يشهد قطاع التسويق عبر الهاتف في المغرب طفرة ملحوظة، حيث أصبح وجهة رئيسية للشركات العالمية الباحثة عن تخفيض التكاليف وتحسين الكفاءة. ويعتمد هذا النجاح على عوامل متعددة، مثل القوى العاملة الشابة والتكاليف التنافسية والموقع الاستراتيجي. ومع ذلك، فإن القطاع يواجه تحديات تؤثر على العاملين والشركات على حد سواء.
Parada Visual، وهي مجلة إسبانية متخصصة في تجربة العملاء ومراكز الاتصال، أبرزت، في عددها الأخير على موقعها على الإنترنت، الصعود السريع الذي يشهده قطاع التسويق عبر الهاتف في المغرب، مسلطة الضوء على الفرص الكبيرة التي يقدمها والتحديات التي يواجهها. وكتبت أن المغرب أصبح موطنًا لأكثر من 200 مركز اتصال تقدم خدمات لأسواق أوروبية وأمريكية بشكل رئيسي، حيث توظف هذه المراكز أكثر من 100,000 عامل، معظمهم من الشباب. كما يساهم القطاع، وفقا لتقرير صادر عن الاتحاد المغربي لمراكز الاتصال، بحوالي 14 مليار درهم سنويا في الاقتصاد المغربي، مع معدل نمو سنوي يقدر بـ 10%.
غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أوضحت أن الحكومة مستمرة في تحسين البنية التحتية الرقمية ورفع الإنتاجية عبر استراتيجيات مثل الرقمنة الشاملة التي تشمل أيضًا دعم قطاع ترحيل الخدمات (التسويق عبر الهاتف جزء منه)، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاستثمارات الأجنبية وتؤكد نادية السالمي، مسؤولة بأحد مراكز الاتصال في الدار البيضاء، قائلة: "المغرب يقدم حلاً استراتيجيًا للشركات الأجنبية؛ فنحن نملك فريق عمل يتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، مع القدرة على تقديم جودة عالية بتكاليف أقل بكثير مقارنة بالدول الأوروبية". فرص كبيرة رغم المنافسة تُظهر التجربة المغربية في التسويق عبر الهاتف نجاحا في قطاعات متنوعة. على سبيل المثال: مجموعة "ويب هيلب" الدولية، التي تُشغل آلاف المغاربة، استثمرت أخيرًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمات العملاء، وشركة "تيلي بيرفورمانس"، إحدى أكبر الشركات في هذا المجال، التي أعلنت زيادة استثماراتها بنسبة 20% خلال العامين الماضيين. ويسهم قطاع التجارة الإلكترونية، أيضًا، في نمو التسويق الهاتفي، حيث يشير تقرير صادر عن المكتب المغربي للصرف إلى أن معاملات التجارة الإلكترونية تضاعفت خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما زاد الطلب على خدمات الدعم الهاتفي وإدارة الطلبات. عائشة زهران، موظفة في مركز اتصال بالدارالبيضاء، تقول "عملنا لا يقتصر فقط على الإجابة عن المكالمات، بل نتولى الآن إدارة الطلبات الإلكترونية ومتابعة العملاء عبر منصات التواصل الاجتماعي. وهذا التطور يجعل العمل أكثر تحديا ولكنه يفتح آفاقا جديدة".
تحديات تؤرق العاملين والشركات ورغم النجاحات، يواجه العاملون في القطاع تحديات حقيقية. وفقًا لاستطلاع أجرته الجمعية المغربية لحقوق العمال في مراكز الاتصال، يشكو 70% من الموظفين من ساعات العمل الطويلة وعدم تناسب الأجور مع حجم العمل. يقول يوسف. ح، أحد العاملين في مركز اتصال بالدارالبيضاء: "نحن نقضي أحيانا 10 ساعات يوميا أمام الشاشات، ومع ذلك لا نشعر أن الأجور تعكس الجهد المبذول. نأمل في تحسين ظروف العمل قريبا". من جهة أخرى، تجد الشركات نفسها أمام ضغوط تبني تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وأتمتة الخدمات، مما يتطلب استثمارات كبيرة لضمان تنافسيتها في السوق. نظرة مستقبلية واعدة رغم التحديات، يبدو المستقبل مشرقًا لقطاع التسويق الهاتفي في المغرب. يخطط العديد من المستثمرين لتوسيع عملياتهم، مدفوعين ببيئة العمل الداعمة والطلب المتزايد على الخدمات. إذا تم تحسين ظروف العمل واعتماد التكنولوجيا الحديثة بشكل أكثر شمولية، فإن هذا القطاع قد يتحول إلى أحد الأعمدة الأساسية في الاقتصاد المغربي. عماد السعيدي، وهو خبير مغربي في قطاع ترحيل الخدمات، أكد أن المغرب أصبح لاعبا استراتيجيا في هذا المجال، مشيرا إلى تزايد الطلب الدولي على خدمات التسويق بالهاتف بفضل الكفاءة المهنية واللغوية للشباب المغاربة والتكاليف التنافسية مقارنة بأوروبا.