أشاد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بالمشاركة »ذات المستوى الرفيع« في المؤتمر الدولي بلاس بالماس حول الصحراء الذي افتتحت أشغاله أول أمس الخميس .
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة وجهها إلى المشاركين في هذا المؤتمر المنظم حول موضوع (الصحراء: رؤى من أجل المستقبل) إن "المشاركة ذات المستوى الرفيع في المؤتمر تبرز بوضوح التزام حكومة جزر الكناري في نهج مقاربة جد متوازنة"في ما يتعلق بالنقاش حول قضية الصحراء .
وأضاف "إن أملي الخالص هو أن يساعد هذا المجهود في تشجيع الاطراف في التعاون بفعالية لتجاوز المأزق السياسي الحالي والتقدم نحو حل".
وأكد أن الأمم المتحدة عازمة على مواصلة البحث عن حل مقبول من قبل الأطراف بخصوص قضية الصحراء.
وأوضح عنان أنه »بالرغم من الاختلافات الحاصلة بين مواقف الطرفين، فإن الأمم المتحدة تظل ملتزمة بمواصلة البحث عن تراض« حول هذه القضية .
وأضاف عنان، الذي ذكر بالجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في هذا الصدد منذ عدة سنوات، أن مؤتمرات كمؤتمر لاس بالماس تعد مهمة في هذا الاتجاه وأنها تساعد في البحث عن حل لهذا النزاع .
ويحضر هذا المؤتمر الرؤساء السابقون لحكومات جزر الكناري والممثلون الخاصون السابقون للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء وممثلو حكومة جزر الكناري.
ويشارك في هذا اللقاء، الذي ينظمه منتدى "بجزر الكناري" بتعاون مع حكومة جزر الكناري وشركاء آخرين بهذه الجزر، خيرونيمو سافيدرا وفيرناندو فيرنانديز ولورينزو أولارت ورومان رودريغيز، وجميعهم رؤساء سابقون للحكومة المستقلة لجزر الكناري.
كما يشارك في هذا المؤتمر إيريك يانسن النائب السابق للأمين العام الأممي والممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء( 1994- 1998 ) والسفير شارل
فدنبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن، الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء( 1998 - 1999)، وآنا ثيوفيلوبولو موظفة سامية بمصلحة إفريقيا، قسم الشؤون السياسية بمنظمة الأمم المتحدة، والدكتور بيير بونط المتخصص في الأنتربولوجيا الاجتماعية بمعهد الدراسات العليا بباريس، وممثل حكومة جزر الكناري، جون داميس أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بورتلاند استيت يونيفيرسيتي، مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية بهذه الجامعة، وكارلوس رويز ميغيل أستاذ القانون الدستوري بجامعة سانتياغو دوكومبوستيلا .
ويروم هذا المؤتمر بالخصوص تقديم مساهمة محايدة لإيجاد تسوية لنزاع الصحراء وإخراج هذا الملف من المأزق الذي يوجد فيه من خلال تبادل الأفكار ووجهات النظر بين المسؤولين السياسيين بجزر الكناري وخبراء دوليين سبق أن تولوا إدارة هذا الملف
وأكد العديد من المشاركين في أشغال المؤتمر، أن المخطط المقترح من قبل المبعوث الشخصي الأسبق للأمم المتحدة في الصحراء جيمس بيكر غير قابل للتطبيق وانه حان الوقت للمساهمة بفعالية في البحث عن حل سياسي متفاوض بشأنه ومقبول من قبل الاطراف.
وأكد مجموع المشاركين في هذا المؤتمر وخاصة منهم مسؤولون سابقون في الأمم المتحدة كانوا مكلفين بملف الصحراء ورؤساء سابقون للحكومة المحلية بجزر الكناري وباحثون، أن التجربة أبانت أن أي حل لن يكون فعالا اذا لم يكن متفاوضا بشأنه ومتفقا عليه من قبل الأطراف.
