مذكرات الصحافي عبد الله الستوكي

الأربعاء 18 غشت 2010 - 11:30

يعد عبد الله الستوكي، من كبار الإعلاميين المغاربة، وناشرا وكاتبا وحافظا للذاكرة الثقافية المغربية. رجل صرف أزيد من 44 سنة من عمره في خدمة الإعلام في المغرب والعالم العربي وحتى الغربي، تخرج على يديه جيل كامل من الإعلاميين العظام والأكفاء

وهو من العلامات المضيئة في المشهد الإعلامي المغربي.
الستوكي رجل من هذا الوطن ذاق طعم الولادة بين أحضانه والعيش تحت سمائه وبين أبنائه، فآسرته الكتابة عن قضايا وطنه، ويعد بروميثيوس الإعلام، الذي سرق نار الكتابة، وعمد بها أجيالا، كان بالنسبة إليهم الأب، والصديق والمعلم والمفكر، والمحلل، وكاتب العمود، حتى ارتبطت كتاباته ومقالاته بقلم لا يهادن ولا يعرف المحاباة، فكان، بحق، مرآة الصحافة المغربية، التي تصور الواقع، كما هو، لا كما يراه الآخرون.

وردد كثيرا مع نيتشه قولته الشهيرة، "حينما نحلق عاليا نبدو صغارا في عيون الذين لا يعرفون الطيران". حلق الستوكي عاليا في جميع الأجناس الصحفية، وغزا قلمه مجاهل لم يسبق أن وطأها قلم قبله.

بكل اختصار، يعد الستوكي الأب الروحي للمقالة الصحفية، وبتجربة وثقة كبيرتين وضع الدرس الصحفي، بدءا بتأسيس جرائد حزبي الاتحاد الدستوري (رسالة الأمة) والتجمع الوطني للأحرار (الميثاق الوطني) و(المغرب) ... كما كان من بين من قادوا دفة وكالة المغرب العربي للأنباء ورسم معالمها الكبيرة والصغيرة.

بالحب يهزم الستوكي اليوم النسيان، وبالحنين يحتفظ لنا بذاكرة غنية عاينت عن كثب التحولات التي شهدها المغرب عموما وصحافته خصوصا على مدى سنوات.

على امتداد شهر رمضان تكشف "المغربية" جوانب من حياة هذه الشخصية عبر وقفات تستحضر أهم محطات حياة هذا الإعلامي المغربي لتركيب أهم المشاهد واللحظات، التي طبعت حياة مليئة بالعطاء.

الستوكي: بدأت الصحافة في سن مبكرة وتعلمت كل شيء في الميدان

محمد فجري

الفضول المهني يدفعني لطرح سؤال حول إحساسك الآن ونحن بصدد استحضار أهم محطات مسارك ؟

ينتابني نوع من الدهشة وأنا في هذه السن، لأنني لا أستطيع أن أستوعب أن أشخاصا آخرين يتملكهم الفضول لمعرفة، أو الاهتمام بمرحلة طفولتي، أو مراهقتي وكيف مرت باستثناء مرحلة الشباب، لست فخورا جدا بقصة حياتي الشخصية التي يبدو أنها لا تشكل أهمية كبرى للجميع كي أصدقك القول، إنها إعادة لسيرة ذاتية لا يجب إعطاؤها طابعا ملحميا أو بطوليا، ورغم ذلك أجد نفسي مؤهلا لأقول إن مثل هذه المبادرات تجعلني أحس بقليل من الرضى، لأنها تثير فضول الشباب المهتمين رغم كل شيء، لمعرفة كيف كان ماضي وأركيولوجية رجل كان ينظر إليه مثل زعيم، إنه شيء مغر رغم كل شيء، ويمكن أن أشكركم دون تكلف قد يفسر على أنه مبالغة.

يعتبر الماضي ومنه الطفولة كما تعلم أهم ممتلكات الإنسان غير القابلة للمصادرة والتي تظل حاضرة معه طيلة مراحل حياته، فما هي أبرز محطات طفولة عبد الله الستوكي ؟

سأظل متحفظا من رؤية الأشياء بهذه الطريقة، لأنها تبدو لي، وكأنها نظرة "دوكلية" جدا قريبة إلى التحليل النفسي، الذي يعتبر أو يظل بالنسبة لي غاية في التبسيط، أعتقد أنه من الأجدر بي اليوم أن أقول إنني تخلصت من العمر الأول (مرحلة الطفولة)، مرحلة بالأحرى مليئة بالذكريات التي تبقت لي، بغض النظر عن بعض اللحظات النادرة من فرح عابر أو بالأحرى متع.

بدأت الصحافة في سن مبكرة وتعلمت كل شيء في الميدان دون أن أتابع تكوينا في مدرسة الصحافة كانت البداية مع الصحافة الحزبية وتحديدا صحافة الحزب الشيوعي المغربي، وبعد ذلك مع لام ألف وأنفاس، وتقلدت مسؤولية كبرى في وكالة المغرب العربي للأنباء قبل أن أتولى رئاسة تحرير يومية كانت تأسست خصيصا لمنافسة صحافة "ماص".

