المعاهد الفنية بالمغرب والهندسة الثقافية

السبت 13 أكتوبر 2012 - 08:56

تكاد لا تخلو عمالة أو إقليم بالمغرب من معهد موسيقي، فيما لا يتجاوز عدد مدارس الفنون التشكيلية مدرستين، باستثناء المدارس الخاصة في بعض المدن الكبرى الخاصة بالرسم والموجهة للأطفال

وهي عبارة عن محترفات أكثر منها مدارس. وبالمجمل يعكس وضع هذه المؤسسات بطريقة أو بأخرى مكانة الفن في المجتمع وموقعه ضمن دائرة الإنتاج ومساهمته في الحركة الاقتصادية.

إن الجواب الأمثل الذي تشهره العائلات في وجه أبنائها "الفن لا يضمن رغيف خبز"، وما يزيد من تكريس هذه القناعة شكوى الفنانين، الشكوى من المرض ومن غياب التغطية الصحية، الشكوى من ظروف السكن، وهلم شكاوى تلخصها مقولة "اليد قصيرة والعين بصيرة".

فحين ينتهي المطاف بأستاذ موسيقي في آلة العود أو البيانو للبحث عن "بقشيش" في ملهى أو مطعم، لدعم أجرته الشهرية التي لا تتجاوز بالكاد الحد الأدنى للأجور، فهل ينتظر من هذا الرجل الذي يطحنه الزمن أن يتفرغ للبحث الموسيقي والتكوين.

ليس عيبا أن يشتغل الفنان في مطعم أو ملهى، لكن بكرامة، وأن تتوفر له الظروف لتسويق الموسيقى المغربية وثراتها الجميل، لا أن يقدم وصلات شرقية مصاحبة لراقصة ترتدي أزياء هندية وربما تكون الراقصة أوروبية، وهذا مؤشر على الفهم الخاطئ في الترويج للسياحة المغربية، وكأن الموسيقى لا تمثل شيئا ضمن هذا المنتج، فمعظم الفنادق المغربية لا تضع موسيقى مغربية في باحتها، ولا تقيم برامج لها بعد ثقافي تبرز الشخصية المغربية، ولا تقدم معزوفات لموسيقيين مغاربة بذلوا جهدا في تطوير التراث الموسيقي المغربي.

إن السياحة تكون مشهدا مكتملا يبدأ من المطار ولا ينتهي إلا بعودة السائح متأثرا بما رآه من التاريخ ومن الحاضر ومن الفنون التي تثري المشهد السياحي بمعارض الرسوم المرتبطة بالمكان، وبتقديم الخدمات المرتبطة بالنقل، والمطاعم.

إن فقر الرؤية المتحكمة في هكذا قطاع مايزال يختزل السياحة في الغناء الخليجي ويطمس الهوية المغربية بوعي أو بدون وعي، ويحتفي بالنجوم العرب الذين يحضرون في الغالب إلى بعض المركبات الموسيقية فرقهم الخاصة، يعد عاملا أساسيا في عطالة مبدعينا وفي انكماش السوق الفني.

ما قيل عن الفن الموسيقي، يقال عن التشكيل، ويكفي وإن كان الوضع مختلفا نسبيا. فإذا أخذنا مثلا محطات السكك الحديدية التي جرت إعادة هيكلتها وبنائها وفق طراز معماري أنيق، نجدها تتوفر على مرافق خدماتية متنوعة من المتاجر إلى المطاعم، ولا نجد ولا رواقا واحدا للمعارض التشكيلية، مع أنها البوابة الأولى التي يلجها السائح، فأحرى الحديث عن البرامج الثقافية للمدينة.

نريد من خلال ما ذكر، التأكيد على سياسة هندستنا الثقافية والفنية المصابة بالعقم، وقصورها في ترسيخ صورة إيجابية للإبداع، وعليه كيف نطالب معاهد تشتغل بطرق تقليدية وبطاقم تربوي ظروفه مزرية أن تصقل مواهب في شروط تدعوا للإحباط؟ وكيف يمكن إقناع العائلات المغربية في أن تسجل أبناءها في معاهد نوافذها مكسرة، وسقوفها تتقاطر، كيف يمكنها أن تؤمن بجدوى الفن أمام معطيات محبطة وبنية هشة إلى منعدمة؟

الفن حياة، فن عيش، بيئة نظيفة، فضاءات خضراء، جمالية مدينة، فضاءات للترفيه، سحر الأمكنة، مسارح، مركبات سينمائية، هي في المجمل هندسة يضعها المبدعون وينفذها المنعشون، لا العكس، فحين يبقى الباب مواربا أمام العقل الإسمنتي يتطاول على معلمة تاريخية من قبيل سينما "فوكس" التي كانت... وفندق لينكون، ليتقدم متربصا بمعهد اسمه المعهد الموسيقي البلدي لمدينة الدارالبيضاء.

ينسى هؤلاء، أن السيارة الفارهة التي يجلس خلف مقودها صممها فنان خريج مدارس الفنون الجميلة، وأن ديكور وحديقة منزله خطط وأثت فضاءاتها على الورق، مهندس معماري يتوفر على خلفية ثقافية حول تاريخ الفن العالمي واتجاهاته.

