قضت محكمة النقض بالرباط، أمس الأربعاء، برفض طلب الطعن بنقض القرار الجنائي الاستئنافي القاضي بعقوبات سالبة للحرية بلغ مددها 28 سنة سجنا نافذا، الذي تقدم به دفاع المتهمين في قضية "كازينو السعدي" بمراكش، وذلك مرور أكثر من 16 سنة على أول بحث تمهيدي بشأن هذه القضية.
وتتعلق القضية، التي عمرت طويلا وشغلت بال الرأي العام الوطني والمحلي، بالاختلالات المالية التي عرفتها بلدية المنارة ـ جليز بمراكش، خلال الولاية التي ترأس مجلسها، القيادي الاستقلالي، عبد اللطيف أبدوح بين 1997 و2003، والتي صدر بشأنها تقرير عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، أكد من خلاله أن أكثر من 44 مليار سنتيم ضاعت في تفويت المجلس المذكور لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية وخواص بأثمنة بخسة وفي أجواء غابت فيها الشفافية.
ومن المقرر أن يحيل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض نسخة من القرار القاضي برفض الطعن بالنقض على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، طبقا للمادة 555 من قانون المسطرة الجنائية للعمل على تنفيذ منطوق القرار الجنائي الاستئنافي بإحالة الملف على الشرطة القضائية لإيداع المتهمين السجن لتنفيذ العقوبة الحبسية المحكوم بها ضدهم من طرف القضاء في هذه القضية.
وفي هدا الإطار، أوضح محمد الشينوا المحامي بهيئة المحامين بمراكش، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن القرار الجنائي الاستئنافي الصادر عن الغرفة المكلفة بجرائم الاموال بمحكمة الاستئناف، في هذه القضية أصبح نهائيا ومكتسبا لقوة الشيء المقضي به، ولم يعد قابلا لأي نوع من أنواع الطعن كيفما كانت.
من جانبه، نوه محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تدوينة له على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بقرار محكمة النقض معتبرا اياه خطوة في الاتجاه الصحيح، معربا عن أمله في أن تساهم السلطة القضائية من خلال أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد والرشوة ووضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الفساد ونهب المال العام.
وكانت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش قضت، أصدرت مساء 19 فبراير 2015، حكمها القاضي بخمس سنوات سجنا نافذا في حق المتهم الرئيسي في القضية المستشار البرلماني الاستقلالي عبد الطيف أبدوح، مع الحكم
عليه بأدائه غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم لخزينة الدولة، ومصادرة الشقق التي يملكها بتجزية "عرصة سينكو"، التي اعتبرتها النيابة العامة وملف الإحالة لقاضي التحقيق بمثابة رشوة، في حين أدانت هيئة المحكمة سبعة مستشارين جماعيين ضمنهم نائبين لعمدة مراكش، بثلاث سنوات حبسا نافدا وغرامة مالية قدرها 40 ألف درهم لكل واحد منهم، فيما قضت بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها 30 ألف درهم في حق المقاول "عبد الغني- م" صاحب مشروع تجزئة "عرصة سينكو"، وببراءة متهمين اثنين.
وبعد محاكمة استغرقت 5 سنوات، قضت غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال بالمحكمة نفسها، الخميس 26 نونبر 2020، بتأييد الحكم الابتدائي ضد أبدوح، و بإدانة 7 متهمين آخرين بـ3 سنوات سجنا نافذا و غرامة نافذة قدرها 40 ألف درهم لكل واحد منهم.
وكان الشريط الصوتي المنسوب إلى أبدوح وبعض المتهمين،من أعضاء أغلبيته في المجلس البلدي، وهم يتداولون في شأن اقتسام رشوة يشتبه في أنه تسلمها من الشركة التي كانت تستغل كازينو السعدي، مقابل تصويتهم على مقرر التفويت،الذي تسبب في خسائر مالية تقدر بأكثر من 19 مليار سنتيم من المال العام، أحد أكثر وسائل الإثبات إثارة للجدل القانوني في هذا الملف.
وخلال الاستماع إليه، في المرة الأولى، من طرف الوكيل العام، صرح أبدوح بأنه يصعب عليه تحديد ما إذا كان الصوت المنسوب إليه في التسجيل الصوتي يتعلق به شخصيا. وحين مواجهته بمضمون الشريط، اكتفى أبدوح بالرد بأنه لم يعد يتذكر بعض العبارات الواردة فيه والمنسوبة إليه من قبيل "حين أضمن بأن الإخوة أعطوا موافقتهم المبدئية على بيع الفندق سأبحث مع المعني وغادي يعطيني شي بركة وسأقسمها بالتساوي على المصوتين وسأسلم لكل واحد منهم حقه (…)سأعطي لمن سيصوت فقط لأنني إذا أعطيت لمن حضر فمعنى ذلك أنني سأنقص للمصوتين".
في المقابل، ظل دفاعه طيلة أطوار المحاكمتين الابتدائية والاستئنافية، يعتبر بأن الشريط لا يمكن أن يكون وسيلة إثبات على جريمة الرشوة،لأن المجلس الدستوري،في نظره، لا يعتد بالأقراص المدمجة في الإثبات.