كيف كانت العلاقة مع الأهل ؟

العلاقة مع الأهل، في إطار ما أسميه عائلتي الصغيرة على العموم، كانت سلمية باستثناء بعض الشرارات التي لا مفر منها في جميع الحالات، لكنني لا أتذكر أنني مررت بأزمات خارجة عن المألوف خصوصا في عقد الخمسينيات أو الستينيات بقيت تتداول في وسط العائلة، كنت مخطئا في بعض الأحيان بطبيعة الحال، كنت أحيانا طفلا مثاليا وأحيانا أخرى صعب المراس بل ومتمردا، رغم أنني أمتلك اليوم وعيا عميقا لم يكن لدي في تلك الفترة.

بالتوقف عند مرحلة دراستك الابتدائية والإعدادية قبل أن تتوقف في مراكش في مستوى الباكلوريا ماذا تختزن ذاكرتك عن هذه الفترة ؟

تختزن ذاكرتي عن هذه الفترة (الابتدائية والثانوية)، لحظات كثيرة، غير أنني لم أكن على العموم تلميذا جيدا، لكنني كنت أبذل مجهودات كي أبدو كإنسان حكيم، محترم للحياة الدراسية، بل كنت أبدو كعالم صغير خصوصا بين فترة ماقبل وبعد الاستقلال، وشاب يمكن أن يعد بأنه ينتمي إلى نخبة شيء صار مع الوقت بالتأكيد وهما.



برادة: الستوكي صحافي حقيقي ومثال للمثقف المغربي

عبد الله الستوكي الصديق الحميم الوفي الودود المثقف عبد الله الإنسان، يتميز بدماثة الأخلاق وبالسلوك الحسن، والثقافة الواسعة. إنه رجل ألمعي وموسوعة ومثال للمثقف المغربي بكل معنى الكلمة. دراسة عبد الله الحقيقية كانت في ذاتيته، فبعد الباكلوريا ذهب إلى موسكو مع أصدقاء آخرين ودرس هناك، لكن ربما علمته الحياة وتعلم من تجاربه، أكاد أقول إنه صنع نفسه بنفسه كون نفسه كما تمنى أن يكون. وأعتقد أنه لو خير في أن يبدأ حياته من جديد لاختار الحياة التي هو يعيشها بسلبياتها الكثيرة وإيجابياتها القليلة، لكن بثقافتها التي تجعل منه إنسانا ليس مثقفا، فقط، بل بلغت به الثقافة إلى أن يكون متحضرا جدا. عبد الله إنسان حضاري، عاشرته في تجمعات دولية، خارج المغرب، في عدة دول ذهبت معه إلى كندا عندما كان رئيسا دوليا للصحافة الفرنكوفونية، في فترة الثمانينيات وكانت تجمعه أيامها علاقات مع كبار الصحافيين الفرنكوفونين، وأحتفظ له بخطاب ارتجله أمام كبار الصحافيين ونال تقدير وإعجاب الجميع. يعرف الستوكي كيف يصرف الفعل بالفرنسية وبالعربية وكيف يرسم الأفكار بالكلمات، وهو كما يقول الفرنسيون فأر في الخزانة يقضم الكتب، عرفته يقرأ كتابا في اليوم، بالنسبة لي الصحافي الحقيقي والمحترف الحقيقي هو عبد الله الستوكي، الذي كان يمارس الصحافة بكل مهنية واحترافية، فرغم قربه من الحزب الشيوعي المغربي آنذاك حزب التقدم والاشتراكية في ما بعد، إلا أنه عرف كيف يحافظ على التوازنات في العلاقة مع كل التيارات، بما فيها ما كنا نسميه بالتيارات "الرجعية".

في موسكو تلقيت تكوينا إيديولوجيا وحزبيا في مدرسة الحزب الشيوعي

أكد عدد من زملائك ورفاقك أن دراستك في ذاتيتك، وأن الحياة كانت مدرستك وأنك تعلمت من تجاربك، وكونت نفسك كما تمنيت أن تكون ما رأيك في هذه الشهادة؟

ربما يكون تقييما عادلا لما كنت عليه في اللحظة التي صرت وتشكلت فيها، ولو أن هذا صار بطريقة فوضوية، وعلى خلاف الطرق البيداغوجية، هذا لا يعني أنني بكل بساطة، كنت لا أميل إلى أن أتلقى تعليما من هنا ومن هناك بشكل عصامي وذاتي، محاولا تحقيق نوع من الحرية، حرية الوجود بلا قيود، "وهم" آخر، لأن النتائج إن صح هذا التعبير التي جاءت في ما بعد كانت كارثية لمدة من الزمن.