فماذا يقول مثل هؤلاء البشر حين تطأ أرجلهم باريس، وطوكيو، ونيويورك، وإسطنبول، ومدريد، وماربيا، التي لا يتوانون للذهاب إليها؟

تركيا هذا البلد الأخاذ الذي استطاع بفضل مسلسلاته المدبلجة، أن يستقطب السياح المغاربة والعرب، حين تزوره تجد الكثير من الأماكن التي تقدم الفنون المحلية الصرفة بشكلها التقليدي وأنغامها الخاصة وهو ما يصبو إليه القادم من صخب الغرب، وكذلك اليونان حيث تجد آلة البوزوكي وسط كل الفرق الموسيقية، وفي أمريكا الجنوبية نجد موسيقى السالسا والتاتغو وغيرهما من الموسيقى المحلية باعتبارها العنصر الأساس للجذب السياحي، فما قيمة أن تغني لهؤلاء القادمين أغانيهم الغربية مثلا.. أو تغني للسائح الخليجي أغنياته بأصوات تشوبها ألف شائبة؟ ما قيمة أن تذهب إلى لندن لتسهر في مطعم عربي يقدم المشاوي والمقالي ويقدم كل الأغاني الهابطة في الوطن الأصل؟
للحديث عن معاهد الفنون شجون، لا تحتاج إلى استنطاق، لكن التربة التي تنمو فيها تثير أكثر من إشكال، موقعها في النسيج الاقتصادي الاجتماعي، أدوارها في تمثل صورة المجتمع وتسويقها. ربما لم نتحدث عن معاهد المهن السينمائية لأن الموضوع استهلك بما فيه الكفاية، ولا يحتاج إلى دليل، فيكفي الإشارة إلى أن المخرجة نرجس النجار هي الوحيدة التي تصور فيلمها في هذه اللحظة وما تبقى عاطل، وإن اشتغل فقليل منه يقدم صورة تشبهنا، وبالأحرى أن يسوق صورة البلد.

عبد الرحيم بريطع: وزارة الثقافة لا يربطها أي عقد مع خريجي المعهد الموسيقي

أجرى الحوار عبد الكريم ياسين - قال عبد الرحيم بريطع المدير الجهوي لوزارة الثقافة بمراكش، إن البنية الثقافية بجهة مراكش لا تتجاوب مع الطلب الكبير للمهتمين، فالرواق الوحيد التابع لوزارة الثقافة "باب دكالة" جرى إغلاقه بسبب تحوله إلى مكان لتجمع المتشردين وتراكم النفايات والسلوكيات اليومية، ما يجعل إقامة معارض للفن التشكيلي الذي يعتبر من الفنون الراقية مستحيلا بالرواق، كما أن المعهد الموسيقي بجنان الحارتي بحي كليز، جرى نقله إلى عرصة الحامض بحي باب دكالة بالمدينة العتيقة، إلا أنه أصبح في السنوات الأخيرة، وكرا للمشردين والمنحرفين، بسبب إهماله وتهميشه من طرف المسؤولين الجماعيين، فأقفلت أبوابه، في وجه هواة الموسيقى، ما جعل وزارة الثقافة تفكر في إحداث معهد موسيقي بدار الثقافة بالداوديات الذي عرف إقبالا كبيرا من الراغبين في تعلم الموسيقى.

وأضاف بريطع في حوار لـ"المغربية"، أن وزارة الثقافة لا يربطها أي عقد مع خريجي المعهد الموسيقي، وأكد بريطع أن شهادات المعهد الموسيقي تعادل شهادة الباكالوريا، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة احدتث منذ ثلاثة سنوات عددا من الخلايا الجهوية بمجموعة من المدن تتكلف بالتكوين المسرحي، سميت بالمراكز الجهوية للتكوين المسرحي.

كيف تنظر إلى الواقع الثقافي بالمغرب؟

يصعب الحديث عن الواقع الثقافي بالمغرب بعجالة، لكن الكل يعرف أن المغرب بلد له تاريخ ويتوفر على تراث مادي ولامادي غني، وكان دائما ملتقى وممرا للعديد من الثقافات، من من إفريقيا جنوب الصحراء ومن الشرق ومن أوروبا، ثقافات تلاقحت وأعطت خصوصية للثقافة المغربية التي تتميز بالانفتاح والغنى الثقافي والتسامح، انطلاقا من هذا الغنى التاريخي والثقافي، هناك حركية ديناميكية تبلورت بعد استقلال المغرب، إذ ظهرت مجموعة من بوادر الخصوصيات الثقافية المغربية من جميع الإبداعات والأنواع الثقافية من قبيل الأدب والمسرح والتشكيل والسينما وغيرها، كما ظهر جيل جديد يعبر عن طموحات المغرب وحلم المغاربة، وأعتقد أن هذه الحركية أعطت نفسا جديدا للإبداع والثقافة بصفة عامة بالمغرب، فهناك حركية من حيث الإبداع بصفة عامة، لكن هناك حركية فيما يتعلق بالسياسة الثقافية التي تحاول الجواب على مجموعة من الأسئلة التي تهم الشأن الثقافي بصفة عامة، سواء من حيث التقنين أو البنية التحتية، أو من ناحية الدعم، فهناك دائما حركية وحوار مابين المثقفين بصفة عامة والمسؤولين عن الشأن الثقافي بالمغرب.

