حسنة كجي: الانتصار الدبلوماسي الأخير دفعة قوية لصقل الوعي الوطني بالمؤسسـات الجامعية

الصحراء المغربية
الجمعة 14 نونبر 2025 - 14:49

في إطار الأنشطة الأكاديمية والثقافية التي تنظمها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، احتضنت الكلية، الأربعاء، لقاء متميزا مع الدكتورة حسنة كجي، عميدة الكلية، وذلك لتسليط الضوء على مجموعة من القضايا الوطنية الراهنة، وفي مقدمتها الانتصار الدبلوماسي المغربي الأخير عبر القرار الأممي رقم 2797، بالإضافة إلى دور الجامعة في ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الوعي السياسي والقانوني لدى الطلبة.

شكل هذا اللقاء فرصة فريدة للطلبة والأساتذة على حد سواء للتفاعل مع العميدة والمتدخلين حول مختلف الأبعاد الأكاديمية والسياسية والبحثية للقضايا الوطنية، بدءا من قراءة الانتصار الدبلوماسي الأخير، وصولا إلى دور الجامعة في المشاركة في المحافل الدولية والدبلوماسية المواطنة.

 

● تنظـــم الكلية هذا الحــــدث الوطني احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء والانتصار الدبلوماسي المغربي الأخير، ما الرسالة التي ترغبون في إيصالها من خلال هذه التظاهرة إلى طلبة الكلية وجيل الشباب بصفة عامة؟

 

يأتي هذا الاحتفال في إطار ترسيخ الوعي التاريخي والوطني لدى الطلبة، وربط الأجيال الجديدة بصفحات مشرقة من تاريخ الوطن المجيد، فالمسيرة الخضراء ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي مدرسة في الوطنية والوحدة والتلاحم بين العرش والشعب، ورسالة مستمرة تؤكد أن الدفاع عن القضايا الوطنية العادلة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية يتطلب وعيا وإيمانا ومساهمة فكرية وعلمية من مختلف الفاعلين وفي مقدمتهم الجامعة.

ومن خلال هذه التظاهرة نروم غرس قيم الانتماء والالتزام الوطني وتحفيز الطلبة على استلهام روح المسيرة في حياتهم العلمية والمهنية، حتى يظلوا سفراء لقيم المواطنة المسؤولة أينما كانوا.

 

● عرف البرنامج تنوعا بين الفقرات العلمية والثقافية والفنية كيف تساهم مثل هذه الأنشطة الجامعية في ترسيخ قيم المواطنة وتعزيز الوعي الوطني داخل الحرم الجامعي؟

تسعى كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات من خلال هذا النوع من الأنشطة المندمجة إلى تجاوز حدود التلقين الأكاديمي الضيق، نحو تكوين الطالب تكوينا متكاملا يجمع بين المعرفة القانونية والسياسية والوعي المجتمعي والالتزام الوطني.
فالجامعة ليست فضاء للمعرفة فحسب، بل هي أيضا مؤسسة لتكوين المواطن الواعي والمسؤول، ومن خلال الفقرات الثقافية والفنية والعلمية نكرس قيم الحوار والانفتاح والتعدد، ونرسخ لدى الطلبة الشعور بالانتماء إلى وطن موحد ومتضامن، مؤمن بعدالة قضاياه ومعتز بتاريخه وهويته.
إن الاحتفاء بالمناسبات الوطنية في الوسط الجامعي هو في جوهره تربية على المواطنة الفاعلة وربط بين الذاكرة الوطنية والمستقبل الذي نصنعه جميعا..

 

● إلى أي حد استطاع المغرب أن يوظف الجامعـــة كفضاء فاعــــل ضمن سياستــــه الدبلوماسية، وما الدور الذي يمكن أن تضطلع به المؤسسات الجامعية في الترافع الأكاديمي والدفاع عن القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحــــراء المغربية؟