ما هي النماذج والشخصيات التي أثرت في طفولتك ودراستك وساهمت في رسم مسار حياتك ؟
أساتذة ومدرسون ذو طبع راديكالي، سياسيا وفلسفيا، إضافة إلى بعض الشخصيات المتعلقة بالماركسية أو بالشيوعية، لكن ليس من بينهم حقيقة من كان له تأثير علي بشكل ذي مغزى، لدرجة يمكن معها أن يكون نموذجا لشاب، كان كل همه وشغفه وزاده الأدب الكلاسيكي والفكر الحداثي، أعيش إلى حد ما مستلهما قوة من إبداعات رجالات كبار.
في الواقع لم أتابع دراستي، لأنني توقفت عنها بمراكش، قبل الحصول على شهادة الباكلوريا، وذهبت إلى موسكو لأتلقى تكوينا إيديولوجيا وحزبيا في المدرسة المركزية التابعة للحزب الشيوعي السوفياتي.
وإذا كنت أجهل كيف عاش الرفاق، الذين كانوا معي تلك التجربة، فإنني في المقابل تعلمت الكثير خلال الأشهر، التي قضيتها في موسكو، خاصة في ما يتعلق بالأدب الروسي، وإن كنت صادفت للأسف مرحلة الانشقاق السوفياتي، الذي كان مصاحبا بسجال غير مفيد.

كيف كان شكل المغرب في هذه الفترة (مرحلة طفولتك) من الناحية السياسية ؟

المغرب في ذاك الحين بدا في حالة حراك ومخاض ذي بعد ثوري، هذا راجع بالتأكيد إلى المناخ العام لمرحلة ما بعد الحرب العالمية، ونهاية القرن العشرين التي عرفت ميلاد نوع من الحركات التحررية، إضافة إلى أنظمة اشتراكية حقيقية والتي كانت أوروبا الشرقية نموذجا لها، والماوية في الصين، التي اكتسحت مجالا واسعا بآسيا، وكوبا التي التحقت بالموجة التقدمية العالمية، دون أن ننسى بطبيعة الحال نماذج الأحزاب الشيوعية المنتصرة بإيطاليا، وفرنسا، والسودان، والعراق، وأخرى، كل ذلك لم يثقل كاهلنا، ولكن ساعد على توجيه فكرنا في المكان الصحيح بشكل منهجي نحو مستقبل مشرق للثورة العالمية.

اليوم وللأسف الأمر أصبح متجاوزا وعفا عليه الزمن، والعمر الذي بلغته اليوم لا يمكن إلا أن يجعلني مرتبكا بما في الكلمة من معنى، ليس فقط أن سقوط جدار برلين بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هو ما يجعلني أقول هذا الكلام، بل حتى التحول الجذري لبلدي المغرب، الذي كان يعرف نوعا من الاضطراب السياسي والمجتمعي، لكن أتيحت له الفرصة في ما بعد ليعيش تغييرا سلميا مليئا بالآمال في مستقبل ديمقراطي، دون اصطدامات خطيرة من أجل التوجه نحو المستقبل.

برادة: الستوكي رجل أعطى لهذا الوطن أكثر مما أعطاه الوطن

عرفت عبد الله الستوكي منذ بداية مساري في الإعلام، أي منذ نهاية الستينيات وبداية السبعينيات عرفته مديرا لعدة صحف، وعرفته مكونا لعدة صحافيين، ومسؤولا في وزارة الإعلام، مديرا للإعلام في وزارة الإعلام في السبعينيات واشتغلت معه وقريبا منه وباتصال دائم معه، فلمست فيه الاهتمام بكل ما يتعلق بالإعلام وبالصحافة المكتوبة على وجه الخصوص، عبد الله هو الذي أسس العديد من الصحف المغربية، ويرجع له الفضل في استقطاب العديد من الزملاء والأصدقاء، الذين لم تكن لهم اهتمامات صحفية، ولولا الستوكي الذي يعترفون له بهذا، لما اكتشفوا مجال الصحافة، الذي كان حكرا على مجموعة من الناشرين خصوصا ناشري الصحف الحزبية، التي كانت وحدها في الساحة، ولما ظهرت الصحف المستقلة والصحف الحديثة، كان باع عبد الله طويلا في مدهم بالعديد من الأطر، التي أصبحت لها الآن مكانتها في الفضاء الإعلامي ببلادنا، الستوكي ذو إيثار كبير يفضل الآخر على نفسه، يحترم الآخر فكرا وقناعات، وكذلك يفضل الآخر على نفسه، إذ يمكن أن تعرفوا وأنتم تعلمون كيف يعيش عبد الله الستوكي الآن، كذلك الناس الذين يعرفون الستوكي يعتبرون أنه بوهيمي. عبد الله ليس بوهيميا عبد الله هو المثقف بكل معنى الكلمة، وهو الإنسان الذي يمكن أن يسترخص كل ما عنده في سبيل الآخر، وفي سبيل أن ينجح الآخر، يعز أصدقاءه ويفضلهم على نفسه، ويساعدهم على أن ينجحوا. وهذه هي شيم الكبار، فالرجل ذو قلب كبير أعطى لهذا الوطن أكثر، مما أعطاه هذا الوطن.

