قرار اخراج قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية

يوسف علاكوش: جلالة الملك كان سباقا إلى دعوة الحكومة للتفكير في تعميم الحماية الاجتماعية قبل سنتين على الأقل

الصحراء المغربية
الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 11:06

قال يوسف علاكوش، الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم، إن "مشروع القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية لا يرتبط فقط بما أفرزته ظروف الجائحة، ولكن هو تعبير عن تبصر جلالة الملك، الذي كان سباقا إلى دعوة الحكومة للتفكير في تعميم الحماية الاجتماعية قبل سنتين على الأقل، من خلال دعوة جلالته الحكومة إلى إحداث السجل الاجتماعي الموحد من أجل تحديد معايير الاستهداف الاجتماعي، مضيفا "غير أن تأخر الحكومة في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، تزامن مع الجائحة، التي عرت واقع الهشاشة الاجتماعية، التي تعانيها فئات مجتمعية متعددة".

وأكد علاكوش، في حديث خص به "الصحراء المغربية"، أن المبادرات الملكية خلال الجائحة أبانت في ما لا يدع المجال للشك أن جلالة الملك فضل شعبه على الأوليات الاقتصادية وعلى كل الحسابات والتوازنات المالية، "وما مشروع القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي يشرف عليه جلالته لضمان الحماية الاجتماعية للطبقات الاجتماعية الأكثر تضررا إلا تأكيد قوي لقرب جلالته من المعاناة اليومية لفئات هشة لم تستطع مقاومة بطش الجائحة العالمية المباغت لقوتهم اليومي".

 

 تمت المصادقة في المجلس الوزاري، الذي ترأسه جلالة الملك على مشروع قانون يتعلق بالحماية الاجتماعية. أين تكمن أهمية هذا المشروع في الوقت الراهن؟

في البداية، لا بد من الإشارة إلى أن مشروع القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية لا يرتبط فقط بما أفرزته ظروف الجائحة، ولكن هو تعبير عن تبصر جلالة الملك، الذي كان سباقا إلى دعوة الحكومة للتفكير في تعميم الحماية الاجتماعية قبل سنتين على الأقل، من خلال دعوة جلالته الحكومة إلى إحداث السجل الاجتماعي الموحد من أجل تحديد معايير الاستهداف الاجتماعي، غير أن تأخر الحكومة في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، تزامن مع الجائحة، التي عرت واقع الهشاشة الاجتماعية، التي تعانيها فئات مجتمعية متعددة، ويتعلق الأمر بمجموع الفئات الهشة التي تحددها أرضيات الحماية الاجتماعية المشار إليها ضمن معايير منظمة العمل الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا، والتي أكدت عليها أيضا، الآراء الاستشارية الصادرة عن مجموعة من الهيئات الدستورية من قبيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه آن الأوان للقطع مع المقاربة الإحسانية للتعاطي مع فئة الأشخاص في وضعية إعاقة، من خلال شمولهم بالحماية الاجتماعية بمقتضى القانون، فعلا آن الأوان لتعميم التغطية الصحية والتغطية الاجتماعية لعموم المواطنين خاصة المسنين والطلبة، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل. إن المبادرات الملكية خلال الجائحة أبانت في ما لا يدع المجال للشك أن جلالة الملك فضل شعبه على الأوليات الاقتصادية، فضل شعبه على كل الحسابات والتوازنات المالية، وما مشروع القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية ،الذي يشرف عليه جلالته لضمان الحماية الاجتماعية للطبقات الاجتماعية الأكثر تضررا إلا تأكيد قوي لقرب جلالته من المعاناة اليومية لفئات هشة لم تستطع مقاومة بطش الجائحة العالمية المباغت لقوتهم اليومي. فعلا حالت كرامة وعزة وتعفف المواطن المغربي وقناعاته الإيمانية من إظهار الصورة اليومية بوضوح، لكن خلال أيام الحجر الصحي الأولى برزت تعبيرات عفوية أو مؤطرة على مواقع التواصل الاجتماعي تجسد حجم الضرر والمعاناة لفئات اجتماعية تستوجب الحماية، ونسجل في السياق نفسه فشل الحكومة حتى في إحصاء وضبط غير المسجلين بنظام التغطية الاجتماعية أو غير المصرحين بالضمان الاجتماعي بمبرر تنامي الاقتصاد غير المهيكل. ويمكن القول إن المشروع أتى ليس لتعزيز الحماية الاجتماعية فحسب، بل لنشر الطمأنينة، وإعادة روح التضامن بين مكونات الشعب المغربي قبل أن تتحول إلى تنافر وعداء طبقي من جراء اتساع رقعة الهشاشة لا سيما مع فشل الاستهداف بكل المشاريع الحكومية ذات النفس الحزبي والمرهونة بالزمن السياسي الانتخابي، إنها التفاتة ملكية تثبت بحق التحام العرش بالشعب، ولكنها تعري أيضا، التدبير الحكومي الهش أمام الأزمات.