وماذا عن الواقع الثقافي بجهة مراكش؟

بطبيعة الحال فجهة مراكش هي واجهة المغرب من جميع النواحي، سواء السياحية أو الثقافية، فهي غنية بتاريخها وثراتها الحضاري، أما في الميدان الثقافي فمراكش أنجبت أسماء لامعة وبارزة تركت بصمتها في تاريخ المغرب الثقافي، علاوة على أنها تعرف حركية على المستوى الثقافي، لكن يجب تظافر الجهود من أجل تبيان أن الجهة لها مكانتها الثقافية، سواء على المستوى المحلي الجهوي أو الوطني والدولي.

هل يمكن أن تقربنا أكثر من البنيات الثقافية بجهة مراكش؟

هناك غنى كبير من حيث عدد المثقفين بجهة مراكش، وهناك حركية تحتاج إلى متطلبات للأسف لا تستجيب للطلب الكبير، باعتبار الثقافة أصبحت تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهناك طلب كبير لكن البنية الثقافية تحتاج إلى تظافر جهود جميع المتدخلين ووزارة الثقافة والجماعات المحلية والجمعيات بصفة عامة، فهناك مجموعة من دور الثقافة بالجهة أهمها دار الثقافة بالدوديات التي تشمل مجموعة من المؤسسات كمعهد الموسيقى والمسرح الذي يعتبر من بين أهم المسارح التي تستجيب للمعايير الدولية، والخزانة الجهوية التي تتوفر على رصيد مهم من الكتب والوثائق، هناك كذلك مؤسسات تابعة للمجالس المحلية كالمسرح الملكي بحي "كيليز"، وعلى مستوى الجهة هناك دار الثقافة بسيدي رحال تشتمل على مسرح وتجهيزات تستجيب للمتطلبات الثقافية بالمنطقة، إضافة إلى رواق الفنون التشكيلية المجود بمدينة الصويرة، والمعهد الموسيقي الذي جرى إحداثه بشراكة مع الجماعة الحضرية بالصويرة، فخلال الزيارة الأخيرة لوزير الثقافة لمدينة مراكش، التزم مع عدد من المنتخبين بتوقيع اتفاقيات وشراكات لانجاز مركبات ثقافية خاصة بمدينة الصويرة، ودار الثقافة بمدينة قلعة السراغنة، فضلا عن الخزانات وأروقة الفنون التشكيلية.

وماذا عن المعهد الموسيقي بمراكش؟

في الماضي كان مقر المعهد الموسيقي بجنان الحارتي بحي كليز، وبعد تحويله إلى مساحة خضراء، جرى نقل المعهد الذي كان تابعا للمجلس الجماعي إلى عرصة الحامض بحي باب دكالة بالمدينة العتيقة، إلا أن مقره أصبح في السنوات الأخيرة، وكرا للمشردين والمنحرفين والمتعاطين لأنواع المخدرات، بسبب إهماله وتهميشه من طرف المسؤولين الجماعيين، إذ أقفلت أبوابه، في وجه هواة الموسيقى، ما جعل وزارة الثقافة تفكر في إحداث معهد موسيقي بدار الثقافة بالداوديات الذي عرف إقبالا كبيرا من الراغبين في تعلم الموسيقى.

ويعمل المعهد الجديد على تلقين الموسيقى للمواهب الشابة، وأظن أن الكم الهائل من المسجلين بالمعهد الموسيقي يحدد مدى إلمام الأسر المراكشية بالثرات الموسيقي بشتى أنواعه، وكذا التغيير الحاصل في نظرة الأسر إلى الموسيقى.

إذن ما هي استراتيجية المعهد للنهوض بالموسيقى وتكوين الطاقات الشابة؟

المديرية الجهوية للثقافة تعمل بتنسيق مع إدارة المعهد الموسيقي على توزيع الحصص وفق منظومة وإستراتيجية يجري الاتفاق عليها خدمة للشباب عشاق الموسيقى، كما أن الأساتذة يعملون على تلقين التلاميذ برامج موسيقية هادفة حتى يحس أكثر أن الموسيقى أصبحت جزءا من حياته وهذا بفضل تعامل الأساتدة وكافة الأطر.

وما مصير خريجي المعهد الموسيقي؟

وزارة الثقافة لا يربطها أي عقد مع خريجي المعهد الموسيقي بمدينة مراكش، لكن في الوقت الذي يوجد فيه الخصاص تلتجأ الوزارة لهؤلاء الخريجين، الذين يختارون الوجهة التي يفضلونها، فأغلب هؤلاء الخريجين يلجأون إلى المعهد الموسيقي كدراسة تكميلية.

وأين تكمن قيمة شهادة المعهد الموسيقي؟

بالنسبة إلى الجائزة الأولى تعادل شهادة الباكالوريا، والجائزة الشرفية، تعادل شهادة الباكالوريا إضافة إلى سنتين، ويمكن للحاصل عل الشهادتين المذكورتين الاشتغال في الوظيفة العمومية كأستاذ السلك الأول.