الستوكي: الجرائد التي أسستها لا تشكل لي مصدر فخر كبير

ما هي التجارب أو الجرائد، التي أشرفت على إصدارها أو ساهمت إلى جانب زملاء آخرين في إخراجها إلى الوجود ؟

الكل يعرف العناوين أو الجرائد التي ساهمت في ولادتها والتي لا تشكل بالنسبة لي مصدر فخر كبير، رغم أنني إطلاقا لا يمكنني نفي هذا الماضي القريب، ويتعلق الأمر برسالة الأمة، والمغرب، والميثاق الوطني، ومجلة "le message de la nation" إلخ.

عملت في عدة منابر لم تكن بالضرورة تنسجم مع مبادئك وقناعاتك الإديولوجية، وأسست جرائد لا تمثل توجهك أو فكرك، كيف تمكنت من تحقيق هذه المعادلة ؟

هل كل الصحافيين، كيف ما كانت طبيعتهم يعملون أو يتعاونون مع جرائد، مجلات أو مؤسسات، تتوافق مع أفكارهم أو على الأقل مع اتجاهاتهم، بصرف النظر عن بعض المناضلين المحتاجين والمفتقدين الخيال أحيانا، لم أر الشيء الكثير، إضافة، إلى أن المدراء وبعض رؤساء التحرير، كانوا دائما هنا من أجل قمع أي خرجات كيف ما كانت طبيعتها، محافظين على خط تحريري دقيق للغاية، اضطررت أحيانا إلى القيام بنوع من العنف، أو بالأحرى التعامل مع الواقع، كي أتقبل فكرة العمل، بعيدا عن أماكن كانت ذات نكهة مثالية وتطابق إديولوجي مع شخصيتي.
ومع ذلك أؤكد ودون مبالغة أنني لم أكن مجبرا في أي مكان على اتخاذ مواقف مارست بها عنفا على نفسي، وعلى أفكاري ومبادئي العميقة التي آمنت بها.

هل مازلت تحمل الأفكار والمبادئ نفسها التي دافعت عنها وكنت تؤمن بها ؟

لا أفهم معنى هذا السؤال الذي يستفسر مني إن كنت فعلا ما أزال أنا. لكن بالمقارنة مع من ولمن ؟ الشخص الذي هو أنا في الوقت الراهن، في سنة 2010، هو نفسه كما كان في شبابه؟

كيف ترى مستقبل الشيوعية اليوم، وما هو تحليلك للواقع الذي يعيشه اليسار حاليا ؟

إنه سؤال فضفاض نوعا ما، مستقبل الشيوعية هذا لا يبدو لي حسب قدراتي المتواضعة سؤالا واضحا عن أي نوع من الشيوعية نتحدث؟ هل شيوعية الطوباويين ومؤسسي "الاشتراكية العلمية"، كارل ماركس، إنجلز، لينين، وأخريين؟ أم اشتراكية اليساريين الذين طبعوا مرحلة القرن العشرين ؟ أم اشتراكية الشيوعيين السابقين بأوروبا بالمعسكر الاشتراكي السابق، في البلدان التي هي اليوم، في إفريقيا، في العالم العربي، في آسيا أو أمريكا اللاتينية التي تعطي الانطباع بظهور أصوات جديدة لبناء مستقبل لشعوبهم على اختلافها.
واقع اليسار المغربي اليوم ؟ سؤال مؤلم، نوعا ما وأنا سأظل كما أنا اليوم، وإذا كان علي أن أتموقع سياسيا قريبا من حزب التقدم والاشتراكية، بالرغم أنني لست دائما مرتاحا في هذا الموقع مع رفاق الطريق، لكن يجب ما يجب !.

