اختتمت يوم السبت الماضي بالرباط، فعاليات الدورة الـ12 لمهرجان "فيزا فور ميوزيك" بعد أربعة أيام من النقاشات والعروض الموسيقية، التي جمعت فنانين ومهنيين وخبراء من القارة الإفريقية وخارجها، كان أبرزها لقاء خصص لبحث سبل تعزيز حركية الفنانين وتطوير التكوين والتعاون في المجال الموسيقي بإفريقيا.
وشهد هذا اللقاء، الذي نظم من طرف شبكة“Zone Franche”، مساء الجمعة الماضي، نقاشات معمقة حول التحديات المطروحة أمام الفنانين الأفارقة، خاصة ما يتعلق بتنقلهم عبر الحدود، وإكراهات التأشيرات وتكاليف السفر، والحاجة إلى تكوينات أكثر تخصصا تستجيب لطبيعة المهن الموسيقية المتجددة، وتواكب تحولات القطاع على المستوى القاري.
وأكد المشاركون في الجلسة، التي حملت عنوان “الحركية والتكوين والتعاون: نحو مواكبة معززة للمهنيين الأفارقة في المجال الموسيقي”، أن دعم المشهد الموسيقي الإفريقي يتطلب تمكين الفنانين الصاعدين من آفاق جديدة، وتوفير بيئة مهنية تسمح بتبادل الخبرات وتطوير المشاريع المشتركة، مع التركيز على بناء مسارات مهنية مستدامة.
وفي مداخلته، أوضح سيباستيان لوسيل، المدير العام لشبكة "Zone Franche"، أن تنظيم هذا اللقاء يدخل ضمن رؤية الشبكة الهادفة إلى تعزيز هيكلة القطاع الموسيقي، عبر ورشات ولقاءات تجمع الفاعلين في الإنتاج والترويج والابتكار الفني. وأضاف أن حضور الشبكة ضمن فعاليات المهرجان يشكل مناسبة سنوية لتقوية الروابط مع أعضائها في القارة، ولتقييم التحديات المهنية المطروحة أمام العاملين في المجال الموسيقي في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها القطاع.
ومن جهته، شدد مدير الفضاء الثقافي "يارو" بالكونغو، بيير كلافر مابيارا، رفقة مدير الوكالة الفنية والثقافية "Zhu Culture" بالسنغال، لوك مايتوكو، على ضرورة وضع آليات فعالة لدعم الحركية الثقافية بالقارة، تراعي شروط السلامة والتمويل، مع معالجة التعقيدات الإدارية واللوجستية التي تعيق تنقل المهنيين. وأكدا أن التحديات لا تهم البعد الجغرافي فقط، بل تشمل أيضا الجوانب التقنية والتنظيمية المتعلقة بإدارة المشاريع الفنية.
وفي السياق نفسه، اعتبر طوني ميفي، مدير الجمعية الثقافية "Scène d’Ébène" بالكاميرون، أن تطوير التعاون الإفريقي يتطلب خلق شبكات قوية قادرة على تبادل الخبرات وتوحيد الجهود، معتبرا أن صمود المشاريع الفنية رهين ببناء شراكات مدروسة بين مختلف الفاعلين الثقافيين. كما شددت المستشارة السنغالية في الصناعات الثقافية والإبداعية، كاميل سيك، على ضرورة إعادة التفكير في مضمون التكوينات الموجهة للشباب، بما ينسجم مع تطلعات الجيل الجديد واحتياجات السوق الموسيقية الإفريقية.
وشارك في هذا اللقاء عدد من الفنانين والمهنيين والخبراء، إلى جانب ممثلي الشبكات المهنية الإفريقية والدولية، الذين دعوا إلى توسيع دائرة الحوار بين المؤسسات الثقافية وتعزيز الشراكات المستدامة، قصد دعم المواهب الشابة وفتح المجال أمامها للولوج إلى شبكات الترويج والإنتاج على المستويين الإفريقي والدولي.
وعاشت العاصمة الرباط، خلال الفترة الممتدة من 19 إلى 22 نونبر، على إيقاع الدورة الثانية عشرة من مهرجان "فيزا فور ميوزيك"، وهو موعد سنوي مرجعي للفنون الإفريقية والشرق-أوسطية، جمع أكثر من 500 فنان وألف مهني من داخل المغرب وخارجه. وركزت الدورة الحالية على الفنانين المتحدرين من البلدان الإفريقية الناطقة بالبرتغالية، المحتفلة بالذكرى الخمسين لاستقلالها، من خلال برمجة تسلط الضوء على الموسيقى الإلكترونية بنفس مغاربي وشرق-أوسطي، إلى جانب إبراز الحيوية المتجددة للساحة الفنية المغربية، وطاقات جاليتها حول العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن الدورة نظمت بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ومجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة، ومؤسسة هبة، والمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.