أكثر من 2400 حالة توحد بالمغرب.. تقديم دراستين لبلورة سياسات عمومية دامجة للأدلة العلمية

الصحراء المغربية
الجمعة 24 أكتوبر 2025 - 12:33

نظم تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب، الثلاثاء، بمقر مركز أفق للتوحد بالرباط، ندوة صحفية لتقديم دراستين وطنيتين رائدتين حول التوحد بالمغرب، من أجل ترافع قائم على البحث العلمي وبلورة سياسات عمومية دامجة قائمة على الأدلة العملية، بشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبدعم مالي وتقني من وزارة الشؤون الخارجية لمملكة الدانمارك.

وشهدت الندوة حضور ممثلين عن القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني والباحثين ووسائل الإعلام، حيث تمت مناقشة نتائج الدراستين والتوصيات المقترحة لتعزيز إدماج الأشخاص في وضعية توحد وضمان حقوقهم الأساسية.
وفي كلمتها بهذه المناسبة، أكدت عفاف عفان، رئيسة التحالف، أن هذه الندوة تروم إطلاق نقاش علمي وعمومي مؤسس حول التوحد بالمغرب، انطلاقا من معطيات موضوعية ودراسات دقيقة، تمكن من بناء سياسات عمومية دامجة قائمة على الأدلة العلمية، وأضافت أن التحالف يسعى من خلال هذا العمل إلى تحويل المعرفة الميدانية إلى أدوات فعلية لصناعة القرار العمومي، معتبرة أن الدراستين تمثلان لبنة أولى نحو بلورة رؤية وطنية شمولية تضمن الإدماج والكرامة للأشخاص ذوي التوحد وأسرهم.
وقد تم خلال اللقاء تقديم دراستين محوريتين، الدراسة الوطنية حول التوحد بالمغرب، تحت الإشراف العلمي للبروفيسور محمد خالص، والتي رصدت الوضعية الراهنة للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وأسرهم والمهنيين العاملين في المجال، والخطة الوطنية متعددة القطاعات للتوحد بالمغرب، التي أعدت بإشراف الأستاذ زهير عدوي، مقدمة رؤية استراتيجية مندمجة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي التوحد والنهوض بإدماجهم في المجتمع، تماشيا مع التزامات المملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان.

وشملت الدراسة الوطنية حول التوحد بالمغرب، وهي الأولى من نوعها على المستوى الوطني، ثلاث جهات رئيسية (الرباط–سلا–القنيطرة، طنجة–تطوان–الحسيمة، ومراكش–آسفي)، حيث تم رصد 2445 حالة توحد، مع غلبة للذكور بنسبة 72.8 في المائة، ومتوسط سن تشخيص يبلغ 49 شهرا، وفترات انتظار تتراوح بين سنة وخمس سنوات.
وأظهرت النتائج أن 41.3 في المائة من الأسر تواجه كلفة مرتفعة للخدمات، و56.5 في المائة من الآباء لم يستفيدوا من أي دعم أو تكوين، بينما 78.6 في المائة منهم أكدوا غياب التخطيط لمرحلة الانتقال إلى الرشد، كما بينت النتائج أن 28.6 في المائة من الأطفال غير متمدرسين، و29 في المائة فقط يستفيدون من مرافقة تربوية متخصصة أو موطر.

وخلصت الدراسة إلى وجود فوارق مجالية عميقة، وخصاص حاد في الكفاءات المتخصصة والخدمات العمومية المؤهلة، إضافة إلى استمرار اعتماد الأسر على الجمعيات رغم محدودية إمكانياتها، كما أبرزت الدراسة العبء الجسدي والنفسي الكبير الذي تتحمله الأمهات، مع استمرار الوصم داخل المؤسسات التعليمية، وضعف مواكبة مرحلة ما بعد الطفولة نحو الحياة الراشدة.
وأوصت الدراسة بضرورة تعزيز اللامركزية وتوسيع العرض الترابي للخدمات، وتكوين وتأهيل المهنيين في مختلف التخصصات، ودعم الأسر نفسيا واجتماعيا وماديا، إضافة إلى تعزيز الدمج التربوي والمهني، وإرساء إطار تشريعي ومؤسساتي منسجم يضمن حقوق الأشخاص من ذوي التوحد ويحسن جودة التكفل بهم.
أما الخطة البين-قطاعية للتوحد بالمغرب، فقد تم إعدادها بمنهجية تشاركية وبتنسيق من التحالف، لتكمل الدراسة العلمية من خلال رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة تسعى إلى بلورة سياسات عمومية منسقة في مجال التوحد، واستندت الخطة إلى نتائج البحث الوطني وإلى مشاورات موسعة على المستويين الجهوي والوطني، ورسمت خارطة طريق للتعاون بين المؤسسات الحكومية المعنية وبين الجماعات الترابية والمجتمع المدني.

وترتكز الخطة على ستة محاور استراتيجية، وهي الحكامة والتنسيق بين القطاعات، والتشخيص المبكر وضمان الولوج المتكافئ إلى الرعاية، والتربية الدامجة وتطوير الأطر التعليمية، والإدماج المهني واستقلالية البالغين ذوي التوحد، والبحث العلمي والتكوين والابتكار، وإذكاء الوعي والإعلام ومناهضة الوصم والتمييز.
وفي ختام الندوة، أكدت عفان، رئيسة التحالف، أن نتائج الدراستين تعكس التزام التحالف على تعزيز التعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والهيئات الأممية، من أجل بناء مجتمع عادل ومنفتح يضمن لجميع الأشخاص ذوي طيف التوحد التمتع الكامل بحقوقهم في الصحة والتعليم والتكوين والمشاركة المواطنة.
 




تابعونا على فيسبوك