برادة: الستوكي يعيش عيشة لا ترضي المثقف المغربي

عبد الله الستوكي مدرسة قائمة الذات في المجال الإعلامي، وأتأسف لكون عبد الله لم يحظ بالعناية اللازمة بحيث لم "يستغل" معرفيا وثقافيا، لأنه أعطى وكان يمكن أن يعطي الكثير، لو جرت العناية بالرجل، مع الأسف حاول أن يقدم الكثير نجح في عدة مناسبات لم تتح له الفرصة الكافية في أن يخدم هذا البلد أكثر، أنا أتذكر في الثمانينيات عندما كان مديرا للإعلام في وزارة الإعلام وقتها، كان يقوم بمهمات خارج الوطن، وبمهمات صعبة كان يقوم بأدوار لم يكن يتأتى أن ينجح فيها لولا أخلاقه ووفاؤه. عبد الله الستوكي الآن يفتقد منزلا، ولا أحد يهتم بالموضوع يعيش عيشة لا ترضي المثقف المغربي، ومع ذلك فللرجل أنفة وعزة تغنيه عن الناس، أتذكر بهذه المناسبة عددا من الأسماء كانوا قريبين منه وعملوا معه مثل مصطفى الخودي الذي ساهم الستوكي في تكوينه، وعبد الحي أبو الخطيب، وعبد القادر شبيه، وفؤاد النجار، والرويسي، والعلمي. عبد الله لديه حس صحافي قوي خلال جولاتي معه بإفريقيا وأمريكا الشمالية شعرت باعتزاز كبير بمغربيتي. الستوكي هو ذاكرة الصحافة المغربية إضافة إلى أنه معلمة ثقافية ومنارة في الإعلام الوطني، هو كذلك ذاكرة لماذا ذاكرة، لأنه يختزن في ذاكرته تاريخ الصحافة الوطنية، ليس فقط لأنه مارسها منذ عقود طويلة، وإنما مارسها في أوقات دقيقة، تجعل هذه الممارسة حقبة تاريخية يجب أن تكتب وما يمكن أن أؤاخذ على صديقي وهو الكاتب والصحافي والناشر، أنه لم ينشر مذكرات مهمة يختزل فيها ولو القليل من الكثير الذي عاشه وعمله في الحقل الصحفي والثقافي، وهو الذي شغل منصب مدير الإعلام في الوقت الذي كان هذا المنصب، وكانت مديرية الإعلام أهم ما في الوزارة، وكان ذلك منصبا رفيعا وجعله يكون على اتصال دائم ومنتظم ومباشر مع أصحاب القرار، ومع ممارسين مغاربة وأجانب، ما جعله يجمع معطيات وتجارب وأسرارا يجب أن تنشر، لأن فيها ما يفيد الباحث والقارئ والمتتبع لتطور الصحافة على الأقل في الخمسين سنة الماضية، إضافة إلى مساهمته في إنشاء الصحف والمساهمة بطريقة عفوية في تكوين الصحافيين، الصحافة الوطنية مدينة لعبد الله الستوكي بالكثير ...

الستوكي: قضية المهدي بن بركة شكلت أول تجربة صحافية حقيقية لي

ألم تدرك مبكرا أن المستقبل لم يكن بيد الشيوعية؟

إلى حد ما، نعم بالنظر إلى أوضاع الاتحاد السوفياتي حينئذ. ففي ما يخص المشاكل التي كانت تعيشها الولايات، التي كانت في الواقع شبيهة بالمستعمرات، كنت أعتقد أن الأمور لم تكن جيدة في عدد منها، مثل كازاخستان أوزبكستان... ، وكان الجميع يشعر بأن الاتحاد السوفياتي كان اتحادا بالقوة مصحوبا بخطاب ذي طابع أخوي وطائفي.

أما في المغرب، فكانت مدرسة الحزب الشيوعي بمثابة منتدى يضم ممثلين من مختلف ربوع العالم، وكان مناضلو الحزب الشيوعي المغربي يحضرون اجتماعات ذلك المنتدى، وكثير منهم بقوا أوفياء لتلك الإيديولوجيا. وبالنسبة إلي، لم أُدر ظهري لتلك القناعات، وإنما أتى ذلك بشكل تدريجي، حيث استقلت من الحزب الشيوعي المغربي في 1967، واحتفظت بروابط متينة مع المناضلين، ولم أنضم إلى أي حزب آخر، بما في ذلك، حزب التقدم والاشتراكية.

باعتبارك من بين مؤسسي وكالة المغرب العربي للأنباء قربنا من فترة التأسيس ؟

لم أكن يوما من ضمن مؤسسي وكالة المغرب العربي للأنباء، كنت أريد ذلك، لكن، كنت صحافيا بهذه الوكالة في النصف الأول من الستينيات، وأتذكر لحدود اليوم أن أول تجربة صحافية حقيقية كانت لي هي قضية المهدي بن بركة نهاية أكتوبر 1965، أعرف إنسانا أصبح صديقا مقربا مني جدا وأحترمه كثيرا لحدود اليوم عبد الجليل فنجيرو، الذي كان يتوفر على مؤهلات كبيرة وقدم الكثير، ولكن ينبغي، ما دمنا نتكلم عن "لاماب"، أن نستحضر شخصية المهدي بنونة المتوفى، أخيرا، الذي كان المؤسس (الوحيد) لوكالة المغرب العربي للأنباء، التي أراد أن يضمن لها الاستقلالية والمغربة وهم صار اليوم، تحية لهذه الشخصية التي لم تنل الاعتراف الكافي نظير ما قدمت من عطاءات ولما لها من أفضال.

كيف كانت تعمل الوكالة وبأي أدوات ووسائل؟

كان عمل الوكالة ذا ميزة خاصة بالنظر إلى أن الجزء الأكبر من الأخبار كان يأتي من الوكالات العالمية أو المتوسطية (مغاربية، إفريقية، أمريكولاتينية...). كانت وكالة المغرب العربي تقدم خدمة إفريقية يستفيد منها مشتركون ينتمون إلى دول مختلفة، ولم يكونوا راغبين في تلقي نسخ من قصاصات وكالة الأنباء الفرنسية أو رويترز، أو غيرهما. كانت كل صحيفة، في تلك الفترة، التي كان المغرب يعيش فيها تعددية مغلوطة، ناطقة باسم الحزب الذي يصدرها، وكانت هناك استثناءات قليلة لهذه القاعدة، قبل أن تأتي عليها حالة الاستثناء.

