دراسة حديثة حول الرشوة تكشف "كبحها للتنمية وتأثير نسقها السلبي على التماسك الاجتماعي ومنظومة الاقتصاد"

الصحراء المغربية
الخميس 07 أكتوبر 2021 - 18:28

كشفت دراسة حديثة أن الرشوة في المغرب "تكبح التنمية"، ويؤثر نسقها السلبي واستمرارها على منظومة الآليات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار والتماسك الاجتماعي

وأضافت الدراسة الحديثة التي عنونت بـ "الرشوة النسقية عامل ومؤشر للتنمية السيئة"، أنجزتها منظمة "ترانسبرانسي المغرب"، أن هذه التأثيرات تؤدي إلى عدم تحفيز الفاعلين الاقتصاديين، وتحريف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلد بشكل عميق.

وجاء في تصدير الدراسة، التي ستقدم "تراسبرانسي المغرب" نتائجها في ندوة صحفية مساء اليوم الخميس بالرباط، أن استمرارية الرشوة في المغرب تثبتها عدد من المؤشرات منها مؤشر إدراك الرشوة، حيث حصل المغرب على معدل 41/100 واحتل الرتبة 86 من ضمن 186 بلد.

وأوضحت أن هذه المعطيات كانت وراء انجاز الدراسة حول "الرشوة والتنمية"، مبرزة أن السياق يتميز بالبحث عن "نموذج تنموي جديد ملائم من أجل ادراج هذه القضية المركزية في إطار النقاش انطلاقا من كون الرشوة تكبح التنمية".

وأفادت الدراسة، التي تتوفر "الصحراء المغربية" على نسخة منها أن المغرب وعلى غرار البلدان التي غدت فيها الرشوة نسقية، تعمل على "التقليص من حجم الاستثمار وتشجع وضعيات الريع وتمكن من حماية الأنشطة غير المشروعة". كما تؤدي إلى "تصاعد اختلالات الاقتصاد الوطني، ما يؤثر سلبا على حماس الفاعلين الاقتصاديين، وضعف الرغبة في الاستثمار، وتهديد التماسك الاجتماعي، ما يساهم في إضعاف التنمية في البلاد بشكل كبير".

وأجابت الدراسة عن العديد من الأسئلة التي طرحتها وتتمحور حول "المميزات الخاصة للرشوة في السياق المغربي"، حيث خلصت إلى أن "الرشوة في المغرب تتميز بالاستمرارية مع نتيجة بلغت 38.75 في المائة خلال السنوات الثمانية الأخيرة"، كاشفة أن ذلك لم يواكبه تغيير كبير، مشيرة إلى أن 53 في المائة من المغاربة المستجوبين، حسب استطلاع أجرته سنة 2019، يرون أن "مستوى الرشوة قد تزايد".

وأوردت الدراسة أن "الحكومات التي تعاقبت على كون محاربة الرشوة من الأولويات، منذ سنة 1988، ورغم ما أخذه المغرب على نفسه من التزامات دولية وإحداث هيئات وطنية لمحاربة الرشوة، إلا أن الأخيرة استمرت"، مشيرة إلى أن 74 في المائة من المواطنين المستجوبين، حسب الاستطلاع، اعتبروا أن "الحكومة تقوم بعمل سيء في مجال محاربة الرشوة".

كما اعتبرت الدراسة، التي أنجزها عدد من الخبراء الاقتصاديين المغاربة، أن "الرشوة نتاج طبيعي لنمط حكامة غير فعالة وذلك على ضوء الإفلات من العقاب وضعف تفعيل القوانين وانعدام المحاسبة والشفافية".

وأكد الخبراء أن ظاهرة الرشوة تمارس ثلاث فئات من التأثيرات على الديناميات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، تتجلى في "تشويه البنيات الإنتاجية من خلال التلاعب في رصد الموارد، والمساهمة في تكوين اقتصاد الريع وتشجيعه وتقوية الاقتصاد غير المهيكل، وحماية الأنشطة غير القانونية، فضلا عن تفكيك البينات الاقتصادية والاجتماعية بفعل تفاقم اختلال توازنات الاقتصاد الوطني من خلال عدة ممارسات منها التهرب الضريبي الذي يضيع على الدولة إيرادات مهمة".

وأكدت الدراسة أن الرشوة تؤثر على التماسك الاجتماعي وتؤدي إلى تآكله من خلال "فقدان مصداقية المؤسسات وقدرتها التنظيمية، وترجيح المصالح الخاصة على المصالح العامة وتفاقم التفاوتات الاجتماعية والمجالية".

ويقترح الخبراء ضرورة "تطبيق مبدأ المساءلة في جميع مستويات الإدارة، وتحيين النصوص القانونية والتنظيمية وتطوير الاجتهاد القضائي، ومحاربة الفساد من خلال التعليم وتبني القيم الأخلاقية، وتشجيع الشركات على المسؤولية الاجتماعية واعتماد الحكامة الجيدة".

وكعامل لمحاربة الرشوة في مجال السياسيات العمومية، أكد الخبراء على ضرورة "اعتماد الرقمنة في الإدارة وتبني المثالية من خلال ضمان المساءلة الإلزامية وترقية المسؤولين الذين يظهرون النزاهة في أداء واجباتهم".

وخلص الخبراء الاقتصاديين إلى أنه لأجل القطع مع دينامية الرشوة والسير على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فمن الضروري توفر شرطين، وهما: "اعتماد سياسة نظامية نسقية شاملة لمحاربة الرشوة والشروع في إصلاحات من شأنها أن تمكن من فك الارتباط بين الدائرة السياسية والدائرة الاقتصادية ووضع شروط فعلية لإعمال مبدأ المحاسبة والتقليص من التفاوتات الاجتماعية والمجالية".

 




تابعونا على فيسبوك