لقد أصبحت الجامعة المغربية اليوم إحدى أهم الفاعلين في الدبلوماسية الموازية، ولم تعد مجرد مؤسسة للتدريس وإنتاج المعرفة، بل تحولت إلى فضاء لتكوين جيل جديد من الأكاديميين والدبلوماسيين الشباب القادرين على الدفاع عن قضايا الوطن بلغة علمية ومنهجية.
فهي تواكب التحولات التي يعرفها الملف الوطني، خاصة قضية الصحراء المغربية، عبر تنظيم برامج ولقاءات وفتح النقاش أمام الطلبة، ما يجعلهم يمتلكون أدوات التحليل القانوني والخطاب الدبلوماسي الرصين.
فمن خلال هذه اللقاءات أو التكوينات يتدرب الطلبة على محاكاة المفاوضات الدولية وصياغة المرافعات القانونية، وتقديم مداخلات مؤطرة علميا في المنتديات واللقاءات الحقوقية والسياسية، ما يمكنهم من خوض تجارب ميدانية حقيقية تعزز حضورهم في الساحة الدولية. كما تنفتح الجامعة على مختلف الفاعلين من دبلوماسيين وإعلاميين وخبراء، من أجل بناء خطاب أكاديمي متوازن، يجمع بين قوة الحجة العلمية ورصانة التعبير الوطني، ويساهم في اختراق الرأي العام الدولي بخطاب مقنع ومدروس.
إن هذا التوجه الجديد يجعل من الجامعة رافعة استراتيجية للدبلوماسية المغربية، ومشتلا لصناعة النخب المتشبعة بروح الوطنية والانفتاح، القادرة على تحويل المعرفة الأكاديمية إلى فعل دبلوماسي مؤثر، دفاعا عن السيادة والوحدة الترابية للمملكة.

 

● كيـــــــف تقرئيـــــن، من منظوركم الأكاديمي والسياســــي الانتصـــار الدبلوماسي المغربي الأخير عبر القـــــرار الأممي رقم 2797، وما تداعياته على موقف المغرب في القضايا الإقليـمية والدولية؟

الانتصار الدبلوماسي المغربي عبر القرار الأممي رقم 2797 يمثل محطة مفصلية في مسار الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ويجسد تقدما دبلوماسيا يعكس ثقة المجتمع الدولي في الشرعية المغربية في قضية الصحراء.
من منظور أكاديمي وسياسي، هذا القرار يؤكد على الدعم المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس لحل سياسي واقعي ومستدام للنزاع، ويعزز مكانة المغرب كلاعب فاعل وحاسم في الإقليم.
تداعيات هذا الانتصار تمتد إلى تعزيز المغرب على الصعيد الإقليمي والدولي، ما يعكس نجاح استراتيجيات الدبلوماسية متعددة الأبعاد التي تجمع بين القوة القانونية السياسية والإعلامية، ويدفع نحو استقرار أكبر في المنطقة.

 

● ماهو الدور الذي يمكن أن تضطلع به المؤسسات الأكاديمية، خاصة كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات في تعزيز الوعي الوطني والدبلوماسية المواطنة في ظل هذا الإنجاز الدبلوماسي؟

تلعب المؤسسات الأكاديمية، لا سيما كلية العلوم القانونية والسياسية، دورا محوريا في دعم وتعزيز الوعي الوطني والدبلوماسية المواطنة في ظل هذا الإنجاز الدبلوماسي، تقع على عاتقنا مسؤولية تأهيل الأجيال الجديدة فكريا ومعرفيا لمواكبة التطورات الوطنية والدولية، وتكريس قيم الانتماء والالتزام بقضايا الوطن العادلة. كما أن الجامعة تمثل فضاء حيويا للحوار والنقاش العلمي حول القضايا الوطنية، ما ينعكس إيجابيا على تربية الطلبة على الفهم العميق للدبلوماسية والتحديات الإقليمية، وتهييئهم ليكونوا فاعلين في تعزيز مكانة المغرب داخليا وخارجيا.

 

● كيف يمكن للجامعة والكلية أن تترجـــم هذا الانتصار الدبلوماسي إلى برامج بحثية وتكوينية، تخدم الفهم العلمــــي للقضايا الوطنية، وتعزز قدرات الطلبة في التحليل القانونــــــي والسياسي على المستويين الوطني والدولي؟

يمكن للجامعة وخصوصا كلية العلوم القانونية والسياسية سطات، أن تستثمر هذا الانتصار الدبلوماسي في تطوير برامج بحثية وتكوينية متخصصة تعزز الفهم العلمي للقضايا الوطنية والدولية، فعلى مستوى البحث العلمي يمكن إطلاق دراسات تحليلية حول دور المغرب في الدبلوماسية الدولية واستراتيجيات التسوية السلمية للنزاعات الإقليمية وأثر القرارات الأممية على السياسات الوطنية. أما على مستوى التكوين، فإدماج هذا النوع من القضايا في المناهج الدراسية وورشات التحليل السياسي والدبلوماسي يتيح للطلبة تنمية مهارات التفكير النقدي، والفهم العميق للأطر القانونية والسياسية، والقدرة على المشاركة الفاعلة في النقاشات الوطنية والدولية.
بهذه الطريقة، تتحول الجامعة من مجرد فضاء أكاديمي إلى منصة لدعم المواطنة الفاعلة، وتعزيز الوعي الوطني، وتخريج أجيال قادرة على المساهمة بفعالية في خدمة قضايا الوطن على الصعيدين القانوني والسياسي.

