شكل عرض فيلم "انهض يا مغرب" لمخرجته نرجس النجار، في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي الدولي، الذي أسدل ستاره الأسبوع المنصرم، إلى جانب 14 عملا من مدارس سينمائية عالمية، نقاشا واسعا بين المهتمين بالمجال، لضعف مستواه السينمائي، وقصته غير المرتبة.
حاولت نرجس النجار من خلال عملها الجديد،الذي حاول سرد قصة لاعب كرة قدم سابق، يقطن في جزيرة صغيرة "سيدي عبد الرحمان" بالقرب من الدار البيضاء، رفقة حفيدته التي تبناها، وحلم المغاربة المتمثل في نيل شرف تنظيم كأس العالم 2010 الذي منح تنظيمه إلى جنوب إفريقيا.
جميل أن يحاول المبدع نسج خياله وزخرفة قصص، بألوان تشد المتتبع إليها، بأحلام ربما قد تبدو بعيدة، جاء هذا على لسان أحد النقاد الذين تابعوا عن كثب فعاليات مهرجان مراكش السينمائي المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، منتقدا ليس تقديم وتصوير المغرب على أنه أرض للشعوذة والدعارة، والتطرف الديني.
اقتصرت مخرجة"عيون جافة" وصاحبة العمل الجديد"انهض يا مغرب" الذي يخدش حياء المغاربة، حسب ما جاءت به مشاهد الفيلم، الذي تقارب مدته الساعتان، في كشف نموذج من النساء المغربيات، الممتهنات للشعوذة والدعارة، من أجل كسب القوت اليومي أو تلبية رغبة الآخر.
بل الأمر الأكثر غرابة لدى نرجس النجار، المخرجة المغربية، إضافتها لسجدتين في الصلاة، في مشهد زائد بلا جماليات فنية، الشيء الذي لم يكن في الحسبان.
جل من شاهد الفيلم، الذي سبقته بهرجة قبل عرضه، بأنه فيلم متميز، خجلوا كثيرا من مستواه الضعيف، الذي قيل فيما قبل قد يتنافس على إحدى جوائز مهرجان مراكش، التي تربع على عرشها هذه السنة الألمان بمنح فيلم "الببغاء الأحمر" للمخرج دومنيك كرياف، جائزتين من أصل أربع جوائز، النجمة الذهبية التي تقدم لأفضل عمل متكامل وجائزة أحسن دور رجالي للممثل ماكس ريمالت.
ربما الشعور نفسه أي الخجل الذي شعر به جل من شاهد فيلم »انهض يا مغرب« انتاب مخرجته التي فضلت عدم الحضور، إلى الحفل الختامي للتظاهرة، مفضلة العودة بخفي حنين، إلى مدينة الدار البيضاء، نابع حسب ما علق أحد الظرفاء إلى يقينها من رداءة فيلمها الذي انهالت عليه الصحف الوطنية بوابل من الانتقادات.
هذا ربما ما لم يرق إعجاب المخرجة، المغربية ذات الصنع الفرنسي، التي فضلت الانصراف بشرف، دون أن ينتابها القلق لحظة الإعلان عن الفائزين، من طرف لجنة تحكيم ترأسها اسم وازن يدعى رومان بولانسكي، وإمام عدسات كاميرا المصورين لمختلف القنوات الدولية.
طبعا ما جاء في جل الصحف الوطنية، في حق الفيلم، اعتبره المهتمون وخاصة بعض زملاء نرجس النجار أي المخرجين، بمثابة نقد بناء، الذي من خلاله سيراجع المرء مستواه الفكري والإبداعي، قبل التفكير أو الشروع على إنجاز مشروع سينمائي وخاصة أنه موجه للجمهور.
بمجرد مشاهدة أطوار الفيلم، يحس المشاهد برغبة في الاقتلاع، عن المتابعة، لكن الرغبة في الاطلاع على ما وصلت إليه السينما المغربية، قد يشد البعض، ويجعله يتحسر لما هو مقدم، في ظل حرص الجمهور على الجودة في السنوات الأخيرة، للتأثر بمشاهدة الإبداع الحقيقي المعروض في أقراص مدمجة على أرصفة الشوارع المغربية التي لا يتعدى ثمنها عشرة دراهم.
حسب بعض النقاد لم تتوفق نرجس النجار في البناء الدرامي لقصة الفيلم، وجعلت من بطل القصة لاعب كرة قدم، ضمن تشكيلة المنتخب المغربي، الذي يحاول الثأر من جنوب إفريقيا في نهائيات كأس العالم 2010 في العاصمة جوهنسبورغ، بحقيقة الفوز ونيل كأس العالم الذي لا يزال بعيد المنال.
هذا التصور الغريب لنرجس النجار، أعاد ذاكرة المشاهد، إلى الأفلام الكارتونية، التي ظل بطلها شخصية »الكابتن الماجد« كما أحبها الأطفال الصغار في وقت سابق والذي عود جميع محبيه على الانتصار وتحقيق الفوز بأهداف حاسمة يسجلها في الأوقات الحاسمة في المباريات ضد الخصم المنافس.
نفس الشكل والطريقة جاءت في أجزاء فيلم »انهض يا مغرب«، الذي صور حتى وإن لم يستطع التصور، أن المنتخب المغربي لكرة القدم قد يهزم أعرق وأقوى المنتخبات منها الألمان والبرازيل والأرجنتين، في منافسات كأس العالم 2010، على طريقة الأفلام الكرتونية .
سيناريو فيلم "انهض يا مغرب"لم يكن متماسكا بين أجزائه، ما بسط على العمل شكل الارتجال، الذي لم يكن ينتظر من مخرجة، ظلت متأثرة بالسينما العالمية، وخاصة الإيرانية على حد تعبيرها في الندوة التي تلت فيلمها، والتي حاولت تجسيدها في فيلمها الأول "عيون جافة"، ولم توفق في توظيفها في الفيلم الجديد.
أما كاستينغ العمل لم يكن موفقا بشهادة بعض النقاد الذين تحدثت إليهم »المغربية« مائة في المائة، باستثناء الممثل حسن الصقلي، والطفلة فاطمة الإبراهيمي، والممثلة راوية لأن من شخصيات الفيلم أفراد ظهروا مرتبكين أمام الكاميرا التي ظلت من ورائها نرجس طيلة مدة التصوير .
يبدو أن مهرجان مراكش السينمائي الدولي في نسخته السادسة، كان فرصة حقيقية لكشف واقع والآفاق السينما المغربية، مقارنة مع الأعمال الأجنبية، التي تمثل مختلف التوجهات والأفاق السينمائية العالمية، والتي يجمع أصحابها على إظهار بلدانهم أنها مهد للسلم والحب والتعايش، دون كشف الأشياء السلبية.
وحسب ما أجمع عليه المشاركون في المهرجان، أن النقد الموجه للسينمائيين المغاربة، يعود إلى الحب والتعلق بالصناعة السينمائية الوطنية، لأن المجاملة وتقبل جميع الانتاجات دون إخضاعها لنقاش، لن يساهم بأي شكل في تطوير مستوى السينما المغربية، التي تسعى إلى الوصول إلى ركب الدول المتقدمة سينمائيا.