تعرف مراكش تنظيم مجموعة من المعارض في الفنون التشكيلية في ظل غياب أروقة تابعة لوزارة الثقافة، كيف تفسرون ذلك؟

مع الأسف الرواق الوحيد التابع لوزارة الثقافة هو رواق "باب دكالة" المحاذي للسور التاريخي لمراكش والقريب من المحطة الطرقية للمسافرين، جرى إغلاقه بسبب تحوله إلى مكان لتجمع المتشردين وتراكم النفايات والسلوكيات اليومية، التي تنم عن انعدام الوعي، ما يجعل إقامة معارض للفن التشكيلي الذي يعتبر من الفنون الراقية مستحيلا بالرواق، فالمديرية الجهوية للثقافة بصدد التفكير في تحويل وظيفة الرواق مع عدد من المتدخلين، إضافة إلى إعداد دراسة من أجل بناء قاعة للعروض الخاصة بالفنون التشكيلية تتوفر على جميع التجهيزات الضرورية، بالمركب الثقافي دار الثقافة الداوديات.

كيف تفسر غياب مدرسة للفن التشكيلي بمراكش، رغم المكانة التي تحظى بها من طرف فنانين كبار؟

بطبيعة الحال فمدينة مراكش أصبحت رائدة في تنظيم عدد من الملتقيات المتعلقة بالفن التشكيلي، بالنظر إلى المكانة التي تحظى بها المدينة الحمراء لدى كبار ورواد الفن التشكيلي الذي يعتبر من الفنون الراقية، لكن العائق المادي جعل وزارة الثقافة تصرف النظر عن إحداث معهد خاص بالفن التشكيلي بمدينة مراكش في الفترة الراهنة، لأن المعهدين الموجودين بكل من الدارالبيضاء وتطوان، يلبيان طلبات الراغبين في دراسة الفن التشكيلي.

هل هناك معهد للتكوين المسرحي بمراكش؟

أحدثت وزارة الثقافة منذ ثلاثة سنوات عدد من الخلايا الجهوية بمجموعة من المدن تتكلف بالتكوين المسرحي، سميت بالمراكز الجهوية للتكوين المسرحي، يشرف عليها مجموعة من المختصين خريجي التابعين للمعهد العالي للقن المسرحي والتنشيط الثقافي، ويشمل التكوين النظري والتطبيقي، وهو منفتح في وجه الشباب المهتم بالفن المسرحي، ولديه برنامج سنوي قار ومدة التكوين محددة في سنتين، هذه السنة تخرج منه الفوج الأول الذي يشتغل الآن على عمل مسرحي.

وماذا عن واقع المسرح بجهة مراكش؟

مدينة مراكش لديها مكانتها المسرحية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني والدولي، إذ تتوفر على مجموعة من الفرق المسرحية والأسماء الكبيرة، سواء في الكتابة المسرحية أو التمثيل أو الإخراج أو السيناريو، ويمكن القول إن المسرح عرف بعض الركود خلا ل السنتين الأخيرتين، وهذا لا يعني أن هناك جمود لمجموعة من المسرحيين الذين يشتغلون في صمت وعدد من الفرق المسرحية الموجودة بالساحة، كما أن مدينة مراكش تعرف تنظيم مجموعة من المهراجات التي تحظى بصيت كبير، سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي، من قبيل مهرجان المسرح الجامعي الذي يقام كل سنة بمدينة مراكش ويشرف على تنظيمه جامعة القاضي عياض بشراكة مع وزارة الثقافة، ويشهد مشاركة مجموعة من الفرق المسرحية الجامعية القادمة من مختلف الدول والجامعات المغربية، وهذا الموعد الثقافي يعد من أهم المواعيد الثقافية على المستوى الوطني والدولي، إضافة إلى المهرجان الدولي للمسرح الذي تنظمه النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، فضلا عن مجموعة من الفرق المسرحية التي تعرض أعمالها على طول السنة، بطبيعة الحال فهذه الحركية يقابلها وجود خلل يجب التفكير فيه من طرف المسؤولين، سواء على المستوى الوطني أول الجهوي ومحترفي المسرح وجميع المنتخبين من أجل التفكير في صيغة جديدة لدعم المسرح والمسرحيين، وتوفير البنية التحتية الضرورية للفرق المسرحية للاشتغال في ظروف مريحة.

لطيفة أحرار: نولي اهتماما خاصا بالخريجين العاطلين

حاورتها: خديجة معقول - منذ تأسيسها سنة 1991 وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي تسعى إلى الدفاع عن الخريجين، حيث حاولت إبراز طاقات الخريجين المتعددة في الإخراج، وفي التمثيل، وفي السينوغرافيا، والتنشيط الثقافي، حيث ساهمت مكاتب سابقة في تسوية وضعية الخريجين من سلم 8 إلى سلم 10. كما حاولت أن تخلق جسرا مع فعاليات وهيئات فنية أخرى، ناهيك عن تعدد الطلبات في ظل وجود تراكم الخريجين والبحث عن مراكز استقبال كثل وزارة الثقافة الوصية كمشغل أساسي، والبحث عن مراكز استقبال أخرى، مثل وزارة التربية الوطنية، ووزارة الداخلية في شكل مركبات ثقافية، وأيضا خلق جسر تعاون مع شركاء وهيئات حكومية وغير حكومية.

ومن المشاكل الكبرى التي نواجهها كجمعية، هي تشغيل الخريجين كأساتذة للتعليم الفني، حيث منذ ترأسها حرصت الفنانة والمبدعة لطيفة أحرار في إطار العمل الجماعي على متابعة النضال داخل الجمعية حيث تؤمن الفنانة لطيفة أحرار بأن التربية الفنية من حق الجميع، وتعتبر جمعيتها بمثابة فضاء يعتمد على التشاور في جميع الخطوات، لأنها تضم مجموعة من الفنانين المكونين أكاديميا.

