245 مليون درهم تعيد طرح سؤال المحاسبة في الدار البيضاء

الصحراء المغربية
الثلاثاء 07 أكتوبر 2025 - 15:55

لم تكن جلسة مجلس جماعة الدار البيضاء ليوم الثلاثاء 7 أكتوبر عادية. فوسط أجواء من الترقب، أعلنت العمدة نبيلة الرميلي أن الجماعة تمكنت من استرجاع ما يزيد عن 245 مليون درهم كانت قد خسرتها في قضايا قضائية سابقة.

الخبر في حد ذاته بدا كأنه نفس جديد في مدينة أنهكها سوء التدبير، لكن النقاش الذي تلاه كشف عن عمق الإشكال: من يتحمل مسؤولية ضياع تلك الأموال أصلا؟

أموال ضاعت... ثم عادت

العمدة الرميلي، التي تحدثت بنبرة حازمة، أوضحت أن ما تحقق لم يكن صدفة، بل ثمرة متابعة دقيقة للملفات القضائية التي تراكمت عبر سنوات.
"التجاوزات التي كانت تتم لن نسمح بها"، تقول الرميلي، قبل أن تضيف : "لقد رفعنا دعاوى النصب والاحتيال وسنقدم لاحقا مآلها".

وتشير الأرقام المقدمة خلال الدورة إلى أن القضايا التي كسبتها الجماعة سمحت باسترجاع مبالغ ضخمة توزعت بين 22 مليون درهم، و33 مليونا، و96 مليونا، و82 مليونا، إضافة إلى 10 ملايين درهم من ملف آخر.
هذه الأرقام تعكس، بحسب عدد من المستشارين، أن العمل الإداري داخل المجلس بدأ يعرف تحسنا في ضبط الملفات القانونية التي كانت تستنزف مالية المدينة.
وخلال الجلسة ذاتها، عرضت معطيات تبرز حجم التعقيدات القانونية التي تواجهها جماعة الدار البيضاء.
فعدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها يناهز:

31 قضية تتعلق بالاعتداء المادي
18 قضية حول المنازعات الضريبية
60 قضية تخص البنايات الآيلة للسقوط
65 قضية مرتبطة بحوادث السير والكراء والملكية
و50 قضية تخص تثمين الممتلكات

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل مرآة لمدينة ما زالت تبحث عن توازنها الإداري والقانوني، وسط ضغط المواطنين وتراكمات السنوات الماضية.
من داخل الجلسة، لم يمر إعلان استرجاع الأموال دون أن يثير ردود فعل قوية.
فرئيس فريق التجمع الوطني للأحرار لم يخف انزعاجه مما وصفه بـ"الفساد الذي كان مستشريا"، قائلا:
"تم إرجاع مبالغ مالية ضخمة، وبالتالي تجب محاسبة من كان وراء ذلك. لقد بدأنا في استرجاع الثقة."
من جانبه، قال عبد الغني مرحاني، عن الفريق الاستقلالي، إن استرجاع هذا المبلغ الكبير ليس بالأمر الهيّن، مضيفا بلهجة مباشرة: "هذا عمل يوقف نهب المال العام، لأن المال السايب يعلم الشفرة. اليوم يجب أن نقطع نهائيا مع زمن التسيب."

وتبدو جماعة الدار البيضاء أمام لحظة دقيقة: استعادة الثقة من جهة، وضرورة محاسبة الماضي من جهة أخرى.
فاسترجاع 245 مليون درهم قد يكون بداية لتصحيح مسار، لكنه يطرح في المقابل أسئلة مقلقة حول كيف ضاعت هذه الأموال أولا، ومن سمح بتبديدها؟
البيضاويون، الذين يعيشون يوميا مع اختناق السير، وتراجع الخدمات، وضعف الإنارة والنظافة، لن يكتفوا بسماع أخبار استرجاع الأموال.
ما ينتظرونه هو أن تترجم هذه "الانتصارات القضائية" إلى واقع ملموس ينعكس على شوارعهم ومرافقهم وحياتهم اليومية.
 




تابعونا على فيسبوك