توجت أشغال ندوة جهوية، نظمها مجلس المستشارين بشراكة مع مجلس جهة مراكش-آسفي، أمس الخميس بمراكش، بمجموعة من التوصيات، أكدت على أهمية التنزيل الجهوي للإستراتيجية الوطنية لتنمية الاستثمار الخاص، وعلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الرفع من وتيرة الاستثمار على مستوى الجهة.
ودعا المشاركون في هذه الندوة التي نظمت حول موضوع "تعزيز جاذبية الجهة بين تحديات تفعيل الاختصاصات ورهانات الالتقائية بين اللامركزية واللاتمركز"، إلى مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي للشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسهيل إبرام الشراكات وتعبئة الموارد، مع تعزيز دور الوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع ومنحها مكانة أكبر في إعداد وتنفيذ عقود البرامج.
وأوصى المشاركون، بتفعيل نظام تدبير الاستثمارات العمومية لتمكين الجهات من انتقاء المشاريع ذات الأولوية، وتوسيع نطاق هذا النظام ليشمل المؤسسات العمومية والجماعات الترابية، والعمل على تسريع وتيرة نقل الاختصاصات ذات الأولوية المتعلقة بالاستثمار إلى المصالح اللاممركزة بهدف تسهيل الإجراءات الإدارية للاستثمار وتمكين المستثمرين من إنجاز استثماراتهم في ظروف ملائمة.
وأكد المشاركون على ضرورة تشجيع الاستثمار المنتج والرفع من جاذبية المجالات الترابية من خلال اعتماد خطط تحفيز للاستثمار الجهوي ترتكز على تأهيل البنيات التحتية، وتبسيط المساطر، وتوفير معطيات مجالية دقيقة ومحينة للمستثمرين، وإرساء شراكات مبتكرة مع القطاع الخاص مع تبسيط المساطر، واعتماد منصات رقمية لتسويق المؤهلات الترابية، وتطوير منظومات معلوماتية ترابية مشتركة تمكن من التتبع والتقييم الدقيق للمشاريع التنموية.
وشددوا، في هذا الصدد، على ضرورة تنويع مصادر التمويل وتقوية الاستقلالية المالية من خلال تعزيز الموارد الذاتية للجهات عبر تحسين الجبايات وتطوير آليات تدبيرية حديثة، وتبسيط مساطر الاستفادة من الآليات التمويلية المبتكرة (الشراكات بين القطاعين العام والخاص، التمويلات الخضراء، السندات) للتخفيف من الضغط على الميزانيات الترابية، وتثمين الميزانية القائمة على البرامج والنتائج، وربط التمويلات بأهداف محددة ومؤشرات أداء قابلة للقياس والتتبع.
من جهة أخرى، أوصى المشاركون بالإسراع بجرد مختلف النصوص القانونية المتعلقة باختصاصات الجهات والقطاعات الوزارية المعنية، من أجل تحيينها وتكييفها في إطار ملاءمة تشريعية وتنظيمية شاملة، مؤكدين على ضرورة مراجعة الإطار القانوني للجماعات الترابية، لتوضيح وتدقيق الاختصاصات وإعادة توزيعها بشكل متوازن بين الدولة والجهات.
ولتحقيق الانسجام بين التدخلات القطاعية والترابية، دعت التوصيات إلى وضع آلية رقمية للتنسيق بين الدولة والجهات، بهدف ضمان الاتساق بين السياسات العمومية والتصاميم الجهوية، وخلق قيمة ترابية مضافة تحفّز الاستثمار.
وتضمنت باقي التوصيات، التأكيد على ضرورة وضع معايير واضحة لتطبيق مبدأ التدرج ومبدأ التمايز، لا سيما في المجالات ذات الارتباط المباشر بالمواطنين والمستثمرين، مع الدعوة إلى إطلاق مسار تجريبي لتفعيل الاختصاصات المشتركة والمنقولة، مع اعتماد إطار تنظيمي موحد يؤطر هذه التجربة.
وخلال هذه الندوة، التي تندرج في إطار التحضير لفعاليات الملتقى البرلماني السادس للجهات الذي دأب مجلس المستشارين على تنظيمه كل سنة، جرى بسط ومناقشة عدد من الأسئلة المهمة التي أثارها الموضوع، من أجل استشراف مداخل التغيير الأساسية على مستوى المنظومة القانونية ذات الصلة، على ضوء ما أفرزته الممارسة من إكراهات وتحديات حالت دون تحقيق الفعالية اللازمة في ممارسة الجهة لاختصاصاتها الذاتية والمشتركة، ودون بلوغ المستوى المأمول من الانسجام بين اللامركزية واللاتمركز وتحقيق الالتقائية بين الاستراتيجيات القطاعية والسياسات العمومية الترابية.
وتوزعت أشغال هذه الندوة الموضوعاتية على جلستين، همت الأولى موضوع "تعزيز الجاذبية الترابية للجهة بين تحديات ممارسة الاختصاصات ورهانات التمويل"، وتناولت الثانية "تحديات الانسجام بين اللامركزية واللاتمركز والالتقائية بين الاستراتيجيات القطاعية والسياسات العمومية الترابية".