عن وضعية الخريجين وعن آفاق الجمعية كان لـ "المغربية" مع لطيفة أحرار الحوار التالي:


ما هي أبرز اهتمامات جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي؟

تعددت مطالب جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي على مدى سنوات، وقد حرصنا منذ تولي المكتب الذي أترأسه المهام منذ سنة 2009 على تكثيف الجهود في فتح حوار مع هيئات وزارية ، ووزارة الثقافة، والوزارة الأولى، ولجنة صياغة الدستور، والمجلس الاقتصادي الاجتماعي، من أجل فتح آفاق أمام الخريجين بمختلف اتجاهاتهم ، كما اهتممنا إلى جانب هيئات نقابية تمثل الفنانين في بلورة استراتيجية الدعم المسرحي و بطاقة الفنان.

ما هي أهم نقطة أثارت اهتمام الجمعية منذ توليك رئاستها؟

من أبرز مطالبنا داخل الجمعية، تصحيح وضعية الخريجين الذين يطلق عليهم الموظفون الأشباح، حيث إننا لا نشتغل بصفتنا فنانين في الوزارة، بل نشتغل بصفتنا أساتذة للتعليم الفني، ندرس الفنون المسرحية في إطار محترفات التي ناضلنا ووزارة الثقافة من أجل إنشائها في جميع جهات المغرب، أما صفة الفنانين فنمارسها في التلفزيون والمسرح والسينما.

كما أن الجمعية تساند دون قيد أو شرط تنسيقية الخريجين المعطلين حتى يلجوا أسلاك الوظيفة كأساتذة للتعليم الفني، خصوصا أن المغرب في حاجة ماسة للتربية الفنية.
والأكيد أن الطلبة عندما يتخرجون يجدون أمامهم مؤسسات استقبال من قبيل المراكز الثقافية المغربية بالخارج، خصوصا أن لدينا خريجين يتابعون دراساتهم العليا بدول المهجر ناهيك عن دفاعنا المستميت في أحقية وأسبقية الخريجين في الاشتغال في الإنتاجات التلفزيونية والمسرحية والسينمائية بكرامة واحترام، على أن كل سنة يتعزز المشهد الثقافي بتخرج عشرين طالبا من تخصص التمثيل الإخراج المسرحي السينوغرافيا والتنشيط الثقافي.

هل حققتم بعض المكتسبات داخل الجمعية؟

أكيد حققنا بعض المطالب مع علال سيناصر، والأشعري وثريا جبران، والآن مع محمد الصبيحي، نحاول مأسسة التدريس الفني في إطار محترفات التكوين في عدة مدن، من أهمها مراكش، والرباط، والجديدة، والدارالبيضاء، ومكناس، وفاس، والناظور، ووجدة، وجرادة، وطنجة، تفتح في وجه الأعمار والشرائح الاجتماعية، في إطار دمقرطة الفن والثقافة، يبقى أمامنا طبعا نضالات أخرى من أجل إعداد الخريجين المعطلين وكذلك نضالات فنية تمس الإبداع والمبدعين ننخرط فيها في إطار الائتلاف المغربي للثقافة والفنون.

رغم المشاكل التي يعانيها خريجو المعهد، هل مازال الإقبال عليه ؟

الإقبال كثيف لأننا في حاجة ماسة إلى التربية الفنية وبلدنا يحتاج إلى خلق معاهد متعددة وليس معهدا واحدا، استجابة لسياسة الجهوية الموسعة واستجابة للطلب المتزايد في جهات المغرب المتعدد العميق.

المعهدان الوحيدان في المغرب يواجهان ضعف الطاقة الاستيعابية

خالد لمنوري - يعتبر المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان إلى جانب المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدارالبيضاء، المعهدين الوحيدين بالمغرب في تكوين التشكيليين، وليس التربويين لمادة التربية التشكيلية لأن هؤلاء يتلقون تعليمهم في مراكز التكوين الجهوي للأساتذة. فهل مازال معهد تطوان ومدرسة البيضاء قادران على استيعاب الكم الهائل من المواهب من الطلبة دون أن ننسى الحاصلين على شهادة الباكالوريا التقنية لشعب الفنون التطبيقية والتشكيلية لطلبة الثانويات التقنية الموجودة بشتى ربوع المملكة؟