العلوي: الستوكي كان يقدر العمل الصحافي المهني ويوليه أهمية

كانت مرحلة 1975 مرحلة حاسمة في تاريخ المغرب الحديث، إذ كانت تلك السنة سنة الصحراء المغربية، بما فيها محكمة العدل الدولية في لاهاي، وما تبعها من تأسيس لجنة لتقصي الحقائق، ثم بعد ذلك تنظيم المسيرة الخضراء، فكان عبد الله الستوكي، بصفته مديرا للإعلام بوزارة الإعلام، يبذل جهدا كبيرا ومشقة بالغة بسبب حساسية وخطورة الملف، وأيضا لأن أنظار العالم كانت متجهة نحو المغرب إضافة إلى وسائل الإعلام العالمية، وكان الستوكي هو المنسق لاستقبال الصحافيين الأجانب ولمدهم بالمعلومات اللازمة حول النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وتوفير جو العمل المهني بشكل يرضي الجميع، وكان بطبيعة الحال الرجل المناسب في المكان المناسب، في الوقت المناسب، فكانت بداية معرفتي به بشكل محسوس ومباشر، ومن ثمة نشأت بيننا صداقة مازالت لحد الآن تتنامى ولا تعرف أي إشكال أو تعثر نظرا لتقارب الرؤية والمسائل الفكرية، إضافة إلى العمل المشترك، الذي جمعني به في جريدة "رسالة الأمة"، وكانت جريدة متينة ومعروفة بصدقها وصدقيتها، وقد عمل عبد الله على جلب ألمع الكتاب وأكفأ الصحافيين، وكانت الجريدة اليومية المهنية ولا أقول أن الحزب كان يطغى على عملها ويتدخل في شؤونها، لأنه كان هناك شخص اسمه عبد الله الستوكي، كان يقدر العمل المهني الصحافي ويعطيه أهمية على أي عمل آخر، حرفيته جاءت من المناخ، الذي عاشه وهو شاب يافع في المجال السياسي، إذ كان ينتمي للحزب الشيوعي المغربي، وكان في الحزب الشيوعي أساتذة يعتز المغرب بهم سواء من حيث الزعامة السياسية أو من حيث الزعامة الفكرية، والأطروحات النظرية وفي ذلك الجو تربى الستوكي، وكان نتاجا لعدد من التجارب والاحتكاكات، كما أن مهنيته هي التي جعلت منه يربأ من أن ينخرط في التفاهات المثارة في الساحة الصحافية، في السنوات الأخيرة، من تسيب وشبه انحلال في بعض الأحيان، واكتفى أن يكتب بعض المقالات الرصينة ولا يشتغل بشكل يومي في أي جريدة من الجرائد.

الستوكي: الأختان برادلي وهذه العائلة التي عانت كانت قريبة مني

كيف ترى واقع وكالة المغرب العربي للأنباء اليوم ؟

ما من شك أن وكالة المغرب العربي للأنباء أضحت اليوم أداة قوية جدا. افتتحت مكاتب في عدد من المدن المغربية وأخرى في الخارج، وصحافيوها يبذلون مجهودات كبيرة على المستوى المهني، حتى إنها أصبحت تعتبر وكالة متوسطة.

بيد أنها أصبحت، مع الأسف، خاضعة للسلطة: الاستعلامات ومصالح التجسس.... وأتساءل حول عدم تمكن مغرب ما بعد الحسن الثاني من وضع حد لمثل هذه السلوكات، إذ ليس من حق أحد أن يملي على العاملين في الوكالة ما يجب عليهم فعله، رغم أن هذا لا يعني أنني فقدت الأمل في تغير الأوضاع.

ما هي علاقتك بالأختين برادلي، اللتين حاولتا تنفيذ عملية استشهادية في تل أبيب، وكيف أثرت هذه العلاقة على مسارك؟

الأختان برادلي وهذه العائلة التي عانت كثيرا، كانت قريبة جدا مني، ناديا وغيثة برادلي، وكذلك أخوهما عبد الرزاق، كانوا دعما بالنسبة لي في لحظات ضعفي في مرحلة شباب لم تكن دوما سعيدة، تأثرت كثيرا بنوائب الدهر، التي مافتئت تتوالى ضرباتها على هذه الأسرة منذ 1966، بداية من وفاة الأب والمشاكل الأسرية التي تلتها. وبطبيعة الحال، كانت الأختان مؤازرتين في كل مشاكلهما من طرف صديقهما الجزائري محمد بوديا، أحد المناضلين من أجل القضية الفلسطينية، وكان كل شيء يجري في بيتي دون أن أكون حاضرا. غير أن الموساد كان، منذ البداية، على علم بكل شيء، وكان الإسرائيليون ينتظرون أن يكون جميع أعضاء المجموعة حاضرين في تل أبيب من أجل إيقافهم جميعا. وفي الحقيقة، لم يدافع عن الأختين سوى مناضلين ومحامين وفنانين فرنسيين، ولم يتدخل المغرب في القضية إلا في وقت لاحق، بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني، الذي قلص مدة سجنهما، وتحية عطرة مليئة بالحنان لهم جميعا.

