباب، للاستفادة من إيجابيات الإصغاء إلى مطالب الشباب وفتح قنوات الحوار معهم لاحتواء الاندفاعية وامتصاص مشاعر الإحباط وتهدئة التوتر واستبعاد غلبة الطابع الوجداني، وإشراكهم في صياغة استراتيجيات للإصلاح لطمأنة هذه الفئة العريضة من المجتمع بناء على معطيات واقعية تبين الأولويات والموارد المتاحة، ما يساهم في تحويل الطاقة الاحتجاجية إلى طاقة اقتراحية قابلة للقياس والتنفيذ من قبل الحكومة.




تابعونا على فيسبوك