في معرض جوابه يقول خريج المعهد الفنان التشكيلي والباحث أحد محمد الرايس، في تصريح لـ"المغربية" إن الإكراه الوحيد الذي يواجهه معهد تطوان يتمثل في ضعف الطاقة الاستيعابية، إذ لا يتمكن من قبول أكثر من ثلاثين طالبا في السنة، مبديا أسفه لحرمان العديد من الكفاءات الوطنية من ولوج المعهد لإبراز مواهبها الفنية، ما سيؤدي إلى ضياع العديد من المواهب، خصوصا أمام صعوبة الدراسة بالخارج. من جهته، اعتبر عبدالكريم الغطاس، فنان تشكيلي، وأستاذ بمدرسة الفنون الجميلة، أن المكتسبات التي حققتها مدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء لا حد لها، إذ زودت المقاولات المغربية والمؤسسات الإعلامية داخل المغرب وخارجه بالعديد من الأطر المبدعة في مختلف التخصصات (تصميم جميع الأشكال، سيارات، خرائطية ألوان الأثواب، وفي مجال الهندسة الداخلية، والكرافيزم، الإشهار..)، مشيرا إلى أن المغرب ظل منذ الخمسينيات من القرن الماضي يتوفر فقط على مدرستين للفنون الجميلة، مدرسة الدار البيضاء ومدرسة تطوان، مع أن عدد السكان في ذلك الوقت والذي لم يكن يتجاوز10 ملايين نسمة أصبح الآن يقارب 40 مليون نسمة مع العلم أنه يتقدم كل سنة أزيد من 750 طالبا إلى إدارة المدرسة العليا للفنون الجميلة بالدارالبيضاء، لاجتياز مباراة الولوج، فيما لا تتسع الطاقة الاستيعابية للمدرسة 35 طالبا جديدا.

وأكد عبد الرحمان رحول، أن مدرسة البيضاء ساهمت في تكوين العديد من الأسماء الإبداعية التي بصمت الحركة التشكيلية بالمغرب، المنتمية إلى أجيال ومدارس مختلفة، وعملت على إكساب الفن التشكيلي هويته الوطنية بالانفتاح على التراث الثقافي المغربي وبتوظيف الأشكال والرموز والمعطيات الجمالية، التي تزخر بها الصناعة الحرفية التقليدية وروافد الحضارة المغربية، مضيفا أن مجموعة الدارالبيضاء، عملت كذلك على إخراج الفن من القاعة إلى رحاب الكلية والشارع، وبلورة نقاش ثقافي حول هوية التشكيل المغربي وآفاقه.

وتعد مدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، التي يديرها الفنان التشكيلي المغربي، عبد الرحمان رحول، من أهم مدارس التكوين العليا في مجالها في إفريقيا، فهي تضاهي بشهادة جميع المهتمين أشهر المدارس الفنية جنوب إفريقيا ومصر.

أما المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، فيعد واحدا من أبرز المؤسسات التعليمية الوطنية والإفريقية المتخصصة في تكوين الفنانين التشكيليين. ولا تتمثل أهمية المعهد، الفنان محمد الرايس، في مساهمته في تكوين عدد من الأسماء اللامعة على الساحة الوطنية في عالم التشكيل فقط، بل بالإقبال المتزايد للطلبة عليه من مختلف أنحاء المغرب. فالمعهد يعد، أول مؤسسة أنشئت بالمغرب لتدريس الفنون التشكيلية والتطبيقية إبان فترة الحماية على يدي الرسام الإسباني ماريانو برتوتشي. ومنذ تأسيسه ساهم في تكوين العديد من التلاميذ وإعدادهم للدراسات العليا بالخارج، وزود الوطن بعدد كبير من التشكيليين المبدعين، أمثال محمد شبعة، ومحمد المليحي ومحمد أطاع الله القصري، والتهامي الداد القصري، والمكي مغارة، وسعد السفاج، ورسامين أكاديميين وواقعيين أمثال بن يسف والسبتي وغيرهم، وجماعة ظهرت في مطلع الثمانينيات أمثل عبد الكريم الوزاني، وبوزيد بوعبيد، ومصطفى اليسفي، والمعطي الداودي، والفنان مصطفى بوجمعاوي وأخرين من جميع مناطق المغرب، ثم الجيل الجديد مثل مريم العلج، وأحمد خيري، وفوزي العتيرس، ومحمد خليل، ورشيد بن الحسين ومحمد الرايس، وهذه المجموعة هي آخر فوج حصل على منحة للدراسات العليا بالخارج من مصلحة التعليم العالي التابع لوزارة التربية الوطنية وبتعاون مع مصلحة التعليم الفني وقسم الفنون التشكيلية الملحق بمديرية الفنون الجميلة (وزارة الثقافة).

المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان أول مدرسة وطنية مختصة في تدريس التشكيل

تأسس المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان سنة 1945، كأول مدرسة بالمغرب مختصة في تدريس الفنون التشكيلية: (رسم، نحت، صباغة وحفر..)، من قبل الرسام الإسباني ماريانو برطوتشي.

وفي سنة 1957، دشن جلالة المغفور له محمد الخامس بنايتها الجديدة خلال إحدى زياراته إلى تطوان، محدثا بذلك نقلة نوعية في مسارها التربوي والإداري، إذ صارت منذ ذلك الحين مدرسة وطنية لتكوين أطر مغربية في مجال الفنون التشكيلية حديثة العهد بالمغرب ، وساهمت بالتالي في تخريج الرعيل الأول من الفنانين التشكيليين المغاربة أمثال: المكي مغارة وسعد السفاج ومحمد السرغيني ومحمد شبعة ومحمد المليحي وغيرهم.. وفي سنة 1994، صدر قرار وزاري بتحويل المدرسة إلى معهد وطني يتم فيه قبول الطلبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا ، وذلك في إطار سياسة وطنية لتفعيل التعليم الفني الجامعي، وتخريج أفواج من الفنانين المغاربة بمستوى التعليم العالي.
يدرس المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ثلاث شعب أساسية، شعبة الفن التي تتضمن تخصصات الرسم، والصباغة، والحفر، والنحت، وشعبة التصميم الإشهاري، التي تؤهل الطلبة للتخصص في الفنون الكرافيكية والتسيير الفني لعلب التواصل والمقاولات الإشهارية، وشعبة الأشرطة المرسومة .

