كيف استطاع المغرب جذب استثمارات بـ 14 % من ناتجه المحلي؟

الصحراء المغربية
الأربعاء 12 فبراير 2025 - 13:08

يشهد المغرب تحولات اقتصادية كبرى تجعله يرسّخ موقعه كدولة محورية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد. بفضل موقعه الاستراتيجي عند ملتقى القارات، وتكلفته التنافسية في الإنتاج، وسياساته الطموحة في التصنيع والخدمات اللوجستية، أصبح المغرب وجهة جاذبة للاستثمارات العالمية، خاصة من الصين والولايات المتحدة، في وقت تتراجع فيه الهيمنة الأوروبية على اقتصاده.

المحلل الاقتصادي خوان باسكيس، كتب على موقع "El Orden Mundial" أنه في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية والصراع التجاري بين القوى الكبرى، يبرز المغرب كـ"دولة واصلة"، إذ يوفر بيئة استثمارية مستقرة للشركات التي تسعى إلى تفادي الحواجز الجمركية وتقليل المخاطر السياسية. هذا الدور يمنح المملكة هامش مناورة أوسع لتعزيز شراكاتها الاقتصادية، وخصوصًا مع الصين التي أصبحت من أبرز المستثمرين في القطاع الصناعي المغربي، وخاصة في صناعة السيارات.

وأضاف هذا الموقع، الذي يوجد مقره بمدريد، ويتابعه مليون متصفح على الأنترنميت، أن المغرب انضم إلى مجموعة من الدول الناشئة التي تحولت إلى محاور اقتصادية رئيسية بفضل موقعها الاستراتيجي واتفاقياتها التجارية، مثل بولندا وتركيا والمكسيك وفيتنام. ويُعزز موقعه الفريد بين أوروبا والبحر المتوسط وإفريقيا من قدرته على النفاذ إلى أسواق متعددة، مما يجعل منه بوابة حيوية للاستثمارات الدولية.

وأشار إلى أنه في عام 2023، أعلنت الرباط عن مشاريع استثمارية أجنبية تعادل 14% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو معدل يفوق بكثير نظيره في دول مثل تركيا والمكسيك، حيث لا يتجاوز 2%. وتوجه معظم هذه الاستثمارات إلى قطاع التصنيع، ما يكرّس اندماج المغرب في سلاسل الإنتاج العالمية.

 

نحو استقلال اقتصادي أوسع 

رغم أن الاتحاد الأوروبي ظل لعقود الشريك التجاري والمستثمر الأول في المغرب، فإن المملكة تسعى اليوم إلى تنويع شركائها الاقتصاديين وتقليل اعتمادها على أوروبا. فبينما كانت فرنسا تقود الاستثمارات الأوروبية في المغرب عبر شركات كبرى مثل "رينو" و"بيجو"، فإن الصين والولايات المتحدة بدأتا تقتحمان السوق المغربي بقوة، لا سيما في القطاعات التكنولوجية والصناعية.

وإسبانيا، التي تعد الشريك التجاري الأول للمغرب، تحتل المرتبة الخامسة من حيث حجم الاستثمارات المباشرة، رغم تواجد شركات كبرى مثل "إنديتكس"، التي تدير أكثر من 300 مصنع في المغرب. ومع ذلك، فإن التوجه الجديد للرباط نحو استقطاب الاستثمارات الآسيوية والأمريكية يعكس رغبتها في تحقيق مزيد من الاستقلالية الاقتصادية وتوسيع نفوذها الصناعي والتجاري عالميًا.

 

مستقبل واعد في قلب التجارة العالمية

بفضل بنيته التحتية المتطورة، مثل ميناء "طنجة المتوسط"، وسياساته الصناعية الطموحة، يستعد المغرب لتعزيز مكانته كقاعدة إنتاج عالمية وشريك رئيسي في سلاسل التوريد الدولية. ومع استمرار تدفق الاستثمارات، خاصة في قطاعات السيارات والطاقة المتجددة والصناعات التكنولوجية، يرسّخ المغرب موقعه كقوة اقتصادية ناشئة في النظام العالمي الجديد، قادرة على المنافسة والتأثير في مسار العولمة الاقتصادية.




تابعونا على فيسبوك