كيف ولجت عالم النشر، وهل بالفعل أنت صاحب أكبر خزانة خاصة في المغرب؟

حاولت تأسيس مقاولة للنشر، ولكن بكل صراحة لم أنجح وشعرت باستياء كبير وأسى عميق لأسباب عديدة، فكان هذا الإخفاق، استعملت نقودا لم أكن أملكها، إذ لم أستطع أن أتحمل، وأيضا، كان لا بد من الاستثمار في مجالات مربحة، كنشر الكتب المدرسية والجامعية، بدأت في خدمة بعض الشعراء، إضافة إلى بعض الأدباء والفنانين، ويظل هذا الموضوع بمثابة مرحلة لا تشعرني بالرضا، بالنسبة للشق الثاني من السؤال يبدو لي مجرد افتراض القول إن خزانتي أهم خزانة خاصة بالمغرب، سأظل أحد المهتمين بجمع الكتب.... 35.000 أو 40.000 كتاب لدي وماذا بعد! سأظل مقتنعا بأن هناك من رفاقي، أكيد أكبر مني سنا، لهم خزانات أو أجنحة أكبر ببيوتهم أكثر إثارة للإعجاب مما لدي... ابحثوا في هذه الاتجاهات ولا تنشغلوا بعبد الله الستوكي، على الأقل، في هذا الجانب.


حسن العلوي (فريموس) قيدوم الإعلاميين المغاربة

في فترة عملي معه في جريدة "رسالة الأمة"، ظلت علاقتي معه دائما في الفكر والصداقة كنا نقضي الليالي الطوال، في قراءة أمهات الكتب، وهذه ميزة أخرى يمتاز بها صديقنا وهي أنه يمكن أن نسميه، أساسا أو تجاوزا، فرنكفونيا في تعلميه وتكوينه، لأنه استوعب الآداب العربية والتاريخ العربي ومن المستحيل أن نميز في خزانة كتبه أن نميز بسرعة هل هو فرنكوفوني، أو عربي، فنجد في خزانته الكتب العربية الحديثة ونجد أمهات الكتب بالفرنسية والعربية، عموما يعتني كثيرا بالتراث العربي ويتحمس له وأحيانا يتعصب له لذلك ظلت صداقتنا في هذا الجو، جو ثقافي صداقة حقيقية فهو يعني تقريبا يعيش بشكل كما يقول البعض "بوهيمي"، ولكن أنا لا أستطيع، فهو يدخل في أدبيات الأشخاص، الذين يعانون من مل يحملون كأفكار ومن ما يمارسه في الحياة اليومية أو تضغط عليهم هذه الأخيرة، من أجل العيش هو شبيه بشخصيات روائية خاصة رواية بطل من زماننا الرواية الشهيرة هل هو داخل هذا العصر أم خارجه ؟ هذا هو السؤال المطروح عليه بطريقة شكسبيرية أعتقد أن عبد الله الستوكي يعيش سجين هذا السؤال، وهو سؤال وجودي أو عبثي أو شكسبيري، كانت له علاقات بالمثقفين كنا نستقبل محمد شكري بحفاوة بالغة وله علاقة شخصية مع الطيب الصديقي دامت أعواما، وأريد أن أوجه له عبر هذا المنبر رسالة خاصة وهي "يا عبد الله ابق كما أنت ولا تتغير".

الستوكي: أسس بنونة جريدة بالفرنسية بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني

بعد مرحلة وكالة المغرب العربي للأنباء، توليت رئاسة تحرير "لاديبيش" كيف كانت هذه التجربة ؟

طلب من الراحل المهدي بنونة، بأمر من الملك الراحل الحسن الثاني، أن يؤسس جريدة باللغة الفرنسية لمواجهة صحافة "ماص"، وكنت آنذاك في رعيان الشباب. غير أن مولاي أحمد العراقي كان الخصم الرئيسي لتلك التجربة، ولذلك حاربها بكل ما أوتي من قوة، مدعوما بإدريس السلاوي، الذي كان حينئذ مستشارا للملك.

لماذا؟ بكل بساطة لأن تلك الجريدة أفلحت في الانفلات من قبضتهما. ولم يكن يدعمنا سوى أحمد السنوسي، وزير الإعلام في تلك الفترة. لقد كانت تجربة جيدة رغم العراقيل التي واجهتها قبل أن تتوقف عن الصدور غداة انقلاب الصخيرات، وتحديدا في فاتح نونبر 1971.

