قال عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، إن "قطاع الصناعة الكيميائية وشبه الكيميائية يعرف دينامية استثنائية: +23.3% نمو سنة 2024، وأكثر من 51% من رقم المعاملات موجه للتصدير. هذه النتائج تؤكد دوره المحوري في تعزيز التنافسية والانفتاح الدولي لاقتصادنا الوطني".
ولفت الوزير بمناسبة انعقاد الورشة الحادية والعشرين للفدرالية المغربية للصناعة الكيميائية وشبه الكيميائية، أول أمس الخميس بالدارالبيضاء، حول موضوع "التنمية المستدامة في خدمة صادرات الصناعة الكيميائية الوطنية"، "إن الاندماج في الأسواق العالمية يفرض على المقاولات تعزيز تنافسيتها، تحسين نجاعة الطاقة، تسريع إزالة الكربون، والالتزام بالمعايير البيئية. ويحدد العقد-البرنامج الموقع مع الفدرالية أهدافا طموحة أفق 2027: +30% في رقم معاملات التصدير، إضافة 4 مصدرين جدد سنويا، والتوجه نحو أسواق كينيا، إثيوبيا، تنزانيا والشرق الأوسط. وأؤكد أن كتابة الدولة ستظل إلى جانب الفدرالية لدعم جهود الاستكشاف والترويج في الأسواق الدولية، خاصة في إفريقيا".
ويأتي هذا الحدث في إطار استمرارية المبادرات التي تقوم بها الفدرالية، بهدف تعزيز تنافسية القطاع الكيميائي الوطني، مع إدماج المتطلبات المتزايدة للتنمية المستدامة ضمن الاستراتيجيات الصناعية واستراتيجيات الانفتاح على الأسواق الدولية.
وبفضل نجاح الدورات السابقة، جمع هذا اللقاء الفاعلين الرئيسيين في سلسلة قيمة الصناعة الكيميائية، إضافة إلى ممثلين عن القطاعات الحكومية وخبراء وفاعلين اقتصاديين منخرطين في مسار الانتقال نحو صناعة أكثر استدامة.
وقد تميزت الجلسة الافتتاحية بمداخلات كل من عابد شكار، رئيس الفدرالية المغربية للصناعة الكيميائية وشبه الكيميائية، وعمر حجيرة كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، ومحمد أوحمد الكاتب العام لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومهدي التازي، نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وحسن السنتيسي رئيس الجمعية المغربية للمصدرين ASMEX.
وأكد عابد شكار، رئيس الفدرالية، في كلمته الافتتاحية قائلا "يضم قطاعنا 1600 مقاولة، ويحقق رقم معاملات موحد يبلغ 182 مليار درهم، ويوفر أكثر من 80 ألف منصب شغل قار ومؤهل. وقد أكد خلال سنة 2024 مكانته كأول مستثمر صناعي في المملكة بأكثر من 48 مليار درهم، كما بلغ حجم صادراته 95 مليار درهم، أي 23% من الصادرات الصناعية المغربية".
التنمية المستدامة والانتقال الطاقي
وقد تجسدت السياسة الوطنية في مجال التنمية المستدامة عبر عدة برامج هيكلية، خصوصا في مجالات تطوير الطاقات المتجددة، تعزيز استعمالاتها، النجاعة الطاقية، الاندماج الإقليمي، وإرساء سلسلة خاصة بالهيدروجين الأخضر. وصرح محمد أوحمد، الكاتب العام لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، قائلا " تتوفر المملكة اليوم على قدرة تشغيلية تناهز 5,6 جيغاواط، أي نحو 46% من القدرة الكهربائية الوطنية الإجمالية. كما أصدر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تعليماته السامية للإسراع في وتيرة الانتقال الطاقي، بالاعتماد على الخبرة التي راكمتها المؤسسات العمومية والقطاع الخاص. وفي هذا الإطار، يعتزم المغرب تطوير 15 جيغاواط إضافية في أفق 2030، 80% منها من مصادر متجددة. ويتطلب ذلك استثمارا يناهز 120 مليار درهم، من بينها 100 مليار موجهة للطاقات المتجددة، دون احتساب مشاريع الهيدروجين الأخضر".
وفي ظل تحولات عميقة يشهدها الاقتصاد العالمي، تتطور متطلبات الأسواق والشركاء الدوليين بسرعة. وأصبحت المقاولات مطالَبة بإدماج الاستدامة في صميم اختياراتها الاستراتيجية لضمان تنافسيتها، والاستجابة للمعايير الجديدة التي تعيد تشكيل الصناعة.
وقال حسن السنتيسي، رئيس الجمعية المغربية للمصدرين "نحن نعيش مرحلة تحول جذري: الأسواق أصبحت أكثر ذكاء وحساسية للأثر البيئي، وأكثر انتقائية في التزود. التطلعات اليوم تتركز على الأداء الطاقي، تقليص البصمة الكربونية، شفافية العمليات، وجودة المواد الأولية. سلاسل اللوجستيك تعيد تنظيم نفسها، المستهلكون يتغيرون، والتكنولوجيا تعيد صياغة المعايير. في هذا السياق، لم تعد الاستدامة خيارا، بل أصبحت عاملاً أساسياً للتنافسية وشرطاً حاسماً للولوج إلى الأسواق. 70% من كبريات الشركات باتت تجعل الاستدامة محور اتخاذ القرار، فيما تسجل القطاعات المرتبطة بالمواد الخضراء، التكنولوجيا النظيفة، والاقتصاد الدائري نمواً مهما".
وقد شهدت الورشة تنظيم مائدتين مستديرتين، الأولى خصصت لإدماج التنمية المستدامة في استراتيجيات تصدير المنتجات الكيميائية، واستكشاف روافع التنافسية والامتثال البيئي الدولي، والثانية تناولت الابتكار والأسواق الجديدة، مع إبراز الفرص التي توفرها الأبحاث، التقنيات الخضراء، ونماذج الأعمال المستحدثة.
وأفضت هذه النقاشات إلى توصيات عملية لدعم المقاولات المغربية في تبني ممارسات مستدامة، تماشياً مع الاستراتيجيات الوطنية للانتقال الطاقي والاقتصاد الأخضر. وكان الهدف من هذه الورشة تزويد الصناعيين المغاربة بالأدوات العملية اللازمة للحفاظ على تنافسيتهم في عالم أصبحت فيه الاستدامة شرطاً أساسيا للولوج إلى الأسواق. وأكد عابد شكار قائلا "إن الأسواق الدولية، وخاصة أوروبا باعتبارها وجهتنا التصديرية الأولى، تفرض معايير صارمة: معايير بيئية مشددة، التتبع، البصمة الكربونية، الاقتصاد الدائري، والابتكار الأخضر. المقاولات التي لن تتكيف ستُقصى من سلاسل القيمة الموجهة للتصدير".
ومن خلال هذه النسخة الحادية والعشرين، جددت الفدرالية التزامها بجعل الاستدامة رافعة للتنافسية والتصدير، عبر تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ودعم الابتكار كمحرك للنمو.