أبانت فترة الحجر الصحي عن وجود فئة هشة تم تخصيص دعم لها لتجاوز تداعيات الأزمة. ما هو أثر الحماية الاجتماعية على هذه الفئة في مثل هذه الظرفية؟

 أبانت الجائحة، التي داهمت الاقتصاد العالمي، ولم يسلم منها بالطبع الاقتصاد الوطني، فئات اجتماعية عريضة كانت في مواجهة مباشرة مع آثار الأزمة الاقتصادية للجائحة، توقف مصدر قوتها اليومي ولم تعد تقوى على مجابهة تكاليف الحياة، وتوفير حاجاتها الأساسية اليومية، ولولا الدعم بمبادرة ملكية شجاعة، وبحس وطني عال تم استهداف الفئات الأكثر تضررا، طبعا في غياب السجل الاجتماعي الموحد، وفي ارتباك تام للتدبير الحكومي، الذي اكتفى بحملات تحسيس وتتبع أرقام الإصابات، وضعف كبير في مواجهة الأزمات وتدبيرها، وأتى القانون الإطار من أجل استدامة التنمية الاجتماعية عبر بوابة الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتعويضات العائلية، ويكفي أن أزيد من 60 في المائة من السكان لا يتوفرون على نظام للتقاعد، وما يمكن رصده أيضا، إشارات ملكية قوية عبر تعيين جديد على رأس مؤسسة الضمان الاجتماعي هو تعبير عن انشغال جلالته بإشكاليات الحكامة الجيدة في تسيير مؤسسات الحماية الاجتماعية. فالانخراط في مؤسساتها أو التوفر على بطاقة انخراط لا يضمن الاستفادة من الخدمة والشاهد على ذلك أن التوفر على بطاقة الرميد لا يخول الاستفادة من الخدمات الطبية والولوج لمختلف الخدمات العلاجية.

في اعتقادكم كيف يمكن ربح رهان هذا المشروع المجتمعي مستقبلا. خاصة أنه حددت مدة زمنية لتفعيله على أرض الواقع؟

طبعا، هو رهان وطني لا ينفصل عن الانشغال الملكي بالنموذج التنموي الجديد وتحقيق الإقلاع الاقتصادي الوطني الشامل، لكن تظل الأرضية الصلبة في تقديري لإرسائه على دعائم قوية من أجل أجرأته في آجاله المحددة هي أرضية الحكامة التدبيرية، فمتى كانت متينة حقق القانون أهدافه الاجتماعية التي هي عمق المطالب الاجتماعية للحركة النقابية والسياسية وكل مكونات المجتمع المدني، وتحقيقه على أرض الواقع هو مسؤولية الجميع وسائل إعلام، أحزاب، نقابات، جمعيات، ولا تساهل في تأخير إنجاز حلم ورهان مجتمعي يعيد التمازج بين مكونات الأمة المغربية ويحقق الرؤية المتبصرة لجلالة الملك وإرادته في اصطفاف المملكة المغربية في مصاف الدول الصاعدة، وتحقيق الرخاء الاقتصادي والأمن الاجتماعي، وتوفير أسباب استدامة التنمية بوطننا في زمن التحديات الكبرى. يجب الاستفادة من زمن الارتجال والمبررات، وتجاوز مرحلة غياب التنسيق وتعدد المتدخلين، واستثمار القانون الإطار من أجل تكريس حق من حقوق الإنسان، وهي الحماية الاجتماعية، ومسؤولية الرقابة تبدأ بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجاوز الحزبية ذات الرؤية الضيقة إلى الرؤية السديدة، التي ترسمها المشاريع الملكية الهادفة لبناء تعاقدات مجتمعية متينة تعلن عن نموذج تنموي وطني جديد يحقق الوصول إلى مجتمع العلم والمعرفة، وتحقيق أسباب العيش الكريم، ويقطع مع استفحال الريع لصالح توزيع الموارد، وينهي المقاربة الإحسانية مع ضمان تغطية حمائية صحية واجتماعية شاملة لكل فئات الشعب المغربي، ويعزز من قوته التضامنية.




تابعونا على فيسبوك