في كرة القدم، لا يوجد ما هو أمتع من قلب التوقعات. في كأس العالم لأقل من 20 سنة، لم يكن كثيرون يتوقعون أن يتحول المغرب إلى اللاعب المركزي في “مجموعة الموت” التي ضمت إسبانيا، البرازيل، والمكسيك. لكن في ظرف جولتين فقط، صار المنتخب المغربي هو “المايسترو” الذي يقرر من يبقى ومن يرحل.
الأحكام المسبقة
المنتخب المغربي دخل المنافسات كفريق طموح، لكنه اصطدم منذ البداية بتصورات جاهزة: إسبانيا مرشحة أولى، البرازيل بطلة تقليدية، والمكسيك منافس شرس. غير أن “أشبال الأطلس” قلبوا المعادلة سريعاً: فوز مستحق على إسبانيا، ثم إسقاط البرازيل. هكذا ضمنوا التأهل المبكر، فيما تركوا منافسيهم في حسابات ضيقة.
اليوم، إسبانيا والبرازيل بنقطة يتيمة، ومصيرهما بات مرتبطاً ـ بشكل غير مباشر ـ بالمغرب. الأسود صاروا في موقع "الحكم"، وأي نتيجة أمام المكسيك ستحدد إن كان “الماتادور” أو “السامبا” سيظلان في المشهد أم سيغادران من الباب الخلفي.
وحين يتأهل المغرب في صدارة مجموعة بهذا الحجم، فالأمر يتجاوز مجرد رياضة. هو انعكاس لمستوى التكوين، لثقافةاوروبا تنافسية جديدة، ولثقة الجيل الشاب. والأهم أنه يرسل رسالة إلى وأمريكا اللاتينية: لم يعد المغرب مجرد محطة عابرة، بل قوة قادرة على فرض إيقاعها حتى في بطولات النخبة.
الرمزية هنا قوية: دولتان بحجم إسبانيا والبرازيل، بكل تاريخهما، تترقبان “هدية” من المغرب. هذا التحول يلخص صعود كرة القدم المغربية إلى واجهة اللعبة، من المنتخبات الأولى إلى الفئات السنية.
الذهول والاعتراف
ردود الفعل في أمريكا الجنوبية جاءت مشبعة بالدهشة. ESPN وصفت الهزيمة البرازيلية بـ"القاسية"، Infobae تحدثت عن "مفاجأة تعدد الكبار"، فيما ذهبت صحف كولومبيا والشيلي إلى أن المغرب "قلب الطاولة".
ورغم اختلاف العناوين، كان هناك إجماع ضمني: لم يعد المغرب خصما تكتيكيا عابرا، بل مفاجأة استراتيجية قد تغير توازنات البطولة.
الخصم المقبل
التأهل يفتح أبواب دور الـ16 أمام الأسود لمواجهة فرق من الصف الثاني: نيوزيلندا، بنما أو أحد أفضل الثوالث من المجموعة F. على الورق، المهمة ليست مستحيلة. لكن الأهم أن المغرب سيلعب الآن بأريحية، وهو ما يجعل خصومه في مأزق حقيقي.
في النهاية، البطولة لم تُحسم بعد. لكن ما هو محسوم أن المغرب نجح في تحويل المعادلة: من فريق يُنتظر سقوطه إلى فريق يُنتظر منه تقرير مصير الآخرين.