أثار إقدام مواطن يدعى محمد "ش" على صعود عمود كهربائي ذي ضغط مرتفع بتراب مقاطعة المنارة بمراكش، وتحويله إلى اعتصام منيع مع التلويح بركوب قطار التصعيد غير محسوب العواقب في حال تسجيل أية محاولة للاقتحام، الكثير من ردود الأفعال المتباينة في أوساط الرأي العام الوطني والمحلي، في الوقت الذي فضلت السلطات المحلية والمصالح الأمنية متابعة الوضع دون الإقدام على أية خطوة من شأنها أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
وعلى مدى خمسة أيام، ظل الرأي العام المراكشي يتابع مشهد المواطن المحتج بمختلف علامات التعجب والاستغراب المشوبة بالكثير من التعاطف، خاصة بعد أن استطاع المعني بالأمر قضاء عدة أيام وليالي بين ثنايا القضبان الحديدية للعمود الكهربائي، مطالبا بالعدالة والإنصاف، وملخصا قضيته في ظلم جائر طوقه بمعية أبنائه القاصرون، وانتهى بحرمانه من شقة سكنية دفع ثمنها بالغالي والنفيس، قبل أن تتلقفه أيادي التطاول وتعمل على تهديده بالتشرد والضياع، وبالتالي اعتبر الموت أهون من التشرد والضياع، ووضع جميع الجهات أمام معادلة الإنصاف وإرجاع الحق المهضوم.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصحراء المغربية"، فإن فصول القضية، التي استأثرت باهتمام الرأي العام المحلي والوطني، تعود إلى 10 يونيو 2024، عندما تقدمت مواطنة عبر دفاعها بدعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية بمراكش، مختصرة قضيتها في وقائع مثيرة بطلتها موثقة موجودة رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي الأوداية.
وأكدت المشتكية أنها اتفقت مع المعني بالأمر، الذي سيتحول إلى متحصن بالعمود الكهربائي، على بيعه العقار المسمى حليم 5 ذي الرسم العقاري عدد221271ـ04، المتواجد بالنفوذ الترابي لعمالة مراكش، وبالضبط مقاطعة المنارة أسكجور حي المسيرة 2 قطعة 603 بمقتضى عقد محرر من طرف موثقة.
وتضيف المشتكية أنها لم تتوصل بثمن البيع والمبلغ المتفق عليه، ما يجعل الأمر إخلالا صريحا ويضعها كطرف بائع خارج أي التزام، وبالتالي التماس فسخ عقد البيع، والذي بقي خارج تغطية توقيع الموثقة، ما يجعله مجرد ورقة عرفية لا تكتسي طابع الرسمية، حيث أرفقت المشتكية مقالها بشهادة الملكية وصورة العقد العرفي الذي لا يحمل أي توقيع خاص بالموثقة.
وبتاريخ 9 دجنبر 2024، أصدرت هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية بمراكش حكمها في ملف القضية الذي يحمل رقم 2680/1202ـ2024، والقاضي ببطلان العقد العرفي المحرر من طرف الموثقة مليكة (س)، وإرجاع الوضع إلى ما كان عليه، خصوصا بعدما عمد المشتري إلى احتلال العقار مباشرة بعد علمه باعتقال الموثقة، مع سلوكه مسطرة الاستئناف.
ويتضح من خلال ما سبق، أن مشكلة معتصم العمود الكهربائي مع الموثقة التي أودعها ثمن اقتناء العقار وكذا واجبات التحفيظ والتسجيل، دون أن تعمل على القيام بواجبها المهني وأداء الأمانة كما يقتضيه الأمر، واكتفت بلهف أمواله وأموال العديد من الضحايا بالباطل، ما قادها إلى السجن المحلي الأوداية، في انتظار صدور حكم بإدانتها طبقا لفصول المتابعة بعد مؤاخذتها من أجل التهم المنسوبة إليها، وبالتالي فإن المواطن ضحية الموثقة، قادته فورة الشعور بالظلم والإحساس بالحكرة إلى تسلق العمود الكهربائي واتخاذه معتصما وملاذا، مطالبا إنصافه وتعويضه عما لحقه من أكل أمواله ومدخراته من الجهات المسؤولة.