احتضن المركز الاستشفائي الإقليمي الزموري بالقنيطرة، يوم الخميس الماضي، فعاليات الدورة الرابعة عشرة من سلسلة الندوات التوعوية الصحية، التي يشرف على تنظيمها كل من الدكتور عصام حمراس، أخصائي جراحة الجهاز الهضمي، والزميلة الصحافية نبيلة بقاس، في إطار مبادرة تطوعية تهدف إلى تقريب المعلومة الطبية من المواطنين وتعزيز الثقافة الصحية الوقائية.
وتميزت هذه الدورة بحضور بارز لشخصيات وازنة، ما شكل محطة مهمة في مسار هذه المبادرة الوطنية التي تجوب مختلف مدن المملكة منذ أكثر من عام، وقد كان سفير جمهورية أذربيجان بالمملكة، نزيم سامادوف، ضيف الشرف في اللقاء، ملبيا الدعوة رغم انشغالاته الدبلوماسية المكثفة، في خطوة تعكس عمق العلاقات المغربية الأذربيجانية، وتؤكد على قيم التعاون الثقافي والإنساني بين الشعبين.
كما حضر اللقاء محمد الهيثمي، الرئيس المدير العام لمجموعة "لوماتان"، الذي عبر عن دعمه الكبير لهذه المبادرات المواطنة، مؤكدا أن الإعلام الوطني يتحمل مسؤولية أساسية في نشر الوعي الصحي وتشجيع قيم التطوع وخدمة الصالح العام.
تكريم الأطر الصحية... لحظة وفاء واعتراف
شهدت الدورة تكريما خاصا لمجموعة من مهنيي الصحة العاملين بالمركز الاستشفائي الزموري، وذلك تقديرا لتفانيهم الدائم وإسهاماتهم المتميزة في خدمة المرضى، وتأكيدا على دورهم المحوري في ضمان وتعزيز جودة الخدمات الصحية المقدمة داخل المستشفى العمومي.
وفي كلمة بالمناسبة، عبرت نبيلة بقاس عن بالغ امتنانها للأطر الطبية وشبه الطبية، معتبرة أن هذا التكريم يشكل اعترافا صادقا بالجهود الجبارة، التي يبذلها مهنيو الصحة الذين يعملون في صمت، ويجسدون قيم التضامن والمسؤولية المواطنة.
القلق والقولون العصبي محور الندوة
اختارت اللجنة المنظمة لهذا اللقاء موضوعا يلامس شريحة واسعة من المواطنين، وهو "القلق والقولون العصبي الوظيفي: كيف نجد توازننا؟"، وقدم في هذا السياق، الدكتور محمد كحلوي، الطبيب النفساني والمعالج النفسي وأخصائي علاج الإدمان، مداخلة ركزت على العلاقة الوثيقة بين الاضطرابات النفسية ووظائف الجهاز الهضمي، وأوضح أن التوتر المزمن والقلق النفسي يعدان من أبرز العوامل التي تسهم في تفاقم أعراض القولون العصبي الوظيفي، مؤكدا أن تحقيق التوازن النفسي واعتماد نمط حياة صحي يساهمان بشكل فعال في التخفيف من هذه الاضطرابات وتحسين جودة الحياة اليومية للمصابين.
البعد الدبلوماسي والإنساني للمبادرة
حضور سفير جمهورية أذربيجان في هذه الدورة حمل بعدا دبلوماسيا يعكس انفتاح المملكة المغربية وشراكاتها المتعددة في مجالات الصحة والثقافة والتنمية المجتمعية، وقد عبر السفير سامادوف، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، عن تقديره لهذه المبادرات المواطنة، التي تجمع بين الطب والثقافة والإعلام، مؤكدا أن مثل هذه اللقاءات تعكس صورة المجتمع المغربي المتضامن والمبادر.
من جهته، أكد الدكتور عصام حمراس أن هذه السلسلة من الندوات تمثل "نموذجا عمليا لطب القرب والتحسيس المجتمعي"، مشيرا إلى أن الهدف الأساس هو تعزيز الوقاية الصحية عبر التواصل المباشر مع المواطنين، وتبسيط المفاهيم الطبية بلغة مفهومة ومتاحة للجميع، وأضاف أن الشراكة مع المجتمع المدني والسلطات المحلية كانت دائما عاملا حاسما في نجاح هذه المبادرة، التي نظمت إلى حدود اليوم أربع عشرة محطة ناجحة بمختلف جهات المملكة.
من جانبها، أكدت نبيلة بقاس أن هذه المبادرات التوعية تسعى أيضا إلى تكريس ثقافة الاعتراف، وتقدير كل من يساهم من موقعه في تغيير واقع المنظومة الصحية نحو الأفضل، مشددة على أن استمرار هذا المسار التطوعي يمثل رسالة أمل بأن العمل في الميدان وتضافر الجهود، هو الطريق الأنجع لبناء مغرب أكثر صحة ووعيا وإنسانية.
وتعد الندوات المواطنة للتوعية الصحية مبادرة تطوعية وطنية تهدف إلى نشر الثقافة الصحية الوقائية وتقريب المعلومة الطبية من المواطنين بمختلف جهات المملكة، وحرصت، منذ انطلاقتها، على دمج البعد العلمي بالإنساني من خلال تنظيم لقاءات تفاعلية تجمع الأطباء والإعلاميين والمجتمع المدني، في إطار رؤية تسعى إلى بناء وعي صحي مسؤول ومجتمع متضامن يضع الإنسان في صلب أولوياته.