 

● ما الدروس التي يمكن أن يستفيد منها الطلبة في مجال القانون والسياسة مـــن متابعــــــة المســـــار الدبلوماسي المغربي في قضية الصحراء المغربية؟

يمكن للطلبة استنتاج أن السياسة والقانون ليسا مجالين نظريين فحسب، بل يشكلان أدوات عملية تتداخل في صناعة القرار الدولي، لأن المسار الدبلوماسي المغربي يظهر كيف يمكن للاستراتيجية القانونية المدروسة، والقدرة على التحليل السياسي، والحوار متعدد الأطراف أن تؤدي إلى تحقيق أهداف وطنية حاسمة. كما يتيح هذا المثال للطلبة فهم دور المؤسسات الوطنية والدولية في دعم الحقوق المشروعة للدولة، ويعلمهم أهمية التخطيط الاستراتيجي والمرونة في التعامل مع القضايا الحساسة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

 

● كيف يمكن للمبادرات الأكاديمية أن تساهم في تعزيز صورة المغرب دوليا خاصة بعد هذا الانتصار الدبلوماسي؟

تلعب المؤسسات الأكاديمية دورا محوريا في نقل صورة المغرب إلى الخارج من خلال البحث العلمي، المشاركة في المؤتمرات الدولية، ونشر الدراسات المتخصصة حول الدبلوماسية المغربية، هذه المبادرات تتيح للطلبة والأساتذة تقديم تحليلات موضوعية ومنهجية حول السياسات المغربية، ما يسهم في بناء سمعة علمية ودبلوماسية للمغرب ويعزز مصداقيته كمشارك فعّال في المنظومة الدولية.

 

● في ضوء هذا الانتصار الدبلوماســــــــي، ما الاستراتيجيات التــــي تعتقدون أنه من المهم تعليـمها للطلبة لتكوين جيل قادر على الدفاع عن قضايا وطنه بفعالية؟

من المهم غرس الاستراتيجيات التالية لدى الطلبة من خلال الفهم العميق للقانون الدولي والأطر القانونية للدبلوماسية، تطوير مهارات التحليل النقدي للقضايا السياسية المعقدة والقدرة على التواصل الفعال وصياغة الحجج المنطقية، وأخيراً الانتماء الوطني والالتزام بالقيم الديمقراطية والعدالة.
هذه الاستراتيجيات مجتمعة تضمن تخريج جيل قادر على تمثيل وطنه بشكل مؤثر في الساحات الأكاديمية والسياسية والدبلوماسية.

 

● كيف ترون دور الأساتــــذة والطلبة في تمثيل الجامعــــــة والمغرب في المحافــــل الدولية، خصوصا في الترافع عن القضية الوطنية، وما الفائدة الأكاديمية والعملية مـــن هـــذه المشاركـــــات؟

يلعب الأساتذة والطلبة دورا محوريا في تمثيل الجامعة والمغرب في المحافل الدولية، إذ يشكلون سفراء معرفيين قادرين على نقل الرؤية المغربية بشكل علمي ومدروس.
المشاركة في هذه المنتديات تتيح لهم تطبيق المعرفة النظرية على الواقع العملي، وتطوير مهارات الترافع، والتحليل القانوني والسياسي للقضايا الوطنية والدولية. من الناحية الأكاديمية، تعزز هذه التجارب البحث العلمي، وتفتح آفاقا للتعاون الدولي وتبادل الخبرات مع مؤسسات تعليمية وبحثية عالمية، كما تشجع الطلبة على الانخراط في الدراسات المتقدمة والمشاريع البحثية ذات الطابع التطبيقي. أما من الناحية العملية، فهي تساهم في دعم السياسة الوطنية وتعزيز مكانة المغرب في الساحة الدولية، إذ يصبح الطلبة والأساتذة فاعلين قادرين على الدفاع عن القضايا الوطنية بطريقة محترفة، مدعومة بالمعرفة القانونية والسياسية والمنهجية العلمية، ما يجعل هذه المشاركات جزءا أساسيا من التكوين الجامعي الشامل.




تابعونا على فيسبوك