لاسترجاع العناوين أو الجرائد التي كانت تنتمي لعائلة "ماص"، "le Petit Marocain"، و "la vigie Marocaine"، دون إجراء أي تغيير، في فاتح نونبر 1971، كما أشرت لذلك، وأشهرا بعد حدث الصخيرات، أرسل أحمد بنكيران، إلى "le Petit Marocain"، فيما تولى مولاي أحمد العلوي إدارة "la vigie Marocaine"، الأولى سميت ببساطة "le Matin"، أما الثانية فحملت إسم "Maroc Soir"، وأمام رفض المالكين القدامى (بقايا المستعمر)، طبع الجريدتين، تدخلت الحكومة وحصلت عبر حاكم الدارالبيضاء آنذاك مصطفى بلعربي العلوي، على المطابع.

في بداية مارس سنة 1972، أحمد بنكيران، غادرنا، ومولاي أحمد العلوي تولى الإشراف على "le Matin"، مانحا إياها خطا تحريريا مواليا للقصر الملكي وفي خدمته، كل هذا استمر حتى يومنا هذا مع بعض التعديلات الإضافية. وإعطاء تفاصيل أخرى سيكون أمرا مملا.

طلب مني مولاي أحمد العلوي مرار وتكرارا وفي أكثر من مناسبة، أن أتولى الإشراف على التحرير بـ "le Matin"، دون أن يقنعني بضرورة الالتحاق.

أسست جريدة حزب الاتحاد الدستوري، وأصبحت بمثابة متخصص في تأسيس الصحف الحزبية. فهل أنت من اختار هذا التوجه ؟

إنها صدف الحياة التي سمحت لي بإطلاق مختلف الجرائد، التي تحدثت عنها بطرق مختلفة، للإجابة على احتياجات الظرفية، يجب أن نتذكر أنه في هذه السنوات التي نتحدث عنها، كان من الضروري لأي حركة سياسية أن تتوفر على منتدى للأخبار والمعلومات والاتصالات، لتكون حاضرة في الحياة العامة، وهو الأمر الذي لم يعد مطروحا حاليا، لأن حزب الأصالة والمعاصرة اليوم مثلا، وبعد محاولات غير ناجحة، صمم على البقاء دون أجهزة للتعبير وإيصال صوته للعموم. رفعت دائما التحديات في ظروف غير مواتية، لتأخذ هذه المقاولات الصحافية الشكل الذي هي عليه اليوم.

لا يمكن أن أعتبر ما أنجزته عملا بطوليا، وإن كنت بذلت مجهودات من أجل الرفع من جودة المنتوج الصحافي، في وقت لم تكن فيه الظروف تسمح بالمستوى الضروري من حرية التعبير لممارسة مهنة الصحافة.

الأنوري: الستوكي كتب سيناريو أول مسرحية ألفت في المغرب

عرفت أن عبد الله الستوكي بدأ في "لاماب" وكان يكتب من حين لآخر مقالات في الجرائد الوطنية في النقد والتشكيل، خصوصا في مجال الفن التشكيلي، ثم عرفت من بعد أنه كتب سيناريو مسرحية باللغة الفرنسية تحت عنوان "كو موليير"، " Que Molière " وهي من أول المسرحيات التي ألفت في المغرب، ومن وحي وكتابة مثقفين مغاربة أشرفوا على إخراجها وتشخيصها. في ما بعد علمت أنه درس في أوروبا الشرقية وكان مناضلا شيوعيا نشيطا في الحزب الشيوعي المغربي في تركيبته الأولى، ثم ضمن التيار اليساري المتطرف، الذي كان من بين قادته أبراهام السرفاتي، والشاعر عبد اللطيف اللعبي، مدير المجلة الثقافية "Souffles" أو "أنفاس" التي قرأت فيها العديد من المقالات والتحاليل السياسية لعبد الله الستوكي، كما عرفت أنه بدأ حياته الصحفية في وكالة المغرب العربي للأنباء إلى جانب الراحل المهدي بنونة، الذي سيكلفه في نهاية الستينيات من القرن الماضي، برئاسة تحرير يومية "لاديبيش" (القصاصة)، التي أسست لخلق نوع من التوازن بين الصحف المغربية في تلك الفترة، بعد أن كانت جريدتا "l.opinion" و"le petit marocain" الوحيدتان في الساحة آنذاك، أي صحافة "ماص" وصحافة الاستقلال. "لا ديبيش" جاءت لخلق التوازن نوعا ما، وأعتقد أنها توقفت، في نونبر 1971، وهي السنة التي أقفلت فيها جريدتا "Le petit Marocain " و "La Vigie Marocaine " لتحل محلهما مجموعة "ماروك سوار"، في إطار ما سمي وقتها بـ"المغربة". في ذلك الوقت كان عبد الله يعمل في "لا ديبيش" كصحافي، ومعه بدأت مساري شخصيا كصحافي رياضي مراسل من مدينة الرباط. هناك تعرفت عليه لأول مرة، بعد ذلك اكتشفت تدريجيا، وعمري حوالي 17 سنة، أن عبد الله إضافة إلى عمله كصحافي هو ناقد ومحلل، وقارئ جيد.




تابعونا على فيسبوك