كشفت حصيلة الكشف المبكر عن داء فقدان المناعة المكتسب بجهة الدارالبيضاء سطات، بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية، عن تسجيل 174 حالة إيجابية جديدة خلال سنة 2024، بعد اجراء 142700 فحص مبكر، مقابل تسجيل 136 حالة خلال سنة 2023، و52 حالة فقط خلال سنة 2022.
واستعرضت هذه المعطيات خلال اللقاء الذي نظمته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدارالبيضاء وجمعية محاربة السيدا فرع الدارالبيضاء، تحت شعار "جميعا من أجل جهة بدون عنف، بدون سيدا"، اليوم الأربعاء.
وفي هذا الصدد، قالت السعيدة وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدارالبيضاء سطات، إن "العنف الجسدي أو النفسي أو الرقمي يدفع ضحيته إلى الهامش وإلى الخوف من مواجهة المجتمع، بنفس الشكل الذي يدفع الوصم والتمييز باعتبارهما عنفا رمزيا ضد الأشخاص المتعايشين مع فيروس داء المناعة المكتسب إلى التكتم على حالتهم الصحية، وبالتالي حرمانهم من الحق في الرعاية الصحية والدعم النفسي الذي يستحقونه".
وأكدت في كلمتها التقديمية لهذا اللقاء، الذي ينظم في إطار الحملة الأممية 16 يوما لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، أن "ربط موضوع مناهضة العنف بكل أشكاله ضد النساء والفتيات بموضوع الصحة الجنسية عموما، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية "السيدا" على الخصوص، ليس مجرد تلازم موضوعات، بل هو التزام بقيم إنسانية وأخلاقية شاملة حيث الكرامة، والحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في العيش دون وصم، تتقاطع وتتداخل".
ولفتت رئيسة اللجنة إلى أن المجلس قام بتعيين نقاط ارتكاز جهوية، حيث خضعت الأطر المعينة لدورات تدريبية خاصة بموضوع السيدا وحقوق الإنسان لتمكينهم من معالجة الشكايات والملفات ذات الصلة وفق المتطلبات المهنية والأخلاقية الضرورية الخاصة بهذه الفئة الهشة. كما عرجت المتحدثة على الحملة السنوية، التي أطلقها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية هذه السنة، بشعار "العنف الرقمي ضد النساء والفتيات: جائحة صامتة تهدد المجتمع"، مبرزة أن واقع الحملة كشف معطيات صادمة، تمثلت في الإعلان عن أن أكثر من 1.5 مليون امرأة في المغرب تعرضن للعنف الرقمي، الذي يبقى "جائحة صامتة" لصعوبة قياس حجمه.
واعتبرت أن اللقاء يشكل فرصة لوضع رؤية متكاملة ومجسدة على أرض الواقع تجمع بين مناهضة العنف بشتى أنواعه ومحاربة الوصم المرتبط بالسيدا من خلال التوعية والتحسيس الحقوقي والصحي، ودعم وحماية الضحايا، وتعزيز الشراكة والتنسيق.
وبالعودة إلى الأرقام، قالت الدكتورة فاطمة غوان، إطار بالمديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة الدارالبيضاء سطات، في مداخلتها، إن الارتفاع في حصيلة الحالات الإيجابية بداء فقدان المناعة المكتسب على مدى الثلاث سنوات المذكورة بالجهة، راجع لكون الجهة كباقي جهات المغرب كانت في فترة الخروج من الجائحة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا "كوفيد 19"، وحداثة البرامج التي جرى العمل بها للقيام بهذه التحاليل المبكرة وقتها.
وبخصوص الفئات التي كانت مستهدفة بهذا الكشف المبكر، فتوزعت ما بين النساء الحوامل، والمهاجرين، والأشخاص المصابين بأمراض جنسية نشطة، ونزلاء المؤسسات السجنية، وعاملات الجنس، والرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال، والأشخاص المدمنون على المخدرات بالحقن، ومرضى داء السل، وشركاء الحالات الإيجابية، والأشخاص ذوي الأعراض المرضية المرتبطة بداء فقدان المناعة المكتسب، وزبائن عاملات وممكنات الجنس، وعامة النساء وعامة الرجال.
وبخصوص الحالات المتبعة والمتكفل بها داخل المؤسسات الصحية التابعة للجهة، فقد وصلت إلى 274 حالة جديدة بمجموع 4177 حالة خلال سنة 2024، حيث احتل المركز الاستشفائي ابن رشد بالدارالبيضاء، المرتبة الأولى بمجموع الحالات الجديدة المسجلة بـ 196 حالة ليصل مجموع الحالات المتتبعة والمتكفل بهم حديثا 3800، وبالمركز الاستشفائي عبد الرحيم الهاروشي 9 حالات جديدة بمجموع 218، وبالمركز المرجعي للتكفل بمرضى داء فقدان المناعة المكتسب (مولاي يوسف) 30 حالة جديدة بمجموع 120 حالة، وبالمركز المرجعي للتكفل بمرضى داء فقدان المناعة المكتسب (الجديدة) بمجموع 34 حالة، ثم المركز المرجعي للتكفل بمرضى داء فقدان المناعة المكتسب (سطات) بمجموع 5 حالات.
من جانبها، قالت رئيسة فرع جمعية محاربة السيدا بالدارالبيضاء، إن اللقاء يأتي انسجاما مع ميثاق "مدينة بدون السيدا"، الذي وقعته مدينة الدارالبيضاء، والذي يعد إطارا مرجعيا قويا يجسد إرادة سياسية واضحة للحد من الإصابات الجديدة، وتعزيز الوقاية، وتحسين الولوج إلى العلاج، والذي تعمل الجمعية على تحويله إلى فعل ميداني ملموس لتغيير حياة الناس خاصة الفئات الأكثر هشاشة.
وأكدت أنه بفضل التقدم العلمي والعلاجات المتطورة، لم تعد السيدا مرضا قاتلا، بل مرضا مزمنا قابلا للتعايش، شرط الولوج المبكر والمستمر للعلاج، مشيرة إلى أن الجمعية تعتمد مقاربة الوقاية المركبة التي تبقى وحدها غير كافية أمام وجود عراقيل بنيوية وقانونية واجتماعية، أبرزها "ضعف الولوج إلى الخدمات الصحية بالنسبة للفئات الأكثر عرضة،
واستمرار الوصم والتمييز، خاصة ضد النساء والشباب والمهاجرين، ومحدودية الآليات القانونية لحماية الحقوق، والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يضاعف الهشاشة ويقلل فرص الوقاية والعلاج، وغياب التنسيق البَيْنِي الكافي بين الفاعلين.
وشددت، في ختام كلمتها على أن القضاء على السيدا لن يتحقق دون القضاء على العنف، ودون خلق فضاء يحترم الحقوق ويضمن الأمان والكرامة لكل النساء والفتيات، ولكل الفئات التي تعاني من الهشاشة والإقصاء.