وتتضمن الدراسة في هذه الشعب مواد نظرية موحدة (تاريخ الفن، الفلسفة، السيميولوجية والتواصل)، بالإضافة إلى المواد التطبيقية الخاصة بكل تخصص على حدة.

وتستمر الدراسة أربع سنوات متصلة، مقسمة على سلكين أساسيين الأول يهم السنتين الأولى والثانية في أحد التخصصات السالفة الذكر، يحصل الطالب من خلالها على دبلوم السلك الأول الذي يعادل شهادة الدراسات الجامعية ، والسلك الثاني يتضمن سنة ثالثة للتعمق في الاختصاص مع سنة نهائية ينجز فيها الطالب بحثا نظريا وتطبيقيا للحصول على دبلوم التخرج المعادل للإجازة.

وبالإضافة إلى التدريس، يساهم المعهد بقوة في تفعيل التنشيط الثقافي والفني لولاية تطوان، حيث ينظم المهرجان الدولي للأشرطة المرسومة الذي صارت له اليوم شهرة عالمية كبيرة، كما يشرف على تأطير أوراش متخصصة في الرسم والأشرطة لفائدة تلامذة المؤسسات التعليمية بالولاية، بتعاون مع النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، وكذا إنجاز جداريات بالمدينة.

ويساهم المعهد أيضا، في مجموعة من التظاهرات الكبرى بالمدينة مثل مهرجان تطوان لسينما دول البحر الأبيض المتوسط. ويستعد حاليا لتنظيم مهرجان دولي لفنون الحفر بشراكة مع المعهد الفرنسي ومعهد سرفانطس في الخريف المقبل.

يوسف القاسمي: 10 سنوات في دراسة الموسيقى إجحاف في حق الطالب

حوار: حكيمة ادبيليج - يوسف القاسمي جمال فنان وموسيقي معروف بمدينة مراكش، رئيس فرقة "جسور" للموسيقي، عازف ماهر ومتمرد على جميع أنواع الآلات الموسيقية، أستاذ سابق بمعهد الموسيقى بمدينة مراكش، مدرس لمادة الموسيقى العربية في أحد المعاهد بفرنسا.

يقول القاسمي في حوار مع "المغربية"، إن دراسة الموسيقى تجد إقبالا كبيرا من طرف الشباب، رغم العديد من العراقيل التي تقف حجر عثرة في طريقهم، ضمنها السنوات العشر التي يطلبها الحصول على دبلوم في الموسيقى، وقلة المعاهد الموسيقية في سائر المدن المغربية مقارنة مع عدد الطلبة المسجلين فيها، وعدم التوفر على معاهد عليا للموسيقى تمكن الراغبين في متابعة دراستهم العليا عناء التنقل إلى دول أجنبية.

ما هو الدور الذي تلعبه معاهد الموسيقى في تكوين الشباب ذوي الميولات الفنية؟

أولا، يمكن اعتبار هذه المعاهد بادرة حسنة في توجيه وتكوين الشباب، سيما الذين لديهم ميولات فنية، إذ يتلقون بها تكوينا أكاديميا، يضعه بعض العارفين بشؤون الموسيقى في دائرة محو الأمية الموسيقية، ففيها يتعلم الطالب كيفية قراءة وكتابة النوتات الموسيقية، وطريقة العزف على الآلات، هذا إذا ما قورنت بالمدارس العادية التي تلقن مواد كاللغة العربية أو الرياضيات، معللين ذلك بأن الطالب لا يتلقى فيها كل ما يتعلق بماهية الموسيقى ككل، أي لا يتلقون فيها تكوينا معمقا، علما أن الموسيقى علم قائم بذاته، ويطلب مجهودا كبيرا، وخبرة طويلة ووقتا ومصاريف مادية كثيرة.

ومن شروط الالتحاق بهذه المعاهد، يجب أن يكون عمر الطالب 7 سنوات وألا يتجاوز 16 سنة، إذ يشكل الكبر عائقا بالنسبة إلى الطلبة الذين تتجاوز أعمارهم السن المحددة.
والطالب بمعهد الموسيقى يكون ملزما بقضاء 10 سنوات، كي يتسنى له الحصول على دبلوم، وهي مدة طويلة جدا مقارنة بالمواد التي يتلقاها، التي لا تستحق كل هذه المدة الطويلة، وكما هو معروف فالأسر المغربية لا تشجع أبناءها على ولوج هذه المعاهد في سن مبكرة جدا، ما يمكنهم مستقبلا من حرق تلك المسافات الطويلة، ويساعدهم على إتمام دراستهم الموسيقية إن كان لديهم رغبة في الاحتراف، ويقيهم عناء تحمل عشر سنوات للحصول على دبلوم.

