شهدت مختلف مناطق المملكة خلال الأيام الأخيرة تساقطات مطرية مهمة، انعكست إيجاباً على منسوب المياه في السدود والوديان، حيث بلغ المخزون المائي في السدود الوطنية 4,896 مليون م³ بحلول 10 مارس 2025، مقارنة بـ 4,132 ملايين م³ في التاريخ نفسه من عام 2024.
وفي حوض سبو، الذي يضم 11 سداً كبيراً و51 سداً صغيراً، ارتفعت نسبة الملء إلى 40 في المائة وفق بيانات وكالة حوض سبو الهيدروليجي (ABHS)، حيث تجاوز المخزون المائي 2,412 مليون م³، مقابل 37% في 2014. كما سجلت ثلاثة سدود في الحوض معدلات ملء فاقت 86%، وهي بوحودة (104.6%)، وعلال الفاسي (93.1%)، وسد Garde Sebou (86.3%). بينما بلغ ملء سد الوحدة، ثاني أكبر سد في إفريقيا، 44% بقدرة تخزين تفوق 1.547 مليار م³.
وفي إقليم إفران، عادت المياه لتتدفق في وادي تزكيت، أحد المواقع المصنفة ضمن قائمة رامسار للمناطق الرطبة، حيث بلغ امتلاء سد آيت مولاي أحمد 100%، وسد مشليفن 58%، ما أدى إلى إعادة رسم الخريطة المائية للمنطقة، وظهور ينابيع جديدة.
وبمنطقة تارميلات، التي كانت معروفة بسبعة ينابيع رئيسية تغذي نهر تزكيت، مما أحيى تدفق الوادي بمساهمة وادي أحلال القادم من أعالي أفقفاق. كما أن سد تيزغيت العلوي، في الجزء العلوي من الوادي، بدأ بالامتلاء، رغم أن بعض المقاطع ما تزال جافة حتى بلوغ منبع فيتل.
وفي منطقة منبع فيتل، استعاد وادي تزكيت حيويته من جديد، بفضل التدفق القوي للمياه من وادي زروقة ومنابعه، مثل زروقة، الجرف، أبريض، وتازروالت، التي ظهرت مجدداً بعد الأمطار الغزيرة. ما يتيح للزوار الاستمتاع بمناظر الشلالات الصغيرة التي يزخر بها الوادي، قبل أن يستمر جريانه نحو زاوية سيدي عبد السلام وشلال وادي إفران المهيب، حيث يمكن للمتنزهين اكتشاف مغارة النمر ومغارة الولي الصالح سيدي عبد السلام التي أعاد تهيئتها الفنان جمال بكري.
من الناحية الفلاحية، كانت هذه الأمطار بمثابة طوق نجاة للمزارعين في زوايا سيدي عبد السلام وسيدي إبراهيم، وكذلك في منطقة عين لحناش والدواوير المجاورة، إذ أعادت الحياة إلى الأراضي الزراعية وأعطت آمالاً كبيرة لموسم فلاحي جيد. كما شهدت منطقة آيت داود أو موسى أدغاغ، بالقرب من وادي تزكيت، ظهور عدة ينابيع جديدة مثل عين أمزيل وعين ماعلي وعين بويتفاخسي، ما يعزز المخزون المائي المحلي ويدعم استدامة الأنشطة الفلاحية والرعوية.
إن عودة الحياة إلى وادي تزكيت ليست فقط خبراً سعيداً للساكنة، بل هي أيضاً مؤشر إيجابي على تعافي المنظومة البيئية في المنطقة، مما يعزز جاذبية إفران كوجهة طبيعية وسياحية مميزة.
محمد الدريهم