واعتبر الرئيس الأسبق لحكومة جزر الكناري لورنزو أولارتي أن مخطط »بيكر منذ ظهوره لم يكن له أي حظ للتطبيق«، مبرزا أن قضية إحصاء الساكنة الصحراوية تثير مشكلا على اعتبار أن الإحصاء الذي قامت به السلطات الإسبانية سنة 1975 لم يتم استكماله أبدا
من جهته، قال الرئيس الحالي للحكومة المستقلة لجزر الكناري أدان مارتين أن منظمة الأمم المتحدة تظل الإطار المرجعي المقبول من الاطراف للبحث عن حل للنزاع، معبرا عن استعداد حكومته للمساهمة في إيجاد حل يرضى كافة الاطراف على أساس "لا غالب ولا مغلوب".
واعتبر أن حل النزاع لن يخدم فقط مصالح البلدان المعنية مباشرة بالنزاع بل أيضا سيساهم في تسهيل عملية الاندماج في بلدان المغرب العربي وضمان الاستقرار في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط .
وأكد المساعد الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة والممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء إريك يانسن أن القوى العالمية الثلاث، وهي على التوالي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإسبانيا، "من مصلحتها دعم حل سياسي للنزاع في الصحراء".
وأكد في افتتاح أشغال هذا المؤتمر الدولي، أنه نظرا لاعتبارات مختلفة، فالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا واسبانيا مدعوة إلى دعم حل سياسي متفاوض بشأنه ومتفق عليه من قبل الأطراف.
وقال الديبلوماسي الأممي الأسبق أن الولايات المتحدة الأميركية مهتمة بالسوق الشمال إفريقية ومنشغلة انشغالا كبيرا بالإرهاب وبامتداد تأثير تنظيم القاعدة إلى المنطقة .
ضاف أن فرنسا التي لها روابط تاريخية مع بلدان المنطقة وتربطها علاقات متميزة مع المغرب تدعم هي أيضا الحل السياسي للنزاع في الصحراء .
وبخصوص إسبانيا قال يانسن »لا أعتقد أن إسبانيا يمكن أن تكون لها مصلحة في دعم خيار الاستقلال في الصحراء« بالرغم من الدعم الذي يستفيد منه الانفصاليون في إسبانيا و"مشاعر الحنين" لدى البعض في المنطقة.
واعتبر الممثل الشخصي الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء( 1994- 1998) أن التغييرات التي حدثت خلال السنوات الأخيرة تؤثر على المنطقة برمتها وليس فقط على أطراف النزاع، مذكرا بأنه من بين هذه التحولات توجد العولمة الجارفة وامتداد التهديد الإرهابي وتفاقم ظاهرة الهجرة السرية.
ولاحظ يانسن أن المغرب يشهد حاليا أوراشا كبرى منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، وأن المملكة انخرطت في مسلسل الحداثة والديموقراطية و احترام حقوق الإنسان، مبرزا أن هذه الخطوات تشكل معطيات مهمة يتعين أخذها بعين الاعتبار
وأضاف أن المغرب الذي يسلك نهجا معتدلا في العالم العربي هو بلد ملتزم بمحاربة الإرهاب والهجرة السرية.
من جهة أخرى، لاحظ الموظف السامي الأممي الأسبق أن التاريخ أبان أن "الصحراويين براغماتيون" وأن الجزائر التي خرجت أخيرا من حرب أهلية ترغب في أن "تترك وراءها ماضيها الأليم".
واستعرض كل من تشارلز دونبار الممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة(
1998 - 1999 )وأنا ثيوفيلوبولو الموظفة السامية بقسم إفريقيا بقطاع الشؤون السياسية لمنظمة الأمم المتحدة مختلف المراحل التي شهدها نزاع الصحراء وأيضا مختلف المحاولات الأممية للتوصل إلى حلول فعالة وقابلة للتطبيق.
وشددا على ضرورة تشجيع المباحثات بين الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة و بدعم من قبل القوى العالمية المعنية بهذا النزاع، من أجل تسوية هذا الصراع الذي يستمر منذ أكثر من ثلاثين سنة .
وتطرق العديد من المتدخلين إلى الاقتراح المغربي الداعي إلى منح حكم ذاتي موسع تحت السيادة المغربية، معتبرين أن الأمر يتعلق بخيار يسمح للصحراويين بتدبير شؤونهم بشكل مباشر وانتخاب مؤسساتهم التمثيلية وتقييم ثروات المنطقة مع الاحتفاظ على السيادة المغربية على هذا التراب.