وطلاب الموسيقى ينقسمون إلى شطرين، منهم الهواة الذين يلجون هذه المعاهد لدراسة الموسيقى، موازاة مع تتبع دراستهم، وحضورهم بالمعهد يكون، فقط، من أجل تعلم العزف على آلة معينة، والحصول على دبلوم فقط، ومنهم من لا يجد بدا من ولوج معاهد الموسيقى، بعدما سدت في وجهه جميع الأبواب، ومنهم من يدخلها عن اختيار لأنه يريد احتراف الموسيقى مستقبلا. على العموم، فدراسة الموسيقى تتطلب ثماني سنوات، للحصول على الدبلوم الأول، الذي يؤهل الطالب كي يصبح أستاذا بأحد المعاهد الموسيقية، في حالة ما وجد مكانا شاغرا، وحسب المواد التي يوجد بها خصاص، فضلا عن اجتيازه دبلوم السنة التاسعة، الذي يخول له إمكانية اجتياز المباراة الأخيرة لحصوله على الجائزة الشرفية المتمثلة في دبلوم السنة العاشرة، والذي تتكون لجنة تحكيمه من أساتذة من معهد الموسيقى بالرباط، والذي يمكن صاحبه من مزاولة مهنة تدريس الموسيقى في أحد المعاهد بشكل رسمي، شريطة ألا يتجاوز عمره 40 سنة.

ما هي المشاكل التي تواجه المتخرجين من تلك المعاهد الموسيقية؟

من وجهة نظري، كأستاذ وباحث في ميدان الموسيقى، أرى أن عشر سنوات لحصول الطالب على دبلوم في الموسيقى طويلة جدا ومجحفة في حق الطالب، هذا في حالة ما اجتازها الطالب سنويا بتفوق، مقارنة بدول أخرى، إذ يمكن اختزالها بطريقة مركزة في ست أو سبع سنوات، يتابع خلالها الطالب تكوينا بيداغوجيا واحترافيا في جميع المواد، ثانيا، حتى بعد حصول الطالب على هذا الدبلوم، فيواجهه مشكل عدم اندماجه من خلال العزف وسط مجموعة أو فرق موسيقية، لأن أغلب المعاهد الموسيقية لا توجد فيها هذه الإمكانية، بحكم أنها لا تدرس مادة الموسيقى كعلم قائم بذاته أو كلغة، أو كقواعد موسيقية، كما لا تدرس مواد للتأليف، والهارمونيا، باستثناء بعض المعاهد الواقعة في المدن الكبيرة مثل الرباط والدارالبيضاء، علما أن المغرب يتبع المنهج الفرنسي في تدريس الموسيقى دون أي تطبيق، فطرق تدريس الموسيقى في المغرب وتحديدا في فرنسا التي تكونت فيها، تختلف كثيرا عما نتلقاه في معاهدنا الموسيقية، والدبلوم الذي يحصل عليه الطالب بعد عشر سنوات من التكوين، غير مواز لدبلوماتهم، وعلى كل من أراد متابعة دراسته هناك اجتياز مباراة ولوجها بامتياز، فضلا عن كوننا نفتقر لمعاهد عليا وجامعات كالتي توجد في الدول الشرقية أو الدول الأوربية، تمكن الطالب من متابعة دراسته العليا فيها.

هل يستفيد العازفون المتخرجون من المعاهد من خبرة العازفين الفطريين؟

بالنسبة إلى طلبة المعاهد الموسيقية، فإنهم يتلقون كيفية كتابة وقراءة النوتة والعزف على الآلات الموسيقية، كما قلت في السابق دون أن يخضعوا لتداريب أو تكوينات، مع فرق موسيقية محترفة لصقل مواهبهم، سواء داخل أو خارج المغرب، وتبقى مسألة استفادتهم من الموسيقيين العصاميين ضئيلة جدا في حالة اعتمادهم على الدراسة بالمعهد فقط، توجد بعض المواد التي يدرسها عازفون عصاميون مثل الآلة الأندلسية، وللأسف أصحابها بدأوا يتضاءلون بحكم تقدمهم في السن، وللأسف لا يمكن تعويضهم. على سبيل المثال يوجد قسم لدراسة الموسيقى الأندلسية بمعهد مدينة مراكش، لكن توفي أخيرا أستاذان من العازفين الفطريين، ولم يجر تعويضهما، علما أن مدينة مراكش تتوفر على العديد من الأساتذة أي "المعلمين" الكبار في الآلة الأندلسية.

كم عدد المعاهد الموجودة في مدينة مراكش وباقي المدن الأخرى؟

بالنسبة إلى مدينة مراكش يوجد بها معهد واحد فقط، كان يوجد سابقا بجنان الحارثي، انتقل الآن إلى بناية كبيرة وجملية تابعة لوزارة الثقافة، أتمنى أن يعطى له شيء من الاهتمام، علما أن مراكش كمدينة كبيرة، في حاجة لمعهدين أو لملاحق في الأحياء الشعبية، فأغلب الشباب به يدرسون الموسيقى، بعد مغادرة مدارسهم في المساء، والمعهد يكون بعيدا عن أحيائهم، يوجد معهد خاص، لكن تكليف الدراسة مرتفعة بالنسبة إلى أبناء الفئات المتوسطة، وتوجد معاهد في كل من وجدة، وطنجة، وتطوان، والرباط، وسلا، والدارالبيضاء، وفاس، ومكناس، وأكادير، وأظن أن هناك معاهد تابعة لبعض البلديات، كما هو الشأن بالنسبة إلى مدينة آسفي والجديدة، بالإضافة إلى المعاهد الخاصة.




تابعونا على فيسبوك