تبرئة شقيقين متهمين بقتل حلاق بعد سنتين من التحقيقات

الأربعاء 26 مارس 2008 - 09:45

برأت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بآسفي، أخيرا، متهمين بارتكاب جريمة القتل، التي راح ضحيتها شاب يدعى ياسين هجامي (من مواليد سنة 1974)، بعد أن عثر عليه مقتولا أمام مجزرة تالمست إثر تهشيم وجهه بواسطة حجرة كبيرة.

واتخذت المحكمة قرارها في حق المتهمين، وهما الشقيقان (فريد.ع) و(عزيز.ع)، اللذان توبعا بتهمة "القتل العمد"، بعد سنتين من ارتكاب الجريمة، وجلسات طويلة من التحقيق، وصل فيها عدد الذين استمع إلى إفادتهم إلى ما يزيد عن 13 شخصا يقطنون بالمنطقة التي لقي بها الهالك مصرعه.

وتعود تفاصيل القضية إلى ليلة السادس من شهر يناير من العام 2006 بعد أن أخبرت سرية الدرك بتالمست بوجود جثة شاب مقتول أمام مجزرة تالمست، وبعد الانتقال إلى عين المكان، جرى التأكد من أن الأمر يتعلق بجثة ياسين هجامي، الذي يمتهن الحلاقة بالمنطقة، حيث وجدث الجثة ممدة على ظهرها وإلى جانبها بقع دم والحجر الكبير الذي ألقي أمام الجثة، كانت جميع زواياه ملطخة بالدماء. عند فحص الجثة ارتعشت فرائس المحققين للجهة اليسرى من وجه الضحية، الذي هشم عن آخره جراء الضربات المتتالية التي تعرض لها الضحية بواسطة الحجر.

وبعد نقل الجثة إلى مستودع الأموات بمدينة الصويرة، سارعت مصالح الدرك إلى فتح تحقيقات لكشف لغز الجريمة، فيما تكلف أحد المحققين بإخبار أسرة الضحية بمقتله.

كانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، حين كانت والدة الضحية تستعد للخلود إلى النوم، بعد أن أضناها الانتظار القاتل لابنها ياسين، الذي تأخر في العودة إلى المنزل منذ خروجه في ساعة مبكرة من صباح ذلك اليوم.

فوجئت الأم بطرقات حادة بباب المنزل، نهض شقيق الضحية من فراشه مفزوعا، وفتح النافذة ليعرف هوية الطارق في صمت هذا الليل الرهيب، وجد عون السلطة بالمنطقة، يطلب منه النزول للحديث معه، وسبقته والدته التي كانت تستشعر وقوع مكروه إلى فتح باب المنزل، فنقل إليهما عون السلطة الخبر الفاجعة، ورحل تاركا الأم غارقة في دموعها وصراخها حسرة على فقدان ابنها وفلذة كبدها على إثر جريمة قتل.

بعد أن هدأ الجيران الذين التفوا حول الأم وملأوا المنزل، من هول صدمتها، انتقلت في الساعات الأولى من الصباح نحو سرية الدرك الملكي، وأخبرت المحققين حول شكوكها المرتبطة بجريمة قتل ابنها ياسين، ووجهت كل اتهاماتها للشقيقين (فريد.ع) و (عزيز.ع)، المعروفين بالمنطقة، إذ لم تكن شكوك الأم المكلومة نابعة من فراغ أو سعيا منها لرسم سيناريو مجهول، بل أبرزت للمحققين أن سبب اتهامها للشقيقين بقتل ابنها هو أن هذا الأخير سبق أن أخبرها قبل شهر من وفاته، حين عاد إلى المنزل وهو في حالة نفسية مضطربة، ويتملكه التذمر، أنه دخل في شجار حاد مع الشقيقين المذكورين.

كثف المحققون من تحرياتهم، إذ لم تكن عملية فك لغز الجريمة بالأمر الهين، خاصة بعد الاستماع لعدد من المشتبه بهم، وبقيت كل الدلائل مقرونة بغياب إثباتات ملموسة حول تورط أطراف معينة في جريمة القتل، وحين ألقي القبض على المتهمين، اللذين اعتقلا بناء على شكوك أم الضحية، سارعا إلى تفنيد هذه الاتهامات، إذ أبرز المتهم (عزيز.ع) الذي سبق أن أدين بشهرين حبسا نافذا بتهمة الضرب والجرح، أنه لم يسبق أن التقى بالضحية خلال ليلة الجريمة، مضيفا أنه وبينما كان عائدا رفقة زميله سعيد من عملية جمع الحلزون التقى بشقيقه فريد وهو في حالة سكر طافح، وكانت حينها عقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل.

وأكد المتهم الثاني (فريد.ع) أنه التقى بشقيقه وزميله بمرآب المنزل وبرفقتهما ابنه، فولج منزله برفقة ابنه ولم يغادره بعدها، و هو الأمر الذي أكدته زوجته مشيرة إلى أنه مكث بالبيت ليلة ارتكاب الجريمة، وأنه كان عاديا ولم تظهر عليه علامات الارتباك أو تصرفات قد تكون مرتبطة بإقدامه على ارتكاب جريمة قتل.

أمام تضارب تصريحات الشقيقين وعدد من المشتبه بهم، الذين بلغ عددهم 13 متهما، استمع لهم من خلال محضر قانوني، كان المحققون بسرية الدرك الملكي بتالمست غير مقتنعين بما يجري ترديده عبر المحاضر المنجزة، إذ كان أمر حل لغز الجريمة يؤرقهم و يجعلهم في حيرة من أجل فك طلاسيمها.

قام المحققون بعملية تفتيش داخل منزل المتهم الثاني (فريد.ع)، لكنهم لم يعثروا على ما يفيد تورطه في القضية باستثناء تضارب تصريحات الشقيقين حول لون السترة التي كان يرتديها المتهم الثاني إبان لقائه مع شقيقه المتهم الأول وزميله قبل ولوجه إلى المنزل.
والشيء نفسه، ذهبت إليه تصريحات باقي المتهمين في القضية، إذ لم تساعد، حسب محاضر الدرك الملكي، في فك لغز الجريمة، بل ساهمت في خلق غموض جديد حول ملابسات الجريمة ومنفذها، حيث أقر أحد المتهمين ويدعى مصطفى، سبق أن أدين بثلاثة أشهر حبسا نافذا بتهمة "الاتجار في ماء الحياة" أنه ليلة الحادث، التقى بالضحية ياسين رفقة بعض الأشخاص، وكانوا يعاقرون ماء الحياة (الماحيا)، وبعد انتهاء الجلسة الخمرية، رافق الضحية ياسين أحد رفقائه ويدعى سعيد إلى وجهة مجهولة، وكانت الساعة تشير حينها إلى الحادية عشرة والربع ليلا.

استمع المحققون أيضا إلى تصريحات سعيد، لكنها لم تأت بنتيجة تذكر، بل زادت من صعوبة العثور على قرائن حقيقية تدل على مرتكب الجريمة، خاصة في غياب شهود إثبات يؤكدون بعضا من الوقائع الحقيقية للجريمة، باستثناء اتهام الأم للشقيقين فريد وعزيز، اللذين أطلق سراحهما أخيرا، ومباشرة بعد أن جرى تقديمهما أمام الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بآسفي، وصدر الحكم المرتبط بتبرئتهما، في حين ظل لغز الجريمة قائما والجاني غير معروف، فيما رحل الضحية إلى دار البقاء ورحلت معه ألغاز الجريمة ومرتكبها.




تابعونا على فيسبوك