في الوقت الذي شهدت مجموعة من المدن موجة حرارة تجاوزت 40 درجة، عاشت مدينة مراكش حالات متقطعة كأنها تمر من أربعة فصول في يوم واحد، بين درجات حرارة ملتهبة وسط النهار، وجو منتعش في الصباح ومع غروب الشمس.
وسط درجة حرارة تقارب الـ 30 درجة، وفي غياب وسائل التكييف بمراكز الامتحان، انطلقت اليوم الاثنين، في حدود الساعة الثامنة صباحا بالمديريات الإقليمية الثمانية التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش آسفي، الدورة العادية للامتحان الوطني للباكالوريا برسم دورة يونيو 2022، في أجواء تتسم بالأمل والطموح لتجاوز إحدى أهم العقبات في حياة التلاميذ، والتي يصاحبها ضغط نفسي مع ارتفاع لدرجة الحرارة التي تعرفها عادة مدينة مراكش مع بداية فصل الصيف، مما يزيد من معاناة التلاميذ المطالبين بالتركيز أكثر على الأسئلة المطروحة، والتعامل معها بتمعن دون الاكتراث لما يصاحبها من أجواء ارتفاع درجة الحرارة التي يكون لها أثر على نفسية هذه الشريحة من التلاميذ.
أمهات واثقات في نجاح قريب
إجراءات أمنية، واكبت اجتياز امتحانات الباكالوريا لهاته السنة، بثانوية أبو العباس السبتي التأهيلية بتراب مقاطعة جليز، على غرار باقي المؤسسات التعليمية بمختلف المقاطعات الخمسة المكونة لوحدة مدينة مراكش، من أجل تأمين محيط المؤسسات من خلال المراقبة والتدخل وتوفير جو آمن للتلاميذ بمحيط المؤسسات التعليمية.
انتقلت "الصحراء المغربية" في وقت باكر إلى الثانوية التأهيلية أبو العباس السبتي لمواكبة اليوم الأول من امتحانات الباكالوريا، كانت الأجواء عادية، بمحيط المؤسسة المذكورة، دون تسجيل أي حادث يذكر، أمهات مصحوبات بأبنائهن من أجل تشجيعهم ودعمهم معنويا، مسترشدات بمقولة "عند الامتحان يعز المرء أو يهان"، لكن حالات الكثير منهن، تشي بأن فلذات أكبادهن، استعدوا بما فيه الكفاية، وكلهم ثقة في نجاح قريب لا محالة.
زهرة ربة بيت، قالت في حديثها لـ "الصحراء المغربية" إن حالة الجو هذا الصباح منعشة، بعد أن تبدد خوفها من يوم قائظ، قد يزعج ابنها، ولا يترك له فسحة التركيز، لأنه كما تردد كثير التشكي من الحر.
قبل أن ننهي حديثنا، تدخل وليد الممتحن في شعبة العلوم الاقتصادية، وقال إنه متهيئ بما فيه الكفاية، إلى جانب أنه حرص على أن يأتي وحيدا بلا مرافق، لأنه اعتاد على الثقة بنفسه، و"دعوات الوالدة" ترافقه في كل لحظة وحين.
ارتفاع درجة الحرارة وارهاق نفسي
خلال جولة قامت بها "الصحراء المغربية" بثلاثة مؤسسات تعليمية، تم استطلاع أراء مجموعة من التلاميذ الذين غادروا قاعات الامتحان، بعد اجتياز المادة الأولى في مختلف التخصصات، بخصوص الطقس الثابت والمتحول، الذي شهدته عاصمة النخيل نهاية الأسبوع المنصرم، وتأثيره على تركيزهم في الامتحان، فكانت الآراء متضاربة بين من يرى الامتحان صعبا، ومن يراه في المتناول، مؤكدين أن الحرارة عادية وليس لها تأثير مباشر بالنسبة للتلاميذ خلال هذا الاستحقاق.
وحسب عدد من أولياء التلاميذ، فإذا كان العامل النفسي له الأثر الكبير على التلاميذ عند اجتياز هذا الاختبار مهما بلغ استعدادهم بمفردهم أو ضمن جماعات محدودة العدد بالإضافة إلى المجهودات التي قام بها طاقم التدريس لتحضير التلاميذ لهذا الاستحقاق الوطني، فإن ارتفاع درجة الحرارة يكون له وقع على التلميذ خصوصا بعد الزوال حيث يكون التعب قد نال من جسمه الذي يبدو عليه الإرهاق النفسي، خاصة أن الأقسام المخصصة لاجتياز هذا الامتحان غير مكيفة، زد على ذلك أن التلميذ لأول مرة يتعرف على المؤسسة ومحيطها التي يجتاز بها الامتحان والتي تختلف تماما عن المدرسة التي تابع بها دراسته وهو ما ينضاف من عوامل الضغط على التلميذ ويفقد البعض تركيزهم.
وأوضح عبد المجيد، ولي أحد التلاميذ الممتحنين في حديثه لـ "الصحراء المغربية"، أن ارتفاع درجات الحرارة من أهم العوامل المساعدة للتلميذ للتحضير الجيد لهذا الاستحقاق حيث يمكنهم من السهر إلى ساعات متأخرة من الليل، واستغلال الفضاءات الخضراء للاستمتاع برطوبة الأجواء التي تساعد على حفظ واستيعاب الدروس، إلا أنها لا يكون لها نفس الوقع عند اجتياز الامتحان، لتكون عند بعضهم عثرة وتفقدهم التركيز.
189 مركزا على مستوى الجهة
وأكد أحمد لكريمي، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش آسفي، في تصريح خص به "الصحراء المغربية"، أن انطلاقة هذا الاستحقاق الوطني كانت عادية بالنسبة للقطب العلمي والتقني والمهني، مشيرا إلى أن هذه الامتحانات تجرى على مستوى الجهة بـ 189 مركز منها أزيد من 81 مركز بالمقاطعات الخمسة المكونة لوحدة مدينة مراكش.
وأوضح لكريمي، أنه تمت تعبئة لجن اليقظة والتتبع على الصعيد الإقليمي والجهوي لتتبع إجراء امتحانات البكالوريا والحرص على اجتيازها في أحسن الظروف، مبرزا أن هناك تعاون بين كل الفعاليات من أجل ضبط عملية تسليم وتوزيع المواضيع وجاهزية المراكز وضبط المواقيت والإعداد اللوجستيكي، كما أن هناك مواكبة لدعم وتوفير الشروط الآمنة والضرورية ليجتاز أزيد من 70 ألف مترشحة ومترشح لامتحانات الباكالوريا على مستوى الجهة في ظروف مواتية.
واستطرد قائلا إن هناك ما يناهز 28 لجنة بما فيها الجهوي والإقليمي، تعمل على المواكبة لكي تمر هذه الامتحانات في جو جيد، وأن هناك انخراط كبير للأساتذة والأطر الإدارية داخل المراكز سواء تعلق الأمر بالتنظيم داخل المراكز أو المواكبة داخل قاعة الامتحان أو العناية بالمترشحات والمترشحين في وضعية إعاقة أو الفئات التي تحتاج إلى التكييف في مواضيع الامتحان.
وأشار إلى أن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش - آسفي، اتخذت كل الضمانات الكفيلة بتنظيم هذا الامتحان الوطني في جو من الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، بدءا من تأمين فضاءات الطبع والاستنساخ ونقل المواضيع من مراكز التوزيع إلى مراكز الامتحان، وصولا إلى عملية التصحيح ومسك النقط.
وبمناسبة هذه المحطة الإشهادية الهامة، التي تتزامن مع تنزيل مقتضيات القانون الإطار 17/51، عبر مدير الأكاديمية عن متمنياته بالنجاح والتوفيق لكافة المترشحات والمترشحين.
ونوه بـالعمل الجاد والمسؤول والانخراط الفعال الذي تضطلع به أسرة التربية والتكوين بكل فئاتها ومستوياتها، مشيدا بـالأدوار الإيجابية التي تقوم بها جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ".
من جانبه، أكد عبد الرزاق بنتركة مدير ثانوية أبي العباس السبتي التأهيلية، أن إجراءات صارمة اتخذت لمنع أي عمليات غش أو تلاعب في امتحانات البكالوريا، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات من شأنها ضمان حسن سير الامتحانات وتكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ.
وأضاف أنه تم تسخير 36 قاعة امتحان بالمؤسسة التعليمية المذكورة لفائدة 733 مترشحة ومترشح في مختلف التخصصات العلمية، مبرزا أنه تم تسجيل 4 غيابات من أصل 733 مترشحة ومترشح هذا الصباح.
ويبلغ العدد الإجمالي لمترشحات ومترشحي الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا برسم دورة 2022، على مستوى عمالة مراكش، القطب العلمي والمهني والتقني، وقطب الآداب والتعليم الأصيل، 26 ألف و184 مترشحة ومترشح، موزعين على 117 مركز امتحان.
وتجرى امتحانات الدورة العادية للامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا، أيام 20 و21 و22 يونيو 2022، بالنسبة للقطب العلمي والتقني والمهني، يومي 23 و24 يونيو 2022، بالنسبة لقطب الآداب والتعليم الأصيل، وسيتم الإعلان عن نتائج هذه الامتحانات يوم فاتح يوليوز المقبل.