بنسعيد: الحكومة تؤطر الفضاء الرقمي عبر نص قانوني جديد

الصحراء المغربية
الجمعة 16 ماي 2025 - 12:48

أعلن محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بمجلس النواب، انكباب الحكومة على تأطير الفضاء الرقمي الذي بات مجالا غير مضبوط، وتتقاطع فيه حرية التعبير مع مخاطر متعددة، خاصة بالنسبة للأطفال والشباب، عبر إطار قانوني جديد.

وكشف بنسعيد، خلال عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال، الأربعاء 14 ماي 2025، حول «وسائل التواصل الاجتماعي وسبل الضبط والتقنين في أفق الحد من التداعيات السلبية لعدد من التطبيقات الرقمية»، أن التأطير التشريعي للفضاء الرقمي سيتم عبر نص قانوني، تشتغل وزارته حاليا على إعداده، مؤكدا أن هذا النص التشريعي أصبح ضرورة ملحة أمام الانتشار «المتسارع» لمنصات التواصل الاجتماعي، وما يصاحبها من مخاطر تهدد تماسك النسيج الاجتماعي.
كما أكد الوزير أن هناك ضرورة ملحة إلى إعداد إطار قانوني «وطني متكامل وشامل»، قادر على مواكبة التقنية وحماية القيم المجتمعية دون المساس بحرية التعبير، بهدف ضبط المجال الرقمي بما في ذلك المنصات الرقمية، عبر مقتضيات قانونية تنظم المحتوى، وتحمل الفاعلين مسؤوليات واضحة، وتعزز آليات الرقابة الذاتية والمؤسساتية، وتضع حدا لحالة الفراغ التشريعي التي تستفيد منها اليوم المنصات الرقمية الأجنبية خارج نطاق الرقابة القانونية فوق التراب الوطني.
وأبرز المسؤول الحكومي أن هذا الإطار القانوني الجديد، الذي يتم الاشتغال على إعداده حاليا، قبل عرضه على المسطرة القانونية الجاري بها العمل، يهدف إلى توسيع صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لتمكينها من ضبط هذا المجال وفق منظور يجمع بين حرية التعبير، وحماية الجمهور، والعدالة الرقمية، مع إعطاء أهمية قصوى لدور الدولة في حماية الجمهور من التأثيرات السلبية للمحتوى الرقمي، وتفعيل آليات التعديل الذاتي والرقابة المؤسسية.
وفي إبرازه لأهم خصائص النص التشريعي، أفاد المسؤول الحكومي أن إعطاء تعريف دقيق لخدمة «المنصة الرقمية»، أو منصة مشاركة المحتوى على الأنترنت (وسائط التواصل الاجتماعي)، تأتي على رأس هذه الخصائص، مع إخضاع مقدمي هذه المنصات إلى التزامات قانونية واضحة، تسعى إلى هيكلة العلاقة بين الدولة والمنصات الرقمية، وإلزام منصات التواصل الاجتماعي بوضع نظام فعال لتعديل المحتويات المعروضة على خدماتها، وحماية القاصرين والجمهور الناشئ، ومحاربة الأخبار الزائفة والمضامين غير القانونية، والخضوع للمراقبة والمساءلة المالية.
وشدد الوزير على أن الإطار القانوني المغربي الجديد، سيتبنى نفس الرؤية الأوروبية التي تعتبر التعامل مع الفضاء الرقمي «قضية سيادة رقمية وحماية مجتمعية»، بدل الاقتصار على اعتبارات السوق.
وفي هذا الصدد، أفاد بنسعيد أن النص التشريعي الجديد سيعتمد «نظام تعديل المحتوى»، حيث سيتم إلزام منصات التواصل الاجتماعي بوضع نظام فعال لتعديل المحتويات المعروضة على خدماتها، كاشفا أن هذا النظام يشمل تقنية ترصد بشكل آلي المضامين غير القانونية، خصوصا تلك المتعلقة بالعنف والكراهية والأخبار الزائفة، أو المحتويات الموجهة بشكل غير مناسب للقاصرين.
وأكد، في السياق نفسه، ضرورة أن توفر المنصات الرقمية، تقنيات واضحة للتبليغ من طرف المستخدمين، تتيح سرعة التجاوب مع الشكايات، مشددا على أن «الهدف من هذا النظام إرساء مسؤولية وقائية لدى المنصات الرقمية، تمكنها من التدخل قبل تزايد الأضرار المحتملة، وتضمن التفاعل السريع مع المخاطر الرقمية».
وقال الوزير إن حماية القاصرين والجمهور الناشئ، ستتم عبر إلزام منصات التواصل الاجتماعي باتخاذ مجموعة من التدابير لحمايتهم من المحتويات الضارة أو غير الملائمة، مفيدا أن هذه التدابير تشمل تصنيف المحتويات وفق الفئات العمرية، وتفعيل أدوات الرقابة الأبوية، ومنع الاشهارات التي تستغل ضعف القاصرين أو تروج لمنتجات ضارة، ثم مسح أي محتوى يمكن أن يؤثر سلبا على تطورهم النفسي أو السلوكية.
وحسب بنسعيد، فإن محاربة الأخبار الزائفة والمضامين غير القانونية، عبر إخضاع المنصات لواجب التصدي الفوري للأخبار الكاذبة أو المحتويات الزائفة أو المحرضة على العنف، أو الإرهاب، أو التمييز العنصري أو العرقي أو الديني، سيتم عبر تفعيل آليات إزالة المحتوى، والتعاون مع السلطات الوطنية في تنفيذ قرارات الهيئة العليا بالحجب أو التقييد، مشددا في الصدد نفسه على أن الإطار التشريعي يلزم المنصة الرقمية بعدم ترويج محتويات تخفي طبيعتها الدعائية أو التضليلية.
كما أفاد الوزير أن القانون الجديد يحتوي على مقتضيات الخضوع للمراقبة والمساءلة المالية، عبر إلزام الوسائط، بالنظر إلى أنها تحقق أرباحا من السوق الإشهاري المغربي، بالإدلاء بتصريحات ضريبية شفافة، واحترام مقتضيات العدالة الضريبية، والتعاون مع السلطات المالية كمديرية الضرائب، وبنك المغرب، ومكتب الصرف، خصوصا في حال صدور توصيات من الهيئة العليا بمنع أو تقييد تحويل الأموال بسبب المخالفات، مؤكدا أن البعد المالي والاقتصادي يمثل رافعة مهمة لضبط سلوك المنصات العابرة للحدود، وتكريس مبدأ الإنصاف في المعاملة بين الفاعلين الوطنيين والدوليين.